كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



 الدُّخول , الصّلاة والسُّجود

نودّ الحديثَ الآن عن أهم  إمتيازات المؤمن  العظيمة  هنا على الأرض : الدُّخول ( الإقتراب ) , الصّلاة والسُّجود لله أبينا . علينا تقدير هذه الإمتيازات وإجلالها هنا على الأرض . سوف نعالج هذه المواضيع كلٌ على حدة , وإعطاء نظرة عامّة عن كل واحد  , ونشجّع القُرّاء متابعة درس هذه المواضيع لأنفسهم من الكتب

1. الدُّخول

المعنى الحرفي للكلمة المترجمة  " دخول " في العهد الجديد هو " يُقدَّم إلى " . قد نظن أنّ المعنى هو " الطّريقة التي بها ندخل " , ولكن هذا يختزل المعنى الحقيقي. الطّريقة التي بها تترجم الكلمة اليونانيّة بصورة مختلفة في العهد الجديد , ما عدا الدُّخول إلى الآب , تعطي هذا المفهوم . لقد أُحْضِر المديون للدّائن  ( متى 18 : 24 ) ؛ إنّه لم يكن يودُّ الحضور , ولكنّه " قُدِّمَ إليهِ " . أبو الولد المحْتاج إلى شفاء قيل لهُ : " قدِّم إبْنَكَ إلى هُنا " ( لوقا 9 : 41 ) . لم يستطع الإبن الحضور بنفسهِ , لهذا كان ضرورياً أن " يُقَدَّم إليهِ " . أُنظر أيضاً ( أع 16 : 20 ؛ 27 : 27 ) . لقد كان مركز المسيحي سابقاً  " بعيد " ( أفسس 2 : 17 ) ولكن ألآن قد تمَّ تقريبه : القبول والإقتراب قد أُعْطيَ لهُ . في السّابق , لم يشأ الإقتراب من الرّب , لأنّه أجنبي ( عدو) ( كولوسي 1 : 21 )  , ولم يكن بمقدوره ذلك , لأنّه ميِّت , ( أف 2 : 1 ,5 ) التّرتيب الأخلاقي هو : التّبرير , لأننا كنّا مذنبين , السّلام , لأنّنا أعداء , وبعدها فقط الدّخول أو الإقتراب ( رومية 5 :1, 2 ) . " لأنّ بهِ لنا كليْنا قُدُوماً ( ت .ي : سبيلاً ) في روحٍ واحد إلى ألآب " ( أفسس 2 : 18  ) . نقترب الآن بالطّريق الحديث والحي ( عب 10 : 2 ) لقد قرّبنا إلى الله للأبد ( 1 بط 3 : 18 ) من النّاحية الشّرعيَّة ( المقام ) , ولكنّنا مدعُوِّين لممارسة هذا الدُّخول او الأقتراب يوماً بعد يومٍ وبصوره عمليّة ( عب 10 : 22). واضح في العهد القديم أنّ " طريقُ الأقداسِ لم تُظْهًر بعد " ( عب 9 : 8 ) . لم يكن هناك دخولاً حُرّاً ومستمرّا لقدس الأقداس الّذي في الخيمة . كان هناك دخول محدود لطبقة معيّنة من النّاس , المدعوّين كهنة , إلى القسم الأوّل- الخارجي من الخيمة , ولكن الدُّخول الكامل كان مقصوراً على رئيس الكهنة ومحدّد بحدث سنويّ خاص .

إمكانيّة الدُّخول المستمر لمحضر الله : هي المفاجأة المسِرَّة للمؤمن وكما قال أحدهم وهو صادق : " لم يجرُؤ أحد من مؤمني العهد القديم التّقدُّم إلى الله بهذه الحريّة والإنفتاح , كما هو الحال في تدبير النِّعمة الحالي و بفرح وعدم خوف , بهكذا قُربة وحميميّة و كما نحن الآن , الآتين إلى الآب بدم إبنه يسوع " .الإيمان هو الّذي يضمن هذا الإمتياز ويُمارس بجسارة . إفتقدَ بعض العبرانيين للجُّرأة الذِّهنيّة للدُّخول , مع معرفتهم بضمان الدّخول الصّحيح بدم المسيح , والإيمان به الّذي أعطاهم هذا الحق المنظور .

من المحتمل أنّهم فقدوا هذا الإمتياز لإصغائهم لمثل أُولئكَ الّذين , ما زال نظيرهم معنا أيضاً , فخدعوهم بالفكر بأنّ الدُّخول هو إلى مكان معيّن على الأرض , والعبادة متعلّقة بأُمورٍ ماديّة . التّمتُّع بالدّخول هو " بالقلب السّليم المليء بيقينيّة ألإيمان " ( عب 10 : 20 ؛ إشعيا 38 : 3 ) . التّقرُّب ( القدوم ) هو ثقة بشخص الرب يسوع المسيح ( أفسس 3 : 12 )  , " ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلاّ بي "  ( يوحنا 14 : 6 ) . إن كان كدخول أوّلي أم مستمر لله . عدم إيماننا وخطيّتنا هو الّذي يمنعنا من التّمتُّع المستمر بهذا الدُّخول .

2. الصّلاة

نتكلّم الآن عن الأُمور التي نودُّ أن تُسيْطر علينا في محضر الله , بعد نوالنا تأكيد الدُّخول . أوّل هذه ألأمور هي الصّلاة .

الحاجة للصّلاة تنبع من الحقيقة بأنّنا ما زلنا مُتّصلين بالأرض , بالنّقيض للعبادة , التي أُنْشِئت لإتِّصالنا بالسّماء . قيل :" إنّ الصّلاة هي نَفَس المسيحي الحيوي " . كما الهواء الّذي نتنفَّسه يتكوّن من عدِّة عناصر فالصّلاة أيضاً تتكوّن من :

ا) الشّفاعة -         من أجل أولئك الّذين لا يستطيعون أو يريدون الصّلاة ( لوقا 23 : 34 ) .

ب) التّأمُّل – توجيه الصّلاة بحسب كلمة الله ( مزمور 27 : 11 )

ج) الطّلب – من أجل حاجاتنا وحاجات المؤمنين ( 1 تس 5 : 25 ) .

د) عبادة – وتتعلّق بماهيّة شخص الرّب , أنظر لاحقاً .

ه) إعتراف – بخطيّه ظاهره ومعروفة ( 1 يو 1 : 9 ) .

و) شكر – من أجل بركاته ( 1 كور 15 : 57 ؛ 2 كور 8 : 6 ) .

لكي تكون الصّلاة فعّالة يجب أن تتميّز بالآتي :

ألإلحاح   -           ( 1 تس 5 : 17 )

ألإيمان    -           ( يعقوب 5 : 15 )

الذّهن                  -           ( 1 كور 14 : 15 )

القبول                 -           ( متّى 6 : 10 )

حياة القداسة          -           ( يعقوب 5 : 16)

وقار                  -           ( متى 6 : 9 )

توجّه عادةً للآب , ويجب أن تكون بالرّوح , وتقدّم من خلال الإبن ( أفسس 3 : 14 ؛ يهوذا 20 ؛ يوحنا 14 : 14 ).

الصّلاة العامّه : والّتي يجب أن تُرفَع بيد " الرّجال "  ( 1 تيم 2: 8 ) في  ألإجتماعات المخطلة , مع غطاء الرّأس للنّساء , ( 1 كور 11 : 13 ) .لا تُعتبر الصّلاة العامّة أفضل أو أكثر سُمُوَّاً , لمجرّد ممارستها بصوت عالٍ أو بنفسٍ واحد .

إنّ الصّلوات الأكثر قصراً وهدؤاً ( أي الّتي بمعزلٍ عن النّاس ) , عادةً هي الأسرع إستجابةً وقدرةً  ( نحميا 2 : 4 ؛ متى 14 : 30) . الرّب يسوع , بكونه الرّجل – ألقدوة , كمثلنا الحقيقي , قد ترك سجلاً حفلاً بالصّلوات العامّة والخاصّة , كل مدّة حياته ( مثلاً : لوقا 6 : 12 ؛ 23 : 34 ؛ حتّى وهو على الصّليب).

لقد تميّزت الكنيسة الأُولى بالصّلاة المستمرّة ( أع 2 : 42 ؛ 4 : 31 ) والّتي " قدِّمتها على ركبتيها " , ونرى تحريض الرّسول على الصّلاة بلا إنقطاع ( 1 تس 5 : 17 ) .

إنّ الصّلاة للمسيحي طبيعيّةً تماماً كالكلام للطّفل , يجب أن نتعلّمها . لقد أدرك الرّسل ذلك عندما طلبوا من الرب يسوع المسيح أن يعلّمهم الصّلاة , تماماً كما فعل يوحنّا المعمدان ,  ( لوقا 11 : 1 ) . عندما نتعلم الصّلاة ونمارسها تصبح هي الوسيلة للإتّصال بين الأرض والسّماء . نستطيع الكلام مع أبينا , وهو بمقدوره أن يمطر علينا بركاته كإستجابة لصلواتنا . الصّلة , بين السّماء المقدّسة والأرض الدّنسة مقطوعة لدى غير المؤمن .أمّا المؤمن فيقف كحلقة وصل , فهو له سميع في السّماء .

قد لا تصل الصّلاة المرفوعة أحياناً للسّماء , كما الأمر مع أمواج الرّاديو التي تتقطّع لظروف مضادّة .

خطيّة غير معترف فيها بحياة المؤمن , تؤدّي إلى عدم سماع صلواتنا ( 2 أخ 7 : 14) ضمير غير صالح يُدمِّر الصّلاة ( 1 تيم 1 : 19 ) .

التّكرار الباطل لصلواتنا ( متّى 6 : 7 ) نحن نعرف :

كلماتي تطير إلى فوق , أمّا أفكاري فتبقى تحت

كلمات بدون أفكار , إلى السّماء لا تَصِل

المواضيع المصادق عليها كتابيّاً للصّلاة تضم :

خُدّام الرب وخدمتهم له , ( 1 تس 5 : 25) .

ليرسل المزيد من الخدّام , ( متّى 9 : 38 ) .

من أجل أحدنا إلآخر , ( يعقوب 5 : 16 ) .

لأجل جميع النّاس , الملوك وجميع الّذين في منصب ( 1 تيم 2 : 1 , 2).

الصّلاة كما الدُّخول مرتبطة بالإيمان ( متّى 8 : 13 ؛ 21 : 21 , 22 ؛ يعقوب 1 : 6-8 )

دعنا نلاحظ , ( مرقس 11 : 24) , بشكل خاص :" كلّ ما تطلبونَهُ حينما تُصَلُّون , فآمنوا أن تنالوه , فيكون لكم " .

الكلمة اليونانيّة المترجمة هنا " تنالونه " , تذكر 237 مرّة في العهد الجديد , مترجمة 133 : " تنال" و 104 مرّة " تأخذ " (بحسب التّرجمة الإنكليزيّة المعتمده) . إنّها تُشير إلى فعل الإيمان المُحَدَّد الّذي ينال أو يأخذ الأمور التي يسأل من أجلها .

تتميّز صلاة الأيمان بالنّمو . كانت حياة مولر مليئة بالإستجابة لصلواته . شهد قبل إنتقاله بزمن قصير كيف أنّه على مدار ستّين سنة إختبر إستجابة الصّلاة فقال :" اليوم , إذا كانت مشيئة الله , أستطيع الثّقة بالرّب من أجل مليون دولار , بالضّبط كما كانت ثقتي به بأن يعطينا بضع أرغفة للفطور في الأيّام الأولى للميتم الّذي شرعنا العمل به " . الرب يطلب أن نؤمن به بالأمور الصّغيرة قبل أن يعطينا الطّلب المعني , مشيئته أن نصلّي صلاة الإيمان لأمور عظيمة . سر الصّلاة النّاجحة أن تكون بحسب مشيئة الله ( 1 يو 5 : 14 ؛ لوقا 11 : 2) . عندما تكون الصّلاة هكذا , فإنّ أمراً ما يحدث كنتيجة لصلواتنا , والّذي لولاها لما كان ليحدث , إن كان قبل ( إشعيا 6 : 24 ) , خلال ( دانيال 9 : 23) أو بعد ( 2 كور 1 : 11 ؛ فلمون 22 )  صلواتنا .

أخيراً , عندما نعمل الكل , ونشعر بالفشل أحياناً , لنتذكّر أنّ الرّوح نفسه" يشفع فينا بأنّات لا ينطق بها ومجيد " (رومية 8 : 26 ) .

3. السّجود

" الرُّكوع " , " أحْني ركبتيَّ " , " الوقوع " , " واقعاً على قدميه " وكلمات أخرى تستعمل للتّعبير عن السّجود . السّجود هو إفناء الذّات بالكامل , حيث نغوص تماماً بهذا المشهد , وننشغل حصراً بالفكر والكلام عن غنى الله الآب واُبنه بالرّوح . هذه هي المشغوليّة العظمى للإنسان المفدي , إنّها روحيّة ( فوق المادّة , تفوق العقل ) , من الممكن تقليدها ولكن من المستحيل إستبدالها . السّجود فوق الصّلاة , على الرّغم من إستمراريّة وجودنا  " في الجسد " , وهي عادةً تتبعها , لأنّ القلب غير المُثْقل يصبح قلباً عابداً ومنطلقاً . مع أنّ ألآب طالب  سّاجدين , فإنّه لا يفعل ذلك بدون الرّجوع إلى متطلّباته ألأبديّة , لأنّ الّذين يعبدون الرب يجب أن يعبدوه " بالرّوح والحق " . علّم الرب يسوع المسيح هذا لإمرأة لديها فكر خاطئ عن مكان وشرط العبادة (يوحنّا 4 : 21 ) .ألآب طالب مثل أولئك العبيد " الحقيقيّين " وليس أولئك " المتظاهرين , الكاذبين والمزيّفين " .

إرتبطت العبادة عادةً في أماكن معيّنة (تكوين 22 : 5 ,أوّل ذكر للعبادة ) وشروطها (تكوين 24 : 26 ؛ خروج 4 : 31 )  . أمّا اليوم , فالسُّجود " بالرّوح " هو الشّرط الوحيد المطلوب . آخر ما يذكر الكتاب عن السّجود مذكور في (زكريّا 14 : 17 – 18  ) , بكونه السّجود للملك رب الجنود . يُفْتَتَح العهد الجديد بطلب المجوس بالسّجود للملك المولود (متّى 2 : 2 ) , وتظهر كذلك بجانبها العبادة كاذبة الإسم عدد 8 . يخبرنا متّى أن الرب يسوع هو موضوع السّجود : ألأبرص 8 : 2 ؛ الرّئيس 9 : 18 ؛ التّلاميذ 14 : 33 ؛ المرأة الفينيقيّة 15 : 25 , أُم إبنَيْ زبدي 20 : 20 . لم يسمح الرب يسوع لكلّ واحد أن يسجد له (يوحنّا 12 : 20 ) , ولكن الجّميع في السّماء سيسجُد لهُ .