كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الفداء

عندما رجع الإبن الضّال لنفسه ( لو 15 ) , رجع أيضاً في طريقه الى بيت الآب , أمّا الزّانية من ( هوشع 3 ) لم تكن قادرة أو حرّة على الرّجوع . لقد كانت جارية في سوق العبيد , تنتظر زيارة مقتنيها . كانت العبوديّة ميزة الماضي البغيضة . إذا ما بيع العبد مرّة , إعْتُبِرَ كأحد أملاك السيد الكثيرة .لم يعرف الحريّة , كانت مشيئة سيّده هي القانون لكل أجزاء " وجوده " . يا لها من حالة ميئوس منها !

لقد قيل الكثير في العهدين عن العبوديّة . مجموعة الكلمات المرتبطة بها عادة ما تقدّم بارتباطها مع : الفدية , يفدي , ينقذ , يحرّر إلخ .. وفي حالات ليست قليلة يُعالج الموضوع حرفيّاً . إنّ التّعليم الأكثر أهميّة المستعمل هنا بكون العبوديّة المحزنة صورة رمزيّة , يستخدمها الله ليصوّر حالة البشر المزرية بسبب السّقوط  أظهر العهد القديم العلاقة بين الخطايا والظّلم بتاريخ إسرائيل ( أنظر : سفر القضاة ) ونقرأ في العهد الجديد : " وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ \لْفَسَادِ. لأَنَّ مَا \نْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضاً!" ( 2 بط 2 : 19 ) .

تعتبر الخطيّة عبوديّة . الخطاة هم عبيد ( يو 8 : 34 ) . البشر , بالطّبيعة , عبيد الخطيّة ( رو 6 : 17 , 20 ؛ تيطس 3 : 3 ) والشّيطان ( عب 2 : 14 و 15 ) منقادين لسلطته ( أع 26 : 18 ) وليسوا أحراراً لعمل أي شيء , والّتي يظنّون انها نابعة كلّها من " مشيئتهم الحرّة " .. ( رو 7 : 14 , 15 ) . إنّ اليهود , مع كل إمتيازاتهم العظمى , هم عبيد النّاموس ويحتاجون الى منقذ من لعنته ( غل 4 : 1 – 7 ) . بينما البشر أجمعين , مديونين وهم تحت أصفاد القيود , لا يستطيعون التَّحرُّر منها وصحيح ما قاله المزمّر : " الأَخُ لَنْ يَفْدِيَ \لإِنْسَانَ فِدَاءً وَلاَ يُعْطِيَ \للهَ كَفَّارَةً عَنْهُ " ( 49 : 7 ) . على الفدية أن تكون من فوق ( أيوب 33 : 24 ) ومن مسؤوليّة الرب إرسال  فداءاً  لشعبه  ( مز 111 : 9)  ويكون  هو فاديهم  ( أش 63 : 16) إذا

أرادوا التّحرُّر . على المحبوب أن يأتي , ذاك " الَّذِي فِيهِ لَنَا \لْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ \لْخَطَايَا " (أف 1 : 7 ) . الثّمن العظيم الّذي كلّفه حتّى يتم هذا الفداء كان دم إبنه المبارك ( 1 بط : 19 ؛ أع 20 : 28 ) وواضح كيف أن المؤمنون قد " إشتريتم بثمن " ( 1 كو 6 : 20, 7 : 23 ) وهم أحرار ( غل 5 : 1 ) لأنّه إنْ " حَرَّرَكُمْ \لاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً " ( يو 8 : 36 ) .

في العهد القديم

تُترجم الكلمة " يفدي " , ما عدا في حالتين , لكلمتين بمشتقّاتيهما . كلتيهما تستعمل بالمعنى الحرفي . تستعمل الأولى للثّمن المطلوب عن البكر ( عد 3 : 41 – 49  ؛ 18 : 15 ) أو تحرير الأشخاص من العبوديّة ( خر 20 : 8 ) . أمّا الثّانية فتستعمل لإستعادة ملكيّة إنتقلت لأيدي آخرين ( لا 25 : 26 ؛ راعوت 4 : 4 ) . تستعمل الكلمتين عادة عند الكلام عن تحرير الله لشعبه إسرائيل ( أش 29 : 22 ؛ 48 : 20 ) وفي إختبار الأفراد ( مز 34 : 22 ) . عندما تستعمل هذه الكلمات للتّشبيه , تتراجع فكرة دفع الأموال , والتّنبير يكون على الخلاص والتّحرير .

نرى في القرينة دائماً , الجهد العظيم والكلفة الشخصيّة الّتي كلّفت المحرّر , كما فعل الله عند فداء شعبه ( بيد مدودة ) . لم يكن الله مراقب محايد , بل أخذ زمام شعبه وبرهن على عظم محبّته . لقد حرّر إسرائيل في الماضي من مصر ( تث 7 : 8 ) ومن بابل ( أش 48 : 20 ) وسوف يفعل كذلك في المستقبل ( زك 10 : 8 ). إحدى الصّور الملفتة للنّظر تلك الّتي تعطيها كلمة גואל والّتي تعني " شخص يؤكّد على طلب معيّن " أو أنّ له " حق الفدية " , أو شخص يطالب بحق المغدور  وينتقم لدمه ( عدد 5 : 8 ؛ را 2 : 20 ) . الحق في الحالتين هو للولي الأقرب أو للقريب ( را  4 : 1 – 4 ) . تستعمل هذه الكلمة في أشعياء عن الله ذاته بصفته " الفادي " . إنّ هذا اللّقب يُظهِر نفحَ النّعمة . إنّ تحرير الأمّة الرّوحي والسّياسي هو

من إمتيازه , ناقشاً إيّاهم على كفّيْ يديه , محرّراً ومنقذاً . من خلال هذا اللّقب يظهر قلب الله كما أيضاً قدرته ( 43 : 14 ؛ 44 : 24 ؛ 54 : 5 ؛ 60 : 16 ) وعجز البشر ( 41 : 14 ؛ 59 : 20 ) وهي فرصة لإظهار غنى شخصه .

العهد الجديد

إستُعْمِلتْ في الكتاب كلمتين للتّعبير عن موضوع الفداء . الأوّل مماثل للإستعمال  بالأدب المعاصر في أعمال البيع , وتعني " يشتري "  , وتشدّد على حقيقة أنّ الثّمن قد دُفِعَ بالكامل ( مت 13 : 44 ) . إستعملَت الكلمة بالعلاقة مع موت المسيح للتّشديد على كلفة التّحرير . تحرير من كل الدّيون , لأولئك الّذين إشتُرِيوا بثمن وأصبحوا الآن ملكه ( 1 كو 6 : 20 ؛ 7 : 23 ؛ رؤ 5 : 9  ؛ 14 : 3 , 4 ) . بينما المؤمنون قد إشْتُرِيوا لله , لا يقال بأنّ الثّمن قد دُفِعَ لأيّ شخص . يُحضِرنا هذا الإستعمال للكلمة لتقدير النّعمة , التّضحية بالذّات , إنّنا مصنوعين لأجله . نقرأ في الكتاب , وبصعوبة للبعض , عن أولئك الّذين " يُنْكِرُونَ \لرَّبَّ \لَّذِي \شْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكاً سَرِيعاً " ( 2 بط 2 : 1 ) . إنّ شراء مثل مثل أولئك لا يعني أنّ المعلّمين الكذبة كانوا من المفديّين .  الإقتناء يختلف عن الفداء . إنّ الثّمن الغالي دُفِعَ على الصّليب . المسيح أنجز كل ما يجب فعلهُ  , على الرّغم من إنكار الكثيرين لحقوقه عليهم . هو السيّد الوحيد , صاحب السّلطة المطلقة , ولذا فإنّ كل ركبة ستنحني له وكل لسان سيعترف بسيادته , وكما يعلّمنا المثل فإنّه إشترى الحقل كلّه لأجل خاطر الكنز المخفي فيه .

شكل مشدّد لهذه الكلمة تظهر بفكرة الفداء بجانب الإقتناء ( غل 3 : 13 ؛ 4 : 5 ) تحرّروا منه اليهود الّذين تحت النّاموس ولعنته , من خلال الإيمان بالرّب يسوع . إستعملت أيضاً لحث المؤمن على إفتداء الوقت ( أف 5 : 16 ؛ كو 4 : 5 ) لذلك فإنّنا نشجّع على إقتناء كل فرصة وإستخدامها لتمجيد إسم المسيح .

الكلمة الأخرى المستعملة كثيراً في العهد الجديد , تأتي من فعل يعني : " يَفِكْ " وتشدّد على الإطلاق حرّاً بعد دفع الفدية . تستعمل أيضاً بمفهوم المحرّر السّياسي أو الفعلي ( لو 1 : 68 ؛ 2 : 38 ؛ 24 : 21 ) . عند إستعمال الكلمة في سياق موت المسيح توحي بمعنى إضافي : التّحرير الرّوحي . لقد تم دعوة المؤمن من سيرة حياته الباطلة ( 1 بط 1 : 18 ) وفدائه من كل إثم ( تيطس 2 : 14 ) . إنّ نزف دم المسيح المبارك ( عب 9 : 12 ؛ أف 1 : 7 ) قد فكّنا من قيود تقاليد الحياة والمشيئة الذّاتيّة . لقد جاء إبن الإنسان " لِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ "  ( مت 20 : 28 ) . حدّد هنا الدّائرة الّتي تضم أولئك الّذين سوف يأتون الى عمل الكفّارة ويقبلوا الغفران ( كو 1 : 14 ) والتّبرير ( رو 3 : 24 ) . لقد وضع حياته فدية عن كثيرين الّذين سوف يقدّرونها . يجب أن نميّز هذا عن تعليم (1 تيم 2 : 6 ) , حيث نجد هذه الكلمة بالتّحديد , حيث تشير في السّياق الى رغبة الله بخلاص الجّميع , ويظهر عمل المسيح مقدّماً للجّميع ولصالح الجميع . لا نقرأ أنّه مات من أجل الجّميع " \لَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً ( فدية كافية ) لأَجْلِ  ( الجّميع ) \لْجَمِيعِ " . هكذا هو زيغان القلب البشري . بينما نرى كيف صنع الله كل ما يلزم لبركة الجّميع , يرفض البشر عطيّة نعمته .

الفداء بالدّم هو من نصيب كل مؤمن الآن . في المستقبل , سيختبر المؤمن قوّة الفداء الّذي سيكون من نصيبه . كل مؤمن حقيقي للرّب يرنو نحو ذاك اليوم السّاطع لمّا يرى الرّب ونكون مثله . الخطيّة محيطة فينا بسهولة , ونشعر بقوّتها المحبِطة منجذبةً بالطّبيعة القديمة السّاكنة فينا . إنّنا في إنتظار تلك الّلحظة الّتي سوف نتحرّر من حضور وقوّة الخطيّة للأبد , عندما يتم فدائنا ( 1 كو 1 : 30 ؛ أف 1 : 14 ؛ 4 : 30 ) . هذه الأجساد ذات الحالة الوضيعة مبيعة تحت الخطيّة ولم تكتمل بعد بالفداء . نحن نعلم أنّ عمل المسيح الفدائي لا يعالج ماضينا فقط ( كو 1 : 14 ؛ غل 3 : 13 ) ويؤثّر بحياتنا الحاضرة ( تيطس 2 :14 ) بل سوف يأتي للملء بالمستقبل . لنتوجّه بالشّكر لله لأجل إبنه , الكاهن العظيم , الّذي " بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى \لأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً " ( عب 9 : 12 ) .