كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



النور والشّهادة

القراءات :

(ٱلتَّكْوِينِ 1 :1 -5 ) فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ. وَكَانَتِ ٱلأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ ٱلْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ ٱللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ. وَقَالَ ٱللهُ: "لِيَكُنْ نُورٌ" فَكَانَ نُورٌ. وَرَأَى ٱللهُ ٱلنُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ ٱللهُ بَيْنَ ٱلنُّورِ وَٱلظُّلْمَةِ. وَدَعَا ٱللهُ ٱلنُّورَ نَهَاراً وَٱلظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَٱحِداً "

(رُؤْيَا 22 :5 ) وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْإِلَهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ " .

(أَعْمَالِ 13 :40 -50 )" .. فَجَاهَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَقَالاَ: «كَانَ يَجِبُ أَنْ تُكَلَّمُوا أَنْتُمْ أَوَّلاً بِكَلِمَةِ ٱللهِ وَلَكِنْ إِذْ دَفَعْتُمُوهَا عَنْكُمْ وَحَكَمْتُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ هُوَذَا نَتَوَجَّهُ إِلَى ٱلْأُمَمِ. لأَنْ هَكَذَا أَوْصَانَا ٱلرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُوراً لِلْأُمَمِ لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصاً إِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِ.."

لقد كانت الظّلمة تغشى كل وجه الأرض , وكان اوّل ما خلقه الله هو النّور , وأوّل ما كان في فكر الله هو الفصل بين النور والظّلمة , وفي اليوم الرّابع نرى كيف أنّ الله خلق الأنوار في جلد السّماء : النورين العظيمين لحكم النهار والليل ( عد 14 – 19 ) . نرى هذا الفصل على طول الكتاب وعرضه : بين أبناء النور وأبناء الظّلمة ( بين قايين ونسله وبين هابيل – شيث عوضه – ونسله ) , وهذا الصّراع سيبقى حتّى المنتهى .

لقد برهن الإنسان فشله الذّريع في كل تدبير أوجده فيه الله :

تدبير البراءة – نرى سقوط حواء وآدم بالخطيّة وخسارتهم للبراءة الّتي ميّزت عصرهم .

تدبير الضّمير – من السقوط حتى الطوفان – حيث ترك الإنسان لضميره وكانت النتيجة : " أَنَّ شَرَّ ٱلإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ " ( تك 6 : 5 ) . وهذا حتّم النّهاية المشؤومة : الطوفان الّذي غطّى كل الأرض وقضى على كل حي ما عدا نوح وعائلته .

 تدبير الحكومة البشريّة – والّذي أعطيت السّلطة لنوح ونسله لحكم العالم , ولكن كانت النتيجة أنّ الإنسان هو نفسه الإنسان : "وَقَالُوا: "هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا ٱسْماً لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ" ( تك 11 : 4 ) , ففرّقهم الله على كل الأرض وبلبل ألسنتهم .

تدبير الآباء – وهي من دعوة إبراهيم حتى إعطاء النّاموس لموسى , فكان الحل الّذي أوجده الله بإختيار إبراهيم ويجعل من نسله أمّه مختاره تتبارك من خلالها كل قبائل الأرض ( تك 12 : 1 – 3 ) , فهذا هو الأمر الموجود في فكر الرب : كيف يكون هذا الشّعب سبب بركة لكل قبائل الأرض – كون الرب يسوع المسيح من اليهود يأتي . بهذا إبتدأ الله بعمل شهادة حيّة له على هذه الأرض . لقد كان تميّزهم , بمسير الرب معهم ( خر 33 : 16 ) ,  مشروط بسماع صوت الرب وحفظ عهده ( خر 19 : 5 ) , وتقدّسهم , أي عدم تنجّسهم بكل رجاسات الأمم الّذين سيطردون من أمامهم ( لا 18  : 24 ) , حتّي يكونوا للرب : نصيب الرب وقسمته من بين كل الشّعوب (لا 20 : 26 ؛  تث 7 : 6 ) , ويا له من تفسير عجيب يعطيه الرب لهذا الإختيار " ليْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ ٱلتَصَقَ ٱلرَّبُّ بِكُمْ وَٱخْتَارَكُمْ لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ " ( تث 7 : 7 ) , فليس مهم بأيّ تدبير , فإننا ترى نعمة الله المطلقة دائماً في خلفيّة المشاهد

إلا أنّه أفضل سفر نرى به هذه الدّعوة , بالعهد القديم , هو في سفر أشعيا :

أ) 42 : 1 – 7  " ..أَنَا ٱلرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ .." ( عد 6 ) . مع أنّ الحديث هنا نبويّاً عن المسيح , ولكن يمكن تطبيقه عمليّاً أيضاً عن شعب الله المختار ,

فبحسب الفقرة السابقة نرى سبعة أمور تلقي الضّؤ على كيفية حدوث هذا الأمر " نوراً للأمم " :

1) الإختيار  2) المسرّة  3)  الروح  4) الحق  5)  الأمان  6) البر 7) العهد

 ب)  49  : 1 – 6   " .. مِنَ ٱلْبَطْنِ دَعَانِي. مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي ذَكَرَ ٱسْمِي .. فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي ..أَنْتَ عَبْدِي إِسْرَائِيلُ ٱلَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ..قَلِيلٌ أَنْ تَكُونَ لِي عَبْداً لإِقَامَةِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِٱ " وكذلك هنا نرى أيضاَ سبعة أمور :

1) الدّعوة 2) التهيئة 3) الحماية 4) الإسناد 5) الرّد والإرجاع  6)  نور : 7) الخلاص :

ج) 51 : 1 – 4 " ..ٱلْفَرَحُ وَٱلاِبْتِهَاجُ يُوجَدَانِ فِيهَا. ٱلْحَمْدُ وَصَوْتُ ٱلتَّرَنُّمِ. اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي وَيَا أُمَّتِي ٱصْغِي إِلَيَّ. لأَنَّ شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُوراً لِلشُّعُوبِ "  ,  فالنور  للأمم مرتبط بالحق الإلهي , وحيث الحق هناك : 1) التعزية 2) الفرح 3) الإبتهاج  4) الحمد 5) الترنّم  6) القوّة  7) الثّبات .

د) 60 : 1 – 19 " (إِشَعْيَاءَ 60 :1 -19 ) " .. فَتَسِيرُ ٱلأُمَمُ فِي نُورِكِ وَٱلْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ.. لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ ٱلشَّمْسُ نُوراً فِي ٱلنَّهَارِ وَلاَ ٱلْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئاً بَلِ ٱلرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُوراً أَبَدِيّاً وَإِلَهُكِ زِينَتَكِ.

يا له من إصحاح مجيد عندما يكون كل العالم مستنير بمعرفة الرب , ويكون يسوع المسيح هو مركز عبادة

الشّعب الأرضي , بعد آلاف السّنين من الرّفض والإستنكار لذلك الحمل الوديع .

وإن كانت التّدابير تختلف فإنّ مقاييس الله لا تتغيّر  , وأفكاره تجاه شعبه كلها خير .

و) في العهد الجديد

يعلن سمعان الشيخ وهو حامل الرب يسوع بين يديه "...خَلاَصَكَ ﭐلَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجْداً لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ  .." ( لو 2 : 31 , 32 ) . ويتكلّم في العهد الجديد عن النور وهو الرب يسوع المسيح نفسه والذي يجب أن يظهر في المؤمن كفرد , والجماعة ككنيسة شاهدة للرب على هذه الأرض .

1) يسوع هو نور العالم  ,كما أنّ الله نور وليس في ظلمة البتّة ( 1 يو 1 : 5 ) فبمجيئه مضت الظلمة ( 1 يو 2 : 8 ) ... الحياة مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالنور ( يو 1 : 4 ) , وطبعاً هدف النور كي يضيء في الظّلمة , رغم أن الظلمة لم تدركه ( 1 : 5 ) , فقال يسوع صراحةً : "أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي ٱلظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ ٱلْحَيَاةِ "  (يُو 8 :12 )  . قد يكون هناك العديد من الأنوار في هذا العالم ولكنّهم من هذا العالم أمّا يسوع فهو نور العالم الحقيقي , وسوف تدان البشريّة على رفضها لهذا النور ومحبّتها للظلمة أكثر من النور , وذلك لأنّ أعمالهم كانت شريرة , فبوجودهم بقرب الرب يسوع مصدر كل نور لا بد أن تظهر مدى سواد أعمالهم فيوبّخوا عليها أمّا إبن النور فيلتصق بالرب لتظهر أعماله أنّها بالله معمولة , كان يسوع كالسراج الموقد المنير الذي طرد كل جحافل الظّلام . فنحن المؤمنين نمشي في النور لذلك لا نعثر وذلك لأنّ النور فينا ونعلم أين نذهب ولكن الدعوة هي أن نؤمن بإبن الله لنكون من أبناء النور ولا نمكث في الظلمة 

2) المؤمن كفرد  , إنّ هدف الله في خلاصنا هو أن ننير أمام جميع النّاس فلا يعقل أن توقد سراج وتضعه تحت السّرير( أو المكيال )  بل على المنارة كي يستهدي به التّائهون ويكون سبب بركة للذين يودّون الدّخول الى ملكوت السّماوات . ( لو 8 : 16 ؛ 11 : 35) وكما كان الكهنة يعالجون المنارة في خيمة الإجتماع بالمقصّات الذهبيّة كي لا يخبو نورها , نرى من واجب المؤمن السّماح لله بمعالجة دقائق حياته الخفيّة حتى لا ينطفئ نوره , ويضحي فتيله مدخّنة , تعمي الآخرين وتسبب ضيقاً . البرهان على أنّك بالنور هو إذا كان لديك محبّة لأخيك , عندها لن يكون فيك عثرة أمّا من يبغض أخاه فهو مازال في الظّلمة وغضب الله ماكث عليه .

3) الكنيسة كشاهدة ,  يمر المؤمنين سويّة بعمليّة تأهيل للعلاقة المباركة التي تربطهم معاً ,الشركة , مع كل القدّيسين , وكل ذلك في النّور . إنّ الإنسان الطّبيعي يعيش في الظّلام , وتحكمه قوانين الظّلام , وشركته مع من حوله في الظّلمة , ولا يستطيع أن يتعالى عن هذا المستوى ( كو 1 : 12 ) , أمّا الشركة المبنيّه على الجمع الّذي يعمله الله بين المؤمنين المغسّلين بالدّم فهو بالنّور : جاعلا إيّاهم أبناء نور وأبناء نهار , وليسوا فيما بعد من ليل أو ظلمة ( 1 تس 5 : 5 ) سلوكنا في النّور لا يؤثّر فقط على علاقتنا مع الله , بل أيضاً تؤثر بشكل كبير على شركتنا مع بعضنا البعض .الّتي يريدها الله أن تكون في النّور كما هو في النّور . 

 إنّ بإنتقالنا من الظّلمة الى نور المسيح العجيب يضعنا هذا في مكان ومكانة مختلفين تماماً عمّا ورثناه عن آدم .

فإنّنا :

    أصبحنا                كنّا   

جنس مختار         :       أمماً نغول                       

كهنوت ملوكي    :      عبدة أوثان

أمّة مقدّسة          :       مسلمين لأهواء الهوان

شعب إقتناء         :       هالكين

ألا يستحق منا , هذا الكريم , أن نخبر كل الملأ بفضائله العجيبة نحونا ؟! ( 1 بط 2 : 9 )

الّتي يريدها الله أن تكون في النّور كما هو في النّور .