كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



التّبنِّي

التّبنّي هو ضم أحدهم الى العائلة : أكان هذا يتيماً أم غير مرغوب فيه . بشكل عام , هناك إجراءات قانونيّة يجب إتّباعها بمثل هذه الحالات . أمّا التّبنّي بحسب المفهوم الكتابي فيختلف كثيراً . إنّ الله لا يتبنّى أيُّ إنسان ليكون إبنه , أو أيّ جماعة ليكونوا أولاده . كل المؤمنين يولدون في عائلة الله بالولادة الجديدة , وبهذه الطّريقة يضفي عليهم طبيعة إلهيّة جديدة . بالرّغم من ذلك فإنّ الأهل المتبنّين قد يحبّون بإخلاص ويهتمّون جيّداً بأولادهم المتنبنّين ولكنّهم لا يستطيعوا مشاركتهم بميزاتهم الطّبيعيّة . الكلمة المترجمة " تبنّي " في العهد الجديد هي  huiothesia وهي مركّبة من كلمتين : huios  - إبن , thesis  - مكانة . يُشير Vine بقاموسه بأنّها تشير الى مكان وشرط البنويّة الّتي أُعطيَت لأحد لا يستحقّها طبيعيّاً . إنّ بولس هو الكاتب الوحيد , بالعهد الجديد , الّذي إستعمل كلمة تبنّي , ولكنّه إستعمل أيضاً كلمة أولاد أيضاً في رو 8 . فإنّنا كأولاد ورثة الله وشركاء مع المسيح , وذلك ليس لفضل إكتسبناه . كأبناء , كما هو مكتوب في العبرانيين " وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي \لسَّمَاوَاتِ " ( عب 12 : 23 ) لا بد أن نظهر بالمجد مع المسيح .

كوننا أولاد يشدّد على العلاقة مع الله . كما يظهر في يوحنّا الأولى , حيث ذُكر المصطلح " الأولاد الصّغار " سبع مرّات . من ناحية أُخرى , تشير البنويّة الى المكان والمكانة الّتي أُعطيَت للفرد باُعتباره إبناً . دعنا ننظر بالأماكن الّتي ظهرت فيها هذه الكلمة بالعهد الجديد .

قوميّاً : التبنّي والإختيار  ( رو 9 : 4 )

في لائحة البركات , أو الإمتيازات , أو الأفضليّات التّسعة على شعوب أُخرى , الممنوحة لأمّة إسرائيل , يُشير الرّسول بولس الى التّبنِّي بكونه الثّانية , فيما يبدو كترتيب تاريخي . إنّ المصطلح " إسرائيليّين " يثبت علاقتهم بيعقوب , وهو الإسم الّذي أعطاه إيّاه الرب في فنوئيل ( تك 32 : 28 ) . لقد تعزّز ذلك فيما بعد عندما وصل الى بيت إيل حيث صنع هناك مذبحاً ( 35 : 6 –15 ) , وعندما دُعيَ موسى ليرجع الى مصر , وجب عليه تسليم تحذير لفرعون طالباً إطلاق وتحرير أُمّة إسرائيل من العبوديّة والرّق . لقد كانت الكلمة الأولى الّتي قالها موسى " إِسْرَائِيلُ \بْنِي \لْبِكْرُ " ( خر 4 : 22 ) . يشير هذا بكون إسرائيل , الأمّة بأكملها , مُعترف بها أمام الله وبعلاقته الخاصّه بهم والّتي لا يشاركهم بها احد . لقد كانت هذه مكانة أمام الله بفضل إختيار النّعمة . وبعد ذلك بقرون , عندما بات وشيكاً فقدان الشّعب لإستقلاله السّياسي بأرضه , عاد النّبي إرميا ليؤكّد أن العلاقة كما تنبّئ هو : إعادة جمع بني إسرائيل مستقبلاً من السّبي , الّذي هو أسوأ من مصر . يقول النّبي إرميا " لأَنِّي (الرب )  صِرْتُ لإِسْرَائِيلَ أَباً وَأَفْرَايِمُ  هُوَ بِكْرِي] " (31 : 9 ) ويعبّر هنا إفرايم عن كل الأمّة . الفقرة من سفر الخروج مقتبسة أيضاً في ( رو 9 : 5 ) , تُثبت المعنى السّابق للتّبنّي بفقرات أخرى فهذا يتعلّق بمكانتهم , إمتيازاتهم ومطامحهم . يعود تبنّي إسرائيل الى إختيار النّعمة المحضة ولسيادة الله المطلقة . هذه النّعمة المختارة , تعتبر حجر الزّاوية للتّبنّي . إنّ هذا التبني , الّذي يعطي مكان الأفضليّة القوميّة , لا يضمن البركة الأبديّة لأيّ فرد إسرائيلي , بل إنّ الإمتيازات النّاجمة عنه تجعل هذه البركات الرّوحيّة ممكنه أو مُتاحةٌ فقط .

فرديّاً : التبنّي والتّعيين

" إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ \لْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ..لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ \لَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي \لْمَحْبُوبِ " ( أف 1 : 5 , 6 ) , بالنّقيض لتبنّي بني إسرائيل القومي , هذا تبنّي شخصي . فهو ذو بعدين : الآني والأبدي , فإنّه متعلّق بالأبديّة كما هو أيضاً بالحياة الحاضرة . عمل مقارنة بين الفقرة في أفسس مع ( رو 8 : 29 , 30 )  , مع تكرار كلمة " الّذين " تظهر , رغم أنّ التّعيين له الوجهة العامّة , بأنّ الوجهة الشخصيّة أو الفرديّة هي المقصودة عند الكلام عن التبنّي . إنّ المؤمن هو عضو في عائلة الله , وواحد من أولاده , بواسطة الرّوح القدس , حيث أنّ تبنّينا كأبناء هو من خلال الرب يسوع المسيح وبحسب مشيئة الله المطلقة .

تدبيريّاً وإختباريّاً : التبنّي والفداء

إنّ هذا يقودنا الى إعتبار موضوع التّبنّي وإشاراته مع الإختبار المسيحي , " وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ \لزَّمَانِ، أَرْسَلَ \للهُ \بْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ \مْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ \لنَّامُوسِ لِيَفْتَدِيَ \لَّذِينَ تَحْتَ \لنَّامُوسِ، لِنَنَالَ \لتَّبَنِّيَ " ( أف 4 : 4 , 5 ) . يوضّح هذا العدد الفرق بين اليهود الّذين تحت النّاموس والمؤمن الّذي تحت النّعمة . طالما الوريث طفلاً فهو تحت أوصياء ووكلاء حتّى الوقت المعيّن من الآب . هذا هو مكان الإسرائيلي تحت النّاموس . إنّ الكلمة المترجمة أوصياء , بعدد 2 , لا تعني معلّماً , ولكن حارساً ووكيلاً , شخص ذو مسؤوليّة لحفظ البيت والأطفال . النّاموس , إذاً , لم يُعْطَ لإقتيادهم للمسيح . لقد أُعطِيَ لمواجهة حالة طارئة , كفجوة فاصلة حتى مجيء المسيح . مع موت الرب يسوع , اللّعنة الّتي إستوجبها والعقاب الذي أنتجه , حيث أُرْضِيَ البر و وأُزيلت اللّعنة , وتم إبطال مفعولها . إذاً المؤمن ليس تحت النّاموس بعد . لقد تحرّر من وصاياه . إنّه ليس تحت قوانين أو عادات لتسيير حياته . البنويّة تعني الحريّة من النّاموس كأُسلوب حياة أو كوسيلة للتّبرير . فإنّ أولئك الأبناء المعيّنين للفداء قبلوا " روح إبنه " و " روح التبنّي الّذي يصرخ يا أبا الآب " هاتين الكلمتين تكوّنان لغة الطّفل- آبّا , والإبن – الآب . أن تكون إبناً بالتّبنّي لا يلغي علاقتك كولد . المؤمنون هم أولاد الله وأبناء الله . النّاموس لا يعني فقط العبوديّة , بل أنتج , ومازال ينتج , الخوف بكل من وضعوا انفسهم تحت نيرهِ .

هذا هو الفخ الّذي نصبه اليهود للغلاطيّين , وكانوا تحت خطر إستبدال عبوديّتهم القديمة للأوثان , بعبوديّة للنّاموس , بدلاً من الدّخول الى الحريّة المقتناه بالدّم كأبناء .

مستقبليّاً : التبنّي والإستعلان 

" لأَنَّ \نْتِظَارَ \لْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ \سْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ \للهِ " ( رو 8 : 19 ) . كل الخليقة تئن : صخب الموج وعصف الرّيح وثغو قطعان الماشية : كلّها تتمخّض متوجّعة . حتّى الرّسول بولس نفسه يئن قائلاً : " وَيْحِي أَنَا \لإِنْسَانُ \لشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا \لْمَوْتِ؟ " ( رو 7 : 24 ) . إنّه باُنتظار الحالة النّهائيّة للتبنّي : فداء الأجساد , " حريّة مجد اولاد الله " ( رو 8 : 18 – 25 ) . حيث يرى أبناء الله الملائكيين الخليقة الدّنيا يصرخون فرحاً , فكيف سيكون الهتاف عند إجتماع كنيسة الأبكار أبناء الله بالإختيار  , بالتّعيين والفداء , في بيت الآب