كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الثّابت والمتغيّر
العالم المتغيّر

إننا نعيش في عالم دائم التغيير . فالتقدم الذي يحرزه عقل الانسان يزداد دائما وكذلك مصادره أيضاً . أحياناً يجلب التغيير ( في السياسة والممارسة ) نتائج أفضل . ولكن عادة , نرى التقدّم يبعد البشر عن الله وطرقه . ولكن ما هي نهاية هذا الامر ؟
إن روح أي جيل تؤثر على توجّهات شعب الله . إذا عاش الرجال والنساء في عالم يتجاهل أو يرفض دروس الماضي باحثين دائماً عن أي تغيير جذّاب فلا يمر الكثير من الوقت حتى يبدأ شعب الله بالبحث عن أمور جديدة , عن تغيير " غير شكل " أو " غير عادي " تختلف عن توجّهات وفعّاليات الجيل القديم . تجدي تلك التّغييرات نفعاً – في بعض الاحوال – إذا تأسست على فحص متجدّد لكلمة الله وتطبيقها على النفس . وفي أحياناً كثيرة لا يكون نبع التغيير الفحص أمام الرب , وهذا يجلب القليل جداً من الثّمر بكونه محاولة يائسة لتقليد طرق ووسائل العالم . تغييرات كهذه تزعزع العمل الروحي وتنتج خرابا ودمارا شاملا . يميل العديد من المؤمنين الى اليأس عندما يواجهون صراحة إحتياجات العصر والاوضاع في الكنيسة . الاحتياج عظيم ورياح التّغيير قويّة , ولكن ألله هو نفسه كما كان فهو لا يتغيير . ربنا يسوع هو هو أمس واليوم وإالى الابد . زد على ذلك ثبات الحق الذي يمييز مشورة كلمة الله .
لقد أدرك بولس مشاكل أهل أفسس والتي توقع أن تنشأ بالكنيسة فأودعها مع شيوخها لله وكلمة نعمته : " وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ " ( أع 20 : 32 ) . عندما ترك الكثيرون الرب خلال خدمته على الارض , إعتمد بطرس على المصادر الالهيّة باتكاله على الكلمة : "فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ " ( يو 6 : 68 ) . هل هناك أفضل من الاتّكال على المصادر المتاحة لنا بالله غير المتغيّر وربنا يسوع غير المتغيّر وكلمته غير المتغيّرة.

إلهنا غير المتغيّر
هناك العديد من المقاطع تؤيد هذا الحق . لنتأمل بأحدها وهي مهمة جدّاً لأيّامنا : أوقات ملاخي – المرحلة النهائية من تعاملات الله مع شعبه . كانت تلك الاوقات مظلمة وغير مشجّعة وكذلك في عمل الله . لقد كان هناك قادة دينيون ولكنهم تجاهلوا متطلّبات الله بالكامل : " الاِبْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ الْجُنُودِ أَيُّهَا الْكَهَنَةُ الْمُحْتَقِرُونَ اسْمِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟. , تُقَرِّبُونَ خُبْزاً نَجِساً عَلَى مَذْبَحِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ نَجَّسْنَاكَ؟ بِقَوْلِكُمْ إِنَّ مَائِدَةَ الرَّبِّ مُحْتَقَرَةٌ , أَمَّا أَنْتُمْ فَمُنَجِّسُوهُ بِقَوْلِكُمْ: إِنَّ مَائِدَةَ الرَّبِّ تَنَجَّسَتْ وَثَمَرَتَهَا مُحْتَقَرٌ طَعَامُهَا " ( 1 : 6 , 7 , 12 ) , أكرموا البشر ورفضوا إعطاء المجد للذي يستحقّه : " وَإِنْ قَرَّبْتُمُ الأَعْمَى ذَبِيحَةً أَفَلَيْسَ ذَلِكَ شَرّاً؟ وَإِنْ قَرَّبْتُمُ الأَعْرَجَ وَالسَّقِيمَ أَفَلَيْسَ ذَلِكَ شَرّاً؟ قَرِّبْهُ لِوَالِيكَ أَفَيَرْضَى عَلَيْكَ أَوْ يَرْفَعُ وَجْهَكَ؟ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ " ( 1 : 8 ) , خدموا لاجل المال وليس بدافع من عرفان بالجميل : " مَنْ فِيكُمْ يُغْلِقُ الْبَابَ بَلْ لاَ تُوقِدُونَ عَلَى مَذْبَحِي مَجَّاناً؟ لَيْسَتْ لِي مَسَّرَةٌ بِكُمْ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ وَلاَ أَقْبَلُ تَقْدِمَةً مِنْ يَدِكُمْ , . وَقُلْتُمْ: مَا هَذِهِ الْمَشَقَّةُ؟ وَتَأَفَّفْتُمْ عَلَيْهِ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ وَجِئْتُمْ بِالْمُغْتَصَبِ وَالأَعْرَجِ وَالسَّقِيمِ فَأَتَيْتُمْ بِالتَّقْدِمَةِ. فَهَلْ أَقْبَلُهَا مِنْ يَدِكُمْ؟ قَالَ الرَّبُّ " ( 1 : 10 , 13 ) , لم يعلّموا الشّعب الكتب وعثروا الكثيرين , بكونهم مثالاَ سيّئاَ , لذلك ليس عجباً أن نرى شعب الله ( ككل ) بعيداً جدّاَ عن مرضاته . لم يتميّز ذلك الجيل بالانفصال عن العالم كما هو المفروض في كل جيل " أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلَهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَاذَا نَغْدُرُ الرَّجُلُ بِأَخِيهِ لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا؟..[لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ] قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ [وَأَنْ يُغَطِّيَ أَحَدٌ الظُّلْمَ بِثَوْبِهِ] قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ لِئَلاَّ تَغْدُرُوا. " ( 2 : 10 , 16 ) . بكل توبيخ من الرب كان هناك سؤالاً تحدى به الشعب الله :
" بما أحببتنا ؟ " ( 1 : 2) – " بما أتعبناه ؟ " ( 2 : 17 ) – " بم سلبناك ؟ " ( 3 : 8 ) . كان في ذلك الجيل الكثير من المظاهر والقليل من الحقيقة . لقد إفتقد هذا الجيل للقوّة .
ولكن لم يُفْقَد كل شيء . " حينئذ " يقول ملاخي , حين تركت كلمة الله بشك كبير , وان الحق يقاوم كل لحظة , " حِينَئِذٍ كَلَّمَ مُتَّقُو الرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ وَالرَّبُّ أَصْغَى وَسَمِعَ وَكُتِبَ أَمَامَهُ سِفْرُ تَذْكَرَةٍ لِلَّذِينَ اتَّقُوا الرَّبَّ وَلِلْمُفَكِّرِينَ فِي اسْمِهِ. " ( 3 : 16 ) . لقد ملك الرب على قلوب تلك البقيّة , وبفضل هذا الانجذاب إختبروا فرح الشركة أحدهم مع الاخر . رغم رؤيتهم للتّغيير بكل الّذين حولهم , تميّزت حياتهم بالغنى ( كأفراد وجماعة ) بفضل حضور الرب الذي لا يتغيّر : " لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا " ( 3 : 6 ) .

المسيح غير المتغيّر
يشدد العهد الجديد على هذا الحق لتشجيع كل من يقرأ الكتاب . كان هذا كذلك للذين أرسلت إليهم رسالة العبرانيين مع كل مشاكلهم . الاضطهادات والضرورات من قبل أهل جلدتهم هو بمثابة إختبار عظيم لهم . شاركوا باقي المؤمنين بتلك الضيقات والضرورات – بل أنهم قبلوا سلب أموالهم بفرح : " مِنْ جِهَةٍ مَشْهُورِينَ بِتَعْيِيرَاتٍ وَضِيقَاتٍ، وَمِنْ جِهَةٍ صَائِرِينَ شُرَكَاءَ الَّذِينَ تُصُرِّفَ فِيهِمْ هَكَذَا.. لأَنَّكُمْ رَثَيْتُمْ لِقُيُودِي أَيْضاً، وَقَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ، عَالِمِينَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنَّ لَكُمْ مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِياً " ( عب 10 : 33 , 34 ) , هلم نقبل نحن هذه الرسالة لانفسنا اليوم . يجب أن نتمثّل – بكل تأكيد – بالذين , بالايمان والاناة , يرثون المواعيد : " وَلَكِنَّنَا نَشْتَهِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يُظْهِرُ هَذَا الاِجْتِهَادَ عَيْنَهُ لِيَقِينِ الرَّجَاءِ إِلَى النِّهَايَةِ.. لِكَيْ لاَ تَكُونُوا مُتَبَاطِئِينَ بَلْ مُتَمَثِّلِينَ بِالَّذِينَ بِالإِيمَانِ وَالأَنَاةِ يَرِثُونَ الْمَوَاعِيدَ. " ( عب 6 : 11 – 12 ) ويجب عدم ترك إجتماعنا كما لقوم عادة : " غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ " ( 10 : 25 ) ويجب أن نتذكر الذين سبقونا – مرشدينا , الذين كلمونا بكلمة الله ناظرين الى نهاية سيرتهم : " اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ. " ( عب 13 : 7 ) . بغض النّظر عن أي تغييرات , يحث الكتاب كل المؤمنين , قبلا واليوم , بأن يتمثّل بالجيل السّابق : فهم لديهم نفس الرب غير المتغيّر كما هو لنا اليوم وكما كان أكثر من كاف لمشاكل الامس فهكذا علينا أن نجده نحن اليوم لكل مشاكلنا الصّغيرة . إن الحق الثابت هو أن " يسوع المسيح هو هو أمس واليوم والى الابد " .

الكلمة غير المتغيّرة
إن لنا مصدر آخر في عالم متغيّر : كلمة الله الثابتة , والتي بدونها نكون معرّضين لخطر إتّباع كل ريح تعليم بخديعة الناس . إن إظهار الله لمشيئته وفكره بكلمته يحرسنا من الزلل . إن أمراً كهذا يؤثّر على تصرّفاتنا ولذلك من واجبنا أن نعرف متطلّبات الرب منّا , فليس من مقاصد الله أن يبقينا جهلاء فيما يخص متطلّباته وأفكاره . فهم مشيئة الله من خلال كلمته هي وسيلة فعّالة لتحفظنا من أن نلقى بعيداً عنه فنحمل بكل ريح تعليم .
كلّما تطوّرت خطة الكنيسة العالميّة ( بشريّة الصنع ) كلما إنزلق المسيحيين في مسالك متنوّعة مبتعدين عن البساطة التي في المسيح وبتناقض لتعليم كلمة الله لذلك يجب أن ننتبه أكثر " لما يقوله الروح الى الكنائس " في الكتب . بل نحن بحاجة ماسّة لإكتشاف , العوده الى , إعادة تاكيد مبادئ وتعاليم كلمة الله الثابتة المتعلّقة بموضوع الكنيسة . وهذا حصل بفضل ضغط الكنيسة العالمية – الكونية على جماعة المؤمنين مما دفعهم لدراسة الكتاب واستخراج التعاليم المختصة بهذا الموضوع . فعلى ضؤ أنصاف الحقائق والاغلاط التي ألبسوها ثوب " الوحدة الكنسيّة " , أخذ العديد من الانجيليين من طوائف مختلفة بدراسة الموضوع من وجهة النظر الكتابية . إن من وراء مثل هذا الامتحان بكلمة الله لن ينتج الا أمور جيدة وبناءة بدافع من رغبة لمعرفة مشيئته .