كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الخروف والراعي

تمهيد
إنّه من الطّبيعي جدّاً أن نرى الخروف مع الرّاعي , ولكن قد يبدو غريباً جدّاً أن تفكّر عن شخص بكونه هو الخروف والراعي بنفس الوقت . هذا جزء من روعة شخص الرب يسوع المسيح . هو الله الازلي , راعي إسرائيل , أصبح إنساناً حقّاً ليقدّم كحمل – ذبيحة خطيّة . لقد عرفه التّلاميذ أوّلاً كإنسان , نبيّ الله , المسيّا , فهتفوا : " أي إنسان هذا ؟ " , ولكن , ومع مرور الوقت , توصّل كل تلميذ حقيقي لقرار باتّخاذ يسوع كرب وإله , كما فعل توما.
حمل الله
عندما صاح يوحنّا المعمدان قائلاً : " هذا هو حمل الله الذي يرفع خطيّة العالم " ( يو 1 : 29 ) خطر في ذهن سامعيه كلمات إبراهيم : " الله سيجد له الخروف للمحرقة " ( تك 22 : 8 ) , أو خروف الفصح الذي حفظ آبائهم – الخطاة من الدّينونة في مصر , أو الحمل الذي كان يقدّم صباحاً مسائاً في الهيكل . الحمل هو الحيوان المخصص للذّبيحة . يقول بطرس إننا إفتدينا : " ... بدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ " ( 1 بط 1 : 19 ) يقودنا هذا لنفتكر بذبائح العهد القديم . يجب أن تكون الذبيحة بلا عيب من الدّاخل والخارج , ذات صحّة كاملة بدون أي عيب أو عاهة ( أنظر لا 22 : 19 – 25 ) . إن حياة المسيح على الارض تثبت كماله . لقد إعترف الناس : " لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإِنْسَانِ " ( يو 7 : 46 ) لذلك تعيّن ليكون هو الحمل " قبل تأسيس العالم " . هو مؤونة الله المعيّنة لحاجتنا قبل أن ترفع الخطيّة رأسها بزمن طويل . ولكن كان هناك حيوانات أخرى قدّمت كذبيحة : الثيران – بكونها تشير للقوّة , والعامل الذي لا يكل , الكباش – بقوّتها وذكوريّتها , التيوس – بثباتها , اليمام – برقّته وحزنه , وهذه كلّها تشير الى المسيح . لكن يتكلّم الخروف بشكل خاص عن الضّعف والاستسلام واللطافة التي في المسيح , إستعداده للخضوع لمشيئة الله , وإنسياقه لقساوة البشر .لقد أحضر " كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ " ( إش 53 : 7 ) , فهو الذي أوصانا ألا " نقاوم الشر بالشر " وكان مثالاً في هذا , وعوضاً عن الشر عمل الخير لاعدائه. لقد نظر يوحنا الرب يسوع ماشياً فصرخ ثانية : " هوذا هو حمل الله " . إننا نتعلم الكثير عن شخصية الانسان من طريقة مشيه . لقد كان سلوك – مشية وسير ربنا هو الذي أثّر في الاخرين , عندما كان يعبر خطوة بخطوة . إنّ تواضعه – رغم قدرته الفائقة – يبرهن على ملائمته ليكون حمل الذبيحة . لم يفتكر بأي فكر إنتقامي أو رد فعل كهذا . رغم تحرّكه بين أناس خطاة حفظ نفسه من الدّنس , وعلى الرغم من كونه إنساناً حقّاً , فقد إختلف عن كل الاخرين .
الله الراعي
لقد أنبأ الرب يسوع تكراراً تلاميذه عن صلبه الوشيك , ولكنه لم يتكلّم عن نفسه كحمل الله على الاطلاق . كان لديه – أكثر من أي شخص آخر – فكراً متّقداً لمعنى ربط إسحاق للمذبح على جبل المريّا , ويد أبيه مرفوعة لتذبحه . لقد كان هناك أمراً مقدّساً لا يمكن التعبير عنه بالكلام . ترك إبراهيم عبيده عند أقدام الجبل . لقد عرف الرب أن الامر سيكون أكثر قداسة عندما يصبح حمل الله المذبوح على الصّليب . لا يوجد هناك أي مخلوق قادر على الدخول في غمار ساعات الظلمة عندما إستيقظ سيف الله وضرب الراعي : " إستيقظ يا سيف على راعيّ وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود " ( زك 13 : 7 ) . أكد لنا المخلص مرّتين أنه هو الراعي الصّالح ( يو 10 : 11 –15 ) . قال أولاً : " أنا هو الراعي الصّالح .. والراعي الصالح يبذل نفسه من أجل الخراف " . لقد كان أمراً مكلفاً أن يكون راعياً صالحاً : هذا يعني مواجهة الاسد والدب . , يعني الذّهاب فوق رؤوس الجبال لاحضار الخروف الضّال . لقد أكّد لخاصّته , وبالنّقيض للأجير الاناني والجبان , بأنّه لن يتركهم للابد . إن الخروف لا يستطيع تحديد نهاية لحياته , ولكن المسيح تكلّم عن المكان الذي سيذهب إليه طوعاً لاجل خاطر خرافه , فهو لم يخاطر بحياته بل وضعها لاجلهم .
وثانياً , قال : " أنا الراعي الصالح .. أعرف خرافي وخرافي تعرفني " , فهو يعرف الحقيقي من المزيّف , يعلم الذين يحبونه بالحق . إن القول " خرافي " هو صدى للكلمة المتكررة من الرب لحزقيال : " لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا... وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي, غَنَمُ مَرْعَايَ, أُنَاسٌ أَنْتُمْ. أَنَا إِلَهُكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ " ( حز 34 : 11 – 31 ) إنّه يميّزهم عن " السّمين و القوي " الذي ينطح بقرونه . ليس فقط يدعونا بأسماء , بل هو يفهم أوضاعنا الانيّة ومشاكلنا الخصوصية واحتياجات كا واحد فينا . هو يعرف غنمه بصورة حميميّة كما يعرفه الاب ( لاحظ أداة التّشبيه " كما " في الاية : " ... َأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ... " . إنّ إدّعائه بكونه الراعي الصالح هو إدّعاء بالالوهيّة والابديّة : بكونه يهوة الذي هو راعي إسرائيل : ... يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ اصْغَ يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَالضَّأْنِ يَا جَالِساً عَلَى الْكَرُوبِيمِ أَشْرِقْ " ( مز 80 : 1 ) . كلمات الرب تحاكي كلمات مزمزر 23 – " الرب راعيّ " فهو يقول أن كل المؤونة والحماية والتعزية موجودة فيه : " أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.وَأَطْلُبُ الضَّالَّ, وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ, وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ, وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ, وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ, وَأَرْعَاهَا بِعَدْلٍ" ( حز 34 : 15 –16 ) .
الراعي العظيم ورئيس الرعاة
في أّيامنا هذه , كل شيء مضمون للمؤمن لان إله السّلام : " ... الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ،لِيُكَمِّلْكُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ ..." . نراه في سفر الرؤيا كالخروف الصغير المذبوح وكالراعي الحي . أما عن القديسين الذين أتوا من الضيقة العظيمة فيقول : " لأَنَّ الْحَمَلَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ»." ( رؤ 7 : 17 ) , فهو ما زال يسير في الطّليعة والخراف تتبعه يقول بطرس : " لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لَكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا " ( 1 بط 2 : 25 ) إن عمل الراعي والاسقف متجانسين كثيراً .
إنّ رئيس الرعاة أعطى بعض الرجال أن يكونوا رعاة ( وهي نفس الكلمة في إف 4 : 11 " وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِين " وإر 3 : 15 " وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً حَسَبَ قَلْبِي فَيَرْعُونَكُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ " ) , والشيوخ كذلك من واجبهم الاعتناء بالقطيع , فإن فعلوا بأمانة - بعد أن يقدموا حساباً له - سينالون إكليل المجد ( أنظر 1 بط 5 : 1 – 4 ) . في ذلك اليوم , الذي راهن فيه على أن غنمه لن تهلك سيقول ثانية عند بوق القيامة : " الذين أعطيتني لم يهلك منهم أحد " :
" وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي" (يو 10 : 28)
" حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ..." (17 : 12) .
" لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً».(18 : 9 )