كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



عمل الروح القدس

إن المدى الواسع لهذا الموضوع الهام لن يسمح لنا لأكثر من إعتبار مختصر لفعّاليات روح الله من خلال أربعة أوجه : عمله في الخليقة , التبكيت , التّجديد ونجمل بعمله في المؤمن .

عمل الروح في الخليقة
يعلن العدد الاول من الكتاب المقدس عن حقيقة الخلق "فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ. " ( تك 1 : 1 ) .نرى هنا خليقة الله الاصلية للسماوات والارض مؤمنين أنها كانت جيّدة وكاملة . لذلك يعتبر العدد الثّاني صدمة لنا , حيث يصف الارض بكونها خربة وخالية . " وَيَرِثُهَا ٱلْقُوقُ وَٱلْقُنْفُذُ وَٱلْكَرْكِيُّ وَٱلْغُرَابُ يَسْكُنَانِ فِيهَا وَيُمَدُّ عَلَيْهَا خَيْطُ ٱلْخَرَابِ وَمِطْمَارُ ٱلْخَلاَءِ" ( إش 34 : 11 ) يستعمل نفس الكلمتين : الخراب والخلاء . أي أن الخراب والفوضى حلّا محل الخليقة الاصليّة . لن ندّعي أننا متيقّنين من الجواب ولكن لدينا إقتراح . إن ظهور روح الله في الكون لأول مرّة مرتبط بهذه الحالة . ويوصف الروح بكونه يرف على وجه المياه . إن هذا رمز رائع لعمل الروح القدس في إحياء النّفوس روحيّاً من ظلمة الموت ! فهو يرف فوق الفوضى وظلمة طبيعتنا الخاطئة يعيد الترّتيب للفوضى , النور بدلاً من الظلمة .
يوجد هناك مقابلة كاملة بين فعّاليات الروح في الخليقة الماديّة بعمل الروح القدس في الخليقةالعاقلة :
الاصلاح يتبع الخراب : " إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً" ( 2 كو 5 : 17 )
الاستنارة تتبع الظلمة : "لأَنَّ ٱللهَ ٱلَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ ٱلَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لِإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ ٱللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ " ( 2 كو 4 : 6 )
إنفصال النور عن الظلمة , الخير عن الشّر – حث الرسول بولس أهل كورنثوس عدم مهادنة الشر لانه : " أي شركة للمؤمن مع غير المؤمن " , فنحن هيكل الله ولذلك لا إتفاق بين هيكل الله والاوثان " لِذَلِكَ ٱخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهِمْ وَٱعْتَزِلُوا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِساً فَأَقْبَلَكُمْ "( 2 كو 6 : 17 ) .
التّحرير : " وَقَالَ ٱللهُ: "لِتَجْتَمِعِ ٱلْمِيَاهُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَٱحِدٍ وَلْتَظْهَرِ ٱلْيَابِسَةُ". وَكَانَ كَذَلِكَ. " ( تك 1 : 9 ) جمع المياه لمكان واحد وظهور اليابسة : كل جبل واد وسهل تحرر من قبضة المياه العظيمة . " فَاثْبُتُوا إِذاً فِي ٱلْحُرِّيَّةِ ٱلَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا ٱلْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ" ( غل 5 : 1 ) .
الاثمار يأتي بعد ذلك : " وَقَالَ ٱللهُ: "لِتُنْبِتِ ٱلأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى ٱلأَرْضِ وَكَانَ كَذَلِكَ" ( تك 1 : 11 ) هكذا الامر مع المؤمن أيضاً فهدف تحريرنا : أن نثمر لله , وبكلمات الرب يسوع : " بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِي" (يو 15 : 8 ) ,وبعدها :
الشّهادة " وَقَالَ ٱللهُ: "لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ ٱلنَّهَارِ وَٱللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. وَتَكُونَ أَنْوَاراً فِي جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى ٱلأَرْضِ وَكَانَ كَذَلِكَ" ( تك 1 : 14 , 15 ) , فهو إمتياز المؤمن فقط أن يثمر بل ويشهد لله لعالم رفض المخلّص : " أَنْتُمْ نُورُ ٱلْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ " ( مت 5 : 14 ) , فبكوننا جسد المسيح على الارض , من واجبنا أن نتقدّس ونحيا كشهادة حسنة له ولأجله . يا ليت برهان عمل الروح يرى في كل حياتنا .

عمل الروح للدّينونة
لقد وقف بطرس مع الاحد عشر تلميذاً , في يوم الخمسين وأعلن أن ما يشاهدونه هو تتميم لنبوة العهد القديم : " يَقُولُ ٱللهُ: وَيَكُونُ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً", "«وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى. " ( أع 2 : 17 , يوئيل 2 : 28 ) . هذا العمل بكل الجنس البشري – في كل العالم اليوم , عاملاً في غير المؤمن كروح الدّينونة أو " التّبكيت " , لإحضار الانسان الى طرق الله وخططه . في عظة الرب بالفصح , تكلم عن الروح القدس كديان العالم : "وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ ٱلْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا ٱلْعَالَمِ قَدْ دِينَ. " ( يو 16 : 8 – 11 ) إن الخطية الاساسيه هي عدم
الايمان بإبن الله : " لانهم لا يؤمنون بي " . تكلم الرب عن ثلاث مجالات مختلفة : الخطية , البر والدّينونة أي فيما يختص بالماضي والحاضر والمستقبل . الخطية هي للخاطيء , البر هو للمخلّص , والدينونة ( التامة بمقاصد الله ) هي للشيطان- رئيس هذا العالم . كم يجب أن نشكر الله من أجل عمل الروح القدس بتبكيتنا على خطايانا حيث يقودنا ويوجّهنا الى البر المقدم لنا الان بالرب يسوع ( بعد إرتفاعه الى الاب ) .

عمل الروح للتّجديد
هذا أمر ضروري جدّاً . لا يستطيع أي شخص أن يصبح إبن لله إلا بعمل الروح القدس التّجديدي وهذا ما عبّر عنه الرب يسوع المسيح بصورة واضحة وقاطعة لنيقوديموس : " لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ" ( يو 3 : 7 ) . لا يوجد هناك أي شك في إخلاص نيقوديموس على الاطلاق , ولكن الاخلاص لا يعمل منك إبن لله : " اَلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَٱلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلرُّوحِ هُوَ رُوحٌ " (عد 6) , فهنا يوجد مملكتان : الطبيعية والروحيّة . يا له من أمر عجيب كيفية يتحول إبن النّسل الادمي الخاطيء الى وارثاً لملكوت الله ؟؟ هذه هي المشكله التي واجهت نيقوديموس وتواجهنا اليوم أيضاً . وهنا لا مجال للغلط لان هذا سيقرر مصيرنا الابدي , هناك طريق واحدة لفوز إبن النّسل الادمي بالورثة : بالولادة فقط . هكذا هو الامر هنا أيضاً : " أَجَابَ يَسُوعُ: «ﭐلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ ٱلْمَاءِ وَٱلرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللَّهِ" ( يو 3 : 5 ) . قد تختلف التّفاسير لهذه الاية , ولكن من الواضح أن لا بد من الولادة الجديدة ( بالماء والروح ) .لربما تذكّر نيقوديموس التّطهير الرّمزي بماء المرحضة : " بِمَ يُزَكِّي ٱلشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ" ( مز 119 : 9 ) . يبدو أن العهد الجديد يلتصق بهذا الفكر دائماً : " مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ ٱللهِ ٱلْحَيَّةِ ٱلْبَاقِيَةِ إِلَى ٱلأَبَدِ" ( 1 بط 1 : 23 ) , " شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ ٱلْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ" (يع 1 : 18
) , " ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَٱبْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ ٱلتّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ ٱلَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا. " ( يو 13 :5 ) . يرمز الماء هنا الى كلمة الله . يأخذ الروح القدس كلمة الله ويطبّقها على العقل والنّفس فيولد الانسان من الله . كما سبق وقلنا , تعبّر الحياة الجديدة عن نفسها قطعاً , كاشفة عن طبيعتها وصفاتها التي لا تخطيء . إن العقل يتجنّب حياة الله , إذ هو عدو لها : "لأَنَّ ٱهْتِمَامَ ٱلْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعاً لِنَامُوسِ ٱللهِ لأَنَّهُ أَيْضاً لاَ يَسْتَطِيعُ" ( رو 8 : 7 ) لإن فكر الانسان الطّبيعي مظلم , بالامور الروحيّة لفقدان المحبّة : " إِذْ هُمْ مُظْلِمُو ٱلْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ ٱللهِ لِسَبَبِ ٱلْجَهْلِ ٱلَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ" ( أف 4 : 18) لأن النور غير موجود . إن الحياة بدون المسيح ليست بالحياة إطلاقاً , لأن جميعنا ( كنا ) أموات بالذنوب والخطايا : " وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا" ( أف 2 : 1 ) . الانسان تحت سلطان الظلمة : " الَّذِي ٱنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا ٱلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ " ( كو 1 : 13 ) , لان الحرية مفقودة . كل هذه : المحبة , النور , الحياة والحريّة , مضمونه لذاك المولود الجديد من روح الله .

عمل الروح في المؤمن
الوعد بالروح
" وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ ٱلآبِ( بكون الاثنين متساويين بالجوهر ) فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ رُوحُ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ ٱلْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ " ( يو 14 : 16 , 17 ) لقد وعد ربنا تلاميذه بالروح القدس ." لانه ماكث معكم ! " – أي بهجة وتشجيع وعزاء , تعمل هذه الكلمات للنّفس الواثقة , والتي تجد نفسها عادة مرفوضة من هذا العالم . عرف ضرورة حاجة التّلاميذ ( ونحن بدورنا ) لهذا الوعد- عند مواجهتهم لعالم معادِ - الرب يسوع المسيح فقط .
حضور الروح
لم نأخذ الروح القدس ليمكث معنا فقط و ويكون المعزي والموجّه والمعين , بل ليكون فينا . يكتب بولس الرّسول لاهل كورنثوس , والذين كان بينهم حسد وخصام ونشقاق , مذكّراً إّياهم أنهم ليسوا فقط فلاحة الله وبناء الله بل هم هيكل مقدّس لله : "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللهِ وَرُوحُ ٱللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ ٱللهِ فَسَيُفْسِدُهُ ٱللهُ لأَنَّ هَيْكَلَ ٱللهِ مُقَدَّسٌ ٱلَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. " ( 1 كو 3 : 16 , 17 ) , وما هو الثّمر العملي لهذه الحقيقة الرّائعة : "... فَمَجِّدُوا ٱللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ لِلَّهِ. " ( 6 : 20 )
هدف الرّوح
إن الهدف الاساسي للروح عند مجيئه , ليس إعلان ذاته , ولا لفت الانظار لشخصه , وإنّما هدفه تثبيت أنظارنا على المخلّص . فبالنّسبة للتّلاميذ , الرب يسوع المسيح هو موضوع إيمانهم , على الرّغم من وجود العديد من الاشياء التي لم يخبرهم بها الرب يسوع , لقصور في قدرتهم , فأكمل الروح القدس العمل: "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ ٱلْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. " ( يو 16 : 13 , 14 ) .
قوة الروح
إن عمل الروح هو برهان القوة . القوة تأتي مع حلول الروح القدس . تعطينا رسالة غلاطية هذا الحق – فعّاليات روح الله في حياة المؤمن - بأكثر وضوحاً من أي مكان آخر , وباختصار :

روح الله وامتيازات المؤمن
" ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ ٱللهُ رُوحَ ٱبْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا ٱلآبُٱ. إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ٱبْناً، وَإِنْ كُنْتَ ٱبْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ. لَكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ ٱللهَ ٱسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً" ( غل 4 : 6 – 8 ) عندما كنا أبناء هذا العالم , كنا مقيدين بمبادئ هذا العالم , ولكن عندما جاء ملء الزّمان (أي الوقت المعيّن الاب ) " .. أَرْسَلَ ٱللهُ ٱبْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ ٱمْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِنَنَالَ ٱلتَّبَنِّيَ" ( 4 : 4 – 5 ) . عندما يتبنّى الانسان شخصاً بصورة قانونيّة , يحصل الابن على كل الامتيازات الابن الالمولود , ولكن لا يستطيع الاهل إكساب طبيعتهم أو روحهم لذلك الطّفل . أما التبني في المملكة الروحيّة فيختلف : " ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ ٱللهُ رُوحَ ٱبْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا ٱلآبُ " ( عد 6 ) .

روح الله وصراع المؤمن
" وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ ٱلْمَوْعِدِ. وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ ٱلَّذِي وُلِدَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ يَضْطَهِدُ ٱلَّذِي حَسَبَ ٱلرُّوحِ، هَكَذَا ٱلآنَ أَيْضاً. لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ ٱلْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ ٱلْجَارِيَةَ وَٱبْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ٱبْنُ ٱلْجَارِيَةِ مَعَ ٱبْنِ ٱلْحُرَّةِٱ. إِذاً أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ ٱلْحُرَّةِ." ( غل 4 : 28 – 31) أمامنا مثال تاريخي . كان لإبراهيم ولدين , الاول إبن الجارية ( هاجر ) والثاني إبن الحرة ( سارة ) . ولد الاول حسب الجسد اما الثاني فبحسب وعد الله . مجيء إسحاق للبيت سبب صراعاً أعقبه طرد إبن الجارية – هكذا هو الامر الان . إن المولود من الجسد يضطهد المولود من الروح , ولكننا نحن لسنا أبناء الجارية بل الحرّة : " فَاثْبُتُوا إِذاً فِي ٱلْحُرِّيَّةِ ٱلَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا ٱلْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ " ( غل 5 : 1 ) .

روح الله وسلوك المؤمن
"وَإِنَّمَا أَقُولُ: ٱسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ" ( غل 5 : 16 ) مهما يكن سيرنا ودعوتنا في الحياة , علينا إلزام نفوسنا بالسّير حسب " قوانين " دعوتنا . بحسب هذا المقياس وحده , نستطيع المحافظة على مركز إعترافنا . لنسلك إذاً بحسب قوانين الروح ولا نكمل شهوة الجسد . لم نعط وعداً بعدم وجود الشهوة , ولكن دعينا كي لا نكمل هذه الشّّهوة .

روح الله وقيادة المؤمن
" وَلَكِنْ إِذَا ٱنْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ" ( غل 5 : 18 )
إذا لم ننقاد بالروح ولم نتوجه بحسب الفكر الروحي , فلا بد وسنحصد نتائج هدّامة في حياتنا .
المشيئة الذاتيّة تنتج قيود وعقم . ولكن إعطاء أنفسنا الفرصة للانقياد بالروح يحررنا بالكامل .

روح الله وإثمار المؤمن
" وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ( إدراك داخلي ) طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ( الاظهارت
الخارجيّة) إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ ( القيمة القصوى ) " ( غل 5 :22 ) .
يا له من تناقض واضح بالاعداد السابقة : أعمال الجسد وثمر الروح . الاول بالجمع مما يشير الى
الصراع وعدم الوحدة والاخير بالمفرد مشيراً الى الكل المتجانس . أين يجب أن نبحث عن الحياة
المملؤوة بالروح , الورعة التقيّة ؟ ألم تتجلى بحياة ربنا المعبود لما كان على الارض ؟! فالمحبّة
ميّزت حياته وتثبّتت بمماته . الفرح العميق وغير المتغيّر – حتى في ظلمة الصليب – ملء نفسه
المقدّسة . لقد تحرّك بثبات بجو السّلام , غير آبه للعواصف أو لمخاوف تلاميذه أو تهديدات أعدائه .
لقد عانى من قلّة الايمان والخيانة وعم الفهم – ولكن تحمل هذا بكل بطول أناة . كان دائماً لطيفاً
ومسالماً , يعمل الخير . لم يغرق ولو للحظة بالذات أو بالانانية ! من مثله قادر أن يقول : " عملت
مشيئتك بالكامل يا الله " .

روح الله وخدمة المؤمن
" لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ ٱلْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَاداً، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ ٱلرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. "
( غل 6 : 8 ) .
يا لها من فرصة تقدّم للمؤمن أن يزرع بالروح ويحصد الثّمر !! هناك للذي أخذ في زلّة إمكانيّة
للاصلاح : " .. فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ ٱلرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هَذَا بِرُوحِ ٱلْوَدَاعَةِ، نَاظِراً إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ
أَيْضاً. " ( 6: 1 ) . تشير كلمة " أصلحوا " , الى اللطافة والوداعة في إصلاح مكانة غير صحيحة
لعضو بجسد المسيح , وهناك المتعب والمثقل حتى نرفع معه : " اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ وَهَكَذَا
تَمِّمُوا نَامُوسَ ٱلْمَسِيحِ ( عد 2 ) . وتصيح فكر المتعب والمثقل : لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ" (
عد 5 ) وأخيراً مسؤولية السّامعين تجاه من يعلّمهم كلمة الله : "وَلَكِنْ لِيُشَارِكِ ٱلَّذِي يَتَعَلَّمُ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمُعَلِّمَ
فِي جَمِيعِ ٱلْخَيْرَاتِ" ( عد 6 ) وأخيراً : "فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ ٱلْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ
نَكِلُّ. فَإِذاً حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ ٱلْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ ٱلإِيمَانِ" ( عد 9 و 10 ) .