كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



القطيع الصّغير

إنّ الكلمة المترجمة " رعيّة " قد تكون الشّكل المصغّر للكلمة المترجمة في ا يو 10 : 16 ) . حيث إستعملها الرّب يسوع المسيح ليشير الى مجموع خاصّته . إستعملها الرّسل , كما يبدو واضحاً من الفقرات أدناه , للدّلالة على الجماعة المحليّة . قال بولس في الخطاب الوداعي الّذي وجّهه الى شيوخ كنيسة أفسس "اِحْتَرِزُوا اذاً لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ " أع 20 : 28 )  , بينما يعظ بطرس الشّيوخ قائلا : "إرْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّاراً، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاِخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ،  وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ " ا 1 بط 5 : 2 , 3 ) . إنّ هذا التّعبير جميل جدّاً , لكونه يعبّر عن عدّة أفكار . فإنّه يتكلّم إلينا عن:

الضّعف في حضور العدو .

الإتّكال على عناية الرّاعي .

الإستسلام لقيادة الرّاعي .

الوحدة الّتي تُحفظ وتُصان .

من الملاحظ بانّ الرّاعي هو متحمّل المسؤوليّة الكاملة عن القطيع . من المتوقّع منه أن يكون هو المُعْتَنِي , المُدافع والمثال , وبكونه كذلك , يتميّز بالمحبّة والتّقوى , الحكمة والمهارة , الصّبر والإصرار .

لقد ظهرت المواصفات السّابقة فيه بصفته " راعي الخراف العظيم " ولكنّه أيضاً " رئيس الرّعاة " ولأنّه هكذا , وبضمن رعايته للقطيع , أقام رعاة . فمن المطلوب من هؤلاء الرّعاة التّشبُّه برئيس الرّعاة :

بمحبّتهم للقطيع وتقواهم .

بحكمتهم للإطعام , ومهارتهم بالعناية .

تشجيعهم للحماية ضد أي هجوم للعدو .

بقيادتهم كأمثلة للرّعيًّة .

هذا المخطّط للوظيفة يصف عملهم بالعلاقة مع الإجتماع , يخدمون الرّعيَّة من قبل رئيس الرّعاة بمسؤوليّة مباشرة تجاههُ . ليحفظ الرّعاة ذلك في قلوبهم دائماً . رئيس الرّعاة , صاحب الرّعيّة , يمسك بهم بخضوع ومسؤوليّة لحاجة تلك الرّعيَّة .

يشدّد بطرس على ذلك بصورة قاطعة عندما يقول " ليس كمن يسود على أنصبة " ا 1 بط 5 : 3 ) . إنّ ملامح سلوك الشيوخ , بعلاقتهم مع الرعيّة هو الموضوع تحت الفحص , وقوّة الوعظ هي " ألاّ نكون أشخاصاً يسودون على الرعيّة كمناصب , وننظر الى القدّيسين كشيء تابع لنا " . الشّيوخ في الإجتماع ليسوا جسد تحكّم , ولا يؤلّفون قاعدة إداريّة , بل هم هبة السيّد المقام للإجتماع . وُضعوا في عملهم بالرّوح الأزلي , وتعتبر خدمتهم للقدّيسين حفظ سلطة الرّب , بصورة عمليّة , من أجل تطوير وضع الجماعة الرّوحي والأخلاقي , لمجد ذاك السّاكن في الوسط . ليضع أعضاء الرعيّة في أذهانهم حقيقة كونهم مُعيّنين من الرب وسيقدِّمون حساباً عن خدمتهم " في ذلك اليوم " , والوعظ هو "أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَاباً، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هَذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ " ا عب 13 : 17 ) . عملهم هو القيادة كأمثلة للرعيّة .

من إمتيازات الرّعاة التّواصل مع فكر رئيس الرّعاة , ليقودوا خطوات القطيع في السّبل المستحسنة لديه , بقوّة وتأثير مثالهم , أكثر بكثير من وعظاتهم وتعليمهم . يا له من أمرٍ جدّي , أن يؤثّر أحدهم – ممّن أُعلنَ عنه كقائد – إن كان بكلمة أو بتصرّف , على أيّ فرد من الرعيّة بصورة لا تتطابق مع أفكار ذاك الّذي يمتلك الرعيّة .

لقد كان داوود قائداً حقيقيّاً لرعيّة الله ا مز 78 : 70 – 72 ) وقيل عنه أنّه " وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي " ا أع 13 : 22 ) . إنّ ممارسته العميقة في وسط شعبه المعيّن لقيادته تمثّل بإرجاع تابوت الله – عرش الله – الى مكانه الصّحيح في وسطهم وتوحيد الأسباط تحت سلطة ذلك العرش , بطاعة مفرحة لقانون الله . ما زال هذا هو عمل القائد الحقيقي : إكساب القدّيسين صفات قادتهم . لذلك , فإنّ القائد الحقيقي هو شخص يستطيع الوقوف أمام القدّيسين , ويقول كجدعون " مَا رَأَيْتُمُونِي أَفْعَلُهُ فَأَسْرِعُوا افْعَلُوا مِثْلِي" ا قض 9 : 48) .

عملهم الحماية من كلّ هجوم

لذلك يكتب بطرس , بإيحاء البلوى المحرقة , ليحذّر رُعاة القطيع من " الأسد الزّائر " الآتي ا 1 بط 5 : 8 – 9 ) . وكذلك يفعل بولس بخطابه الوداعي لشيوخ أفسس ا أع 20 : 29 , 31 ) . لقد ميّز بولس مصدرين للخطر : من الخارج , هجومات على حياة شهادة الإجتماع , ومن الدّاخل , هجومات لضرب وحدة المؤمنين . إنّ الكثير من المبادئ " المتطوّرة " اليوم , تًهدّد شهادة الإجتماع . يسعى الرّاعي الحقيقي وراء مصالح رئيس الرّعاة في قطيعه , مع عيون مفتوحة على المخاطر , مميّز مصدر الهجومات , فهو يمارس صوت التّحذير بإخلاص , على الرّغم من تبرّم البعض , حتّى من داخل الإجتماع نفسه, من هذه الأصوات .

عملهم الإطعام

لقد عنون الرّسول بطرس كلمته للشّيوخ في زمانه " إرعوا رعيّة الله " . إنّ الكلمة واسعة في معناها وتشمل كل أعمال الرّاعي , وتضع على عاتقه مسؤوليّة إيجاد مراعِ خضراء لإطعام الرعيّة . يصف مزمور 23 القطيع , كمعتنى به بيد الرّاعي الكامل . ليعمل الرّعاة عملهم بحسب هذا المثال . كم هو مهم بأن تغذّي القطيع ! في الرّسائل الى الكنائس , في رؤيا 2 و 3 , يتكلّم الرّوح كثيراً عن الخدمة الّتي تسبّب خراب ودمار , بينما في الرّسائل الرعويّة , يشدّد على أهميّة التّعليم الصّحيح. إنّ صحّة القطيع تعتمد على طعامه . الطّعام السّام سيقضي على صحّة القدّيسين , بينما الخدمة الأمينة , لكلّ حالة , بحسب الحق الإلهي , وحدها الّتي تبنيهم . وهذا هو هدف إعطاء الرّب المقام العطايا للإنسان " وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ .. رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ.. " ا أف 4 : 11 , 12 ) . إنّ الإهتمام العظيم لراعي الخراف العظيم هو رعيّته , لذلك فإنّ كلمته لأُلئك الّذين أقامهم هي " إرعى خرافي ", " إرعى غنمي " .