كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



العناية الرعويَّة

ما عدا يوسف ومريم , كان الرّعاة أوّل من رأوا الرب يسوع المسيح , بحسب المكتوب ( لو 2 : 16 ) . لقد كانو السبّاقين لهذا الكشف بفضل بيئتهم ووظيفتهم , هذا يُعطي دروساً ثمينة لأولئك الّذين يريدون رعاية قطيع الله اليوم

أوّلاً, كان الرُّعاة يتبدّون في الحقل , فهم لم يتملّصوا من أسرّتهم الدّافئة لبضع

ساعات قليلة , لفحص سريع للرعيّة , ولم يأتوا بالقطيع الى مكان حيث يستطيعوا مراقبته من فوق بيوتهم الخاصّة المريحة . لقد كان المكان مغذّي , حيث يمكن الحصول عليه فقط , فوق التّلال الخضراء , ومن اجل مصلحتهم , بقي الرّعاة مع قطعانهم هناك . إنّ هذا غير مريح , بالطّبع , وأحياناً صعب جدّاً , وربّما خطر ولكن الإهتمام الأوّل هو : مصلحة الرعيّة . أمّا راحة الرّعاة فهي ثانويّة بالنّسبة لمتطلّبات القطيع . لم يكن طبعاً الأمر عائد للقطيع ليقرّر . لقد كان هذا بمحض إرادة الرُّعاة أنفسهم "\رْعَوْا رَعِيَّةَ \للهِ \لَّتِي بَيْنَكُمْ .." ( 1 بط 5 : 2 ) , حيث يعظ بطرس الشيوخ نظرائه , الحالة الّتي يجب أن تُعطى الرّعاية في ملئها , بدلاً من مجرّد تقديم الطّعام . " إرعوا رعيّة الله " ( أع 20 : 28 ) حاثّأً بولس , برسالته الوداعيّة  لشيوخ أفسس . وإنّما التزوّد بالطّعام المفيد , يتضمّن معرفة الأمكنة المتواجد فيها الطّعام . المراعي الخضراء هي ضروريّة , ولكن يمكن إيجادها فقط بعد الكثير من البحث . كي يتمكّنوا من إطعام شعب الله يجب عليهم أوّلاً أن يتغذّوا هم أنفسهم على هذه الكلمة ( 2 تيم 2 : 15 ) . خدمة كهذه لا بد أن تكون في الكلمةوالتّعليم ( 1 تيم 5 : 17 ) , والقراءة الجمهوريّة المتنبّهة والمضيئة للكتب المقدّسة "\عْكُفْ عَلَى \لْقِرَاءَةِ وَ\لْوَعْظِ وَ\لتَّعْلِيمِ " ( 1 تيم 4 : 13 ) , وهذه إحدى إرشادات بولس لتيموثاوس , للرّجل الّذي كتب عنه الرّسول بولس في الرّسالة الى أهل فيليبي قائلاً : "لأَنْ لَيْسَ لِي أَحَدٌ آخَرُ نَظِيرُ نَفْسِي يَهْتَمُّ بِأَحْوَالِكُمْ بِإِخْلاَصٍ " ( 2 : 20 ) .

إنّ معرفة الإحتياجات الطّارئة للقطيع يتطلّب التقرُّب منه كل الوقت . لحماية هذه الضّرورات , هناك واجب اليقظة , وإدراك للمخاطر الموجودة , وذلك مع المقدرة على قيادة القطيع ولإبعاده عن الخطر أو للتّوجيه ورعاية القطيع بعيداً عن المخاطر المحليّة . يجب إبقاء الذّئاب الّذين ينوون سرقة الخراف خارجاً . يجب إستبعاد أيّ مرعً غير صحّي قد يتسبّب بأمراض للقطيع . الفطنة الرّوحيّة ضروريّة لكلتا الحالتين , والّتي يجب ممارستهما بمحضر الرّب فقط , حيث نتدرّب على رؤية الأشياء على حقيقتها , ومن وجهة نظره هو .

ثانياً , لقد كان الرُّعاة في لوقا 2 يحرسون خرافهم . لم تكن مجرّد مراقبة مضطربة , وبشكل بارد , بل كانوا مستعدّين الى إرجاعهم لأوّل تلميح بسيط لأيّ إنحراف. "\رْعَوْا رَعِيَّةَ \للهِ \لَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّاراً، لاَ عَنِ \ضْطِرَارٍ بَلْ بِالاِخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ،  وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى \لأَنْصِبَةِ بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ " ( 1 بط 5 : 2 , 3 ) , هذا هو توجّه بطرس بتشجيعه لممارسة الشيوخ لعملهم.يذكر كاتب العبرانيين , بطاعة مفرحة بين القدّيسين تجاه مرشديهم , وذلك لأنّهم ".. كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ \للهِ. \نْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ " ( عب 3 : 17 ) . لا يمكن أخذ الرّعاية بروح متعالية , أو كمهمّة مفروضة , المقبولة بكونها ضروريّة ولكنّها غير مرغوب فيها.يجب أن تُأخذ فقط في تأكيد عميق ورسوخ في تعيين الرّوح القدس , بتوازن بين أحشاء متساوية عميقة تجاه شعب الرب ورغبة مهمّة لخدمته بخدمة شعبه . يجب أن يكون الدّافع الى مراقبة القطيع , ليس الرّغبة في تحصيل تنظيم أفضل , أو تكتيل إجتماع "مستقيم  الرّأي " , وإنّما بدافع الرّغبة في شركة المؤمنين الفعّالة , المفرحة العميقة والرّجوليّة . يتضمّن هذا تشجيع براعم المواهب الواعدة , والسّعي وراء أمور الله. تشجيع كهذا يُعطى أكثر بالمثل الإيجابي , كما أيضاً بالمبدأ.

ثالثاً , لقد تمّ سهرهم بالليل , وهي السّاعة الّتي بعدها سوف يأتي " تُشْرِقُ شَمْسُ \لْبِرِّ وَ\لشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا " ( ملا 4 : 2 ) الرّعاة ضوريين لشعب الرّب في ساعات الظُّلمة , وقت السّهر بالإيمان لا بالعيان , الفهم الطّبيعي والحكمة البشريّة والمقدرة على التّنظيم في المملكة الطبيعية هي ليست ذات فائدة بالحياة الرّوحيّة .  لم يذكر بولس عن تلك الأمور السّابقة عندما كتب عن مواصفات الشّيوخ ( 1 تيم 3 : 1 – 7 ؛ تيطس 1 : 7 – 9 ) تختص المتطلّبات بالطّبيعة الرّوحيّة , كما تظهر في حياتهم بالعيشة العمليّة .

عندما يرخي الظّلام سدوله تتضاعف المخاطر , ولا يمكن الإستعانة بالرّؤية الطّبيعيّة في هذه الفترة حيث المسيح غائب عن المشهد يجب على الرّعاة , باًُعتبار مقدراتهم الخاصّة , التدرّب على الإتّكال التّام عليه , والثّقة به , بذاك الّذي دعاهم لهذه الخدمة . يجب ألا يُطلب جزاء تعبهم هنا , لأنّه ليس هذا الّذي وُعِدَ به . إنّ عدم وجود المجازاة بهذا المفهوم , لم يثني بولس عن أن يكتب "وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ! " ( 2 كو 12 : 15 ) . هكذا يتكلّم الرّاعي الحقيقي , وفوق أي إعتبار آخر , عن مصلحة القطيع الّذي يسعى لهُ .

توجّه كهذا نراه في كماله الإلهي في الرب الّذي قال : "أَنَا هُوَ \لرَّاعِي \لصَّالِحُ وَ\لرَّاعِي \لصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ \لْخِرَافِ " ( يو 10 : 11 ) . إذا لم يكن هنا أي توقّع لأيّ مجازاة على هذه الأرض , فهناك مجازاة أُخرى مضمونه فوق لأنهّ " مَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ \لرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ \لْمَجْدِ \لَّذِي لاَ يَبْلَى " ( 1 بط 5 : 4 ) .ليس هذا تاج مهووس لإستحسان أو تملّق البشر , بل هو إكليل مجد منه , لأولئك الّذين يسعون لأجل خاطر الّذي له الخراف . فيا ليته يجدنا كما وجد الرّعاة في القديم " مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ \للَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ " ( لو 2 : 8 ) .