عطايا الروح القدس للمؤمن
يوجد هناك اسباب وجيهة لبحث هذا الموضوع.
فالسبب الرئيس هو عظمة البركات المرافقة لعطايا الروح القدس في الكنيسة
وبالمؤمن الفرد "... خير لكم ان انطلق. لانه ان لم انطلق لا ياتيكم
المعزي، ولكن ان ذهبت ارسله اليكم"(يو16: 7). تامل في هذا ارجوك! لقد
اصبحت هذه العطية ممكنة بكفارة المسيح وتمجيده فقط! فيا لها من عطية
عظيمة إذا! قال أحدهم:"لقد كان إعادة إكتشاف عمل الروح القدس الفريد
والضروري في الكنيسة والمؤمنين كأفراد واحد أعظم إختبارات الاصلاح
الكنسي في القرن السادس عشر". سبب آخر لبحث مثل هذا الموضوع هو تطور
الحكمة الروحية، آخذين بعين الاعتبار لغة الكتاب الدقيقة والكاملة.
بدافع من الاسباب السابقة وحدها سوف نبحث عن مجال عطايا روح الله
المهيئة لنا. تم اختيار بعض العطايا بكونها كاملة ونهائية في طبيعتها-
ثمر عمل الهي في المؤمن. وبعض الخدمات الاخرى التي تنمو وتكبر
بالاختبار بحسب قياس كل مؤمن.
عطية وعطايا الروح القدس
يشير الرسول الى ميزات رجاء المؤمن على التوالي في الرسالة الى اهل
رومية ولكن الاية المحدد لقوته هي "والرجاء لا يخزى لان محبة الله قد
انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا"(رو 5: 5). فعطية الروح
القدس هذه عامة لكل من قبل عمل الفداء بدم يسوع المسيح بالايمان.
فالتبرير مرافق لعطية الروح القدس هذه. فبدون هذه العطية فالانسان لا
يتبع للمسيح :"ولكن ان كان احد ليس له روح المسيح فذلك ليس له(المسيح)"(رو8:
9). ان ثمر هذه السكنى يتلخص بعلاقة الشركة، المحضر الشخصي وسكنى الروح
بالفرد كعطية وعد بها الرب لتلاميذه(يو14: 16، 17). بعد هذا كتب الرسول
عن مسؤولية المسيحي تجاه الاخرين فقال :"ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب
النعمة المعطاه لنا.."(رو12: 6).
يتكلم الكتاب عن موضوع المواهب في الكنيسة في ثلاث فقرات مهمه. ففي
رومية12: 3 يقول:"...كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان". وفي
افسس 4: 7 يؤكد ان هذه المواهب ممنوحة من رأس الجسد المقام :"ولكل واحد
منا أعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح". وفي 1كو12 : 11 "ولكن هذه كلها
يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء" حيث أن
الروح القدس هو الذي يعطي هذه المواهب. إن هذا لا يعني ان كل من نال
عطية الروح القدس يمتلك كل هذه المواهب التي ذكرها بولس. يمكن تفادي
الكثير من
الضرر إذا انتبهنا للاستخدام الصحيح للمواهب المعطاة لبنيان جسد المسيح
. فالمواهب لا تعمل جميعها بنفس الطريقة وبنفس الوقت. يا ليت جميعنا
نطلب نعمة لكي نخدم بحسب الموهبة الممنوحة لنا.
العماد وملء الروح القدس
يوجد هناك في العهد الجديد ستة أعداد تتحدث عن عماد الروح القدس :
"...وهو سيعمدكم بالروح القدس ونار"(مت3: 11)
"...وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس"(مر1: 8)
"...هو سيعمدكم بالروح القدس ونار"(لو3: 16)
"...فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس"(يو1 : 33)
"...فستتعمدون بالروح القدس"(أع11: 16)
"لاننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا كنا ام
يونانيين عبيدا ام أحرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا"(1كو12: 13).
لقد تنبأت الاناجيل عن هذا الموضوع، وتم تاريخبا في أعمال الرسل، وتم
الكشف عن معناه العقائدي في كورنثوس الاولى. عندما نتامل في الاعداد
السابقة نستنتج الحقائق التالية :
1) ان عماد الروح القدس قد تم يوم الخمسين، لذلك فهو حق مميز وبركة
لذلك العصر:" أما انتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الايام
بكثير"(أع1: 5).
2) هو يحدث عند الرجوع الى الله، وليس كنتيجة للنو الروحي أو بالاجتهاد
البشري. لقد تكلم بولس عن هذا العماد كعمل تم بالماضي بمؤمني أهل
كورنثوس. فعلى الرغم من جسديتهم والانقسامات بينهم فقد كان هذا العماد
من نصيبهم أيضا (أنظر 1كو12: 13 مقارنة مع أع 11: 15، 16) .
3) يضع هذا العماد المؤمن في جسد المسيح. فليست هي مرحلة إختبار مؤقته
بل حق أساسي عظيم. صحيح أنه يرافق هذا العماد فرح شخصي عميق وقوة عظيمة
للخدمة ولكن هدفه الاساسي هو وضع المؤمن بجسد المسيح (أنظر 1كو12: 13)
.
إن المؤمن المعمد بالروح القدس هو القادر على الامتلاء من الروح القدس.
قارن الشواهد الاربعة التالية من سفر أعمال الرسل (2: 4 ، 4: 31 ، 6: 3
، 13: 52) وكذلك الاشخاص الاربعه الذين امتلؤا من الروح القدس :
بطرس(4: 8) واستفانوس(6: 5 ، 7: 55) وشاؤول(9: 17 ، 13: 9)
وبارنابا(11: 24) وسوف تتأكد أن الامتلاء من الروح القدس مرتبط بالحاجة
الى قوة روحية لاجل حياة متأملة بالله أو لاجل خدمته.
عربون وقوة الروح
إننا نقرأ عن الروح كعربون للمؤمن في ثلاثة أعداد :
1) "الذي ختمنا ايضا واعطى عربون الروح في قلوبنا"(2كو 1: 22) فعربون
الروح مرتبط بوعود الله .
2) " ولكن الذي صنعنا لهذا عينه هو الذي أعطانا أيضا عربون الروح"(2كو5:
5) وهو مختص بالمستقبل، حينما "يلبس" المؤمن .
3) "الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده "(أف1: 11)
والمرتبط بميراث القديسين الاتي .
تعني كلمة عربون ، الجزء من المال الذي يعطى للبائع على يد المشتري،
وبعد ذلك توسع معناه ليشمل أمور أخرى. ان روح الله الساكن في المؤمن هو
رهن أو عربون لكل مواعيد الله المستقبلية المتعلقة بتمجيد المؤمن. فغصن
الزيتون الذي رجعت به الحمامة الى الفلك كان برهانا للخليقة المتجددة
التي ينتظرها نوح (تك8: 10- 11). وكذلك السوارين الذين وضعهما عبد
ابراهيم بيد رفقة هما عربون زواجها القادم من اسحاق(تك24: 22) . هكذا
ايضا حضور الروح المبارك في قلب المؤمن فهو عربون أو رهن لامور مجيده
سيتبارك بها المؤمن . الله سيحترم هذا العربون أو الرهان بكل تأكيد.
اننا نحتاج الى قوة الروح عند الشهادة لاسم الرب يسوع المسيح:"لكنكم
ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم لتكونوا لي شهودا"(أع1: 8). لقد
كانت هذه القوة هي المحرك الرئيس للشهادة المسيحية في البداية. واليوم
الله لا يريد أن يعرف قوة أخرى. " ليست الموسيقى هي القوة ولا
البلاغة(خصوصا المصرية منها!) ولا القدرة على الاقناع أو السحر الشخصي.
إن الروح القدس هو القوة، وتقدم المبشرين بالانجيل بكل يقين انه معهم
ويقويهم وسيفعل رسالتهم بالقلوب بقوته هو ".
الميلاد الثاني وتجديد الروح
" ... خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس"(تيطس3: 5).
يستخدم الميلاد الثاني للاشارة الى حدث روحي ينتج حالة جديدة. نرى نفس
هذا الحق في حديث الرب يسوع المسيح مع نيقوديمس (أنظر يو 3) . تحضر
الولادة الجسدية الانسان الى العالم بطبيعة ساقطة وهالكة، حتى أن الله
لا يستخدم أي شيء من هذه الطبيعة. تتميز الحياة الجديدة الممنوحة لنا
بالولادة الثانية بكونها سماوية ومقدسة. فهي ضرورية وهامة لكل من يريد
الدخول الى ملكوت الله. يتكلم الميلاد الثاني والتجديد عن نفس الحدث،
ولكنهما ليسا مترادفين. يشدد الميلاد الثاني على الحياة الروحية
الجديدة مقارنة مع حياة الخطاة الميتة روحيا، بينما التجديد يشير الى
الامور الجديدة مقارنة بالامور القديمة. مثلا:
لقد استخدم بولس كلمة الميلاد الثاني عندما تكلم عن عمل نعمة الله في
جزيرة كريث حيث سادت الفوضى وعدم النظام بصور عديدة. وهذا هو سبب ذكر
موضوع القيادة والمسؤولية على طول الرسالة. لقد هدف من استخدام هذه
الكلمة ان يعلم القديسين بكونهم قد احضروا الى حالة روحية جديده بقبول
سلطان الله على حياتهم. إن تجديد الروح القدس مرجعه لقوة الروح القدس
في تقدم الحياة الجديده :
"لا تشاكلوا هذا الدهر ... بتجديد أذهانكم.."(رو12: 2) .
" لذلك لا نفشل بل ... فالداخل يتجدد يوما فيوما"(2كو4: 16) .
"ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة..." (كو3: 10) .
إن موضوع التجديد هو " الانسان الجديد" ، " الانسان الداخل" ، " الذهن"،
وليس هو العقل بقواه الطبيعية، " الذهن الروحي" (إهتمام الروح). ان
المثال للتجديد هو "حسب صورة خالقه" وهذا يتم "يوما فيوما" .
مسحة وتعليم الروح
ترتبط هاتين العطيتين بنفس السياق:
"وأما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء"(1يو2: 20) .
"واما انتم فالمسحة التي أخذتموها منه... كما تعلمكم هذه المسحة ...
كما علمتكم تثبتون فيه"(1يو2: 27). لقد استخم الزيت المقدس لمسح
الانبياء والكهنة والملوك في العهد القديم لفرزهم لاجل مهمة معينة
اوكلت اليهم. يستخدم يوحنا هذا المصطلح للروح القدس. فان للمؤمنين "
مسحة من القدوس" ولذلك فهم مفرزين لله. يعلم يوحنا في هذا السياق كيف
يقدر المؤمنين أن يحفظوا من روح ضد المسيح.
1) يجب أن يكون هناك طاعة لمشيئة الله المعلنة بكلمته "حيث أن كلمة
الله ثابتة فيكم"(عد14) " فالذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الابد"(عد
17).
2) يجب ادراك الملامح المتعلقة بالشركة المسيحية(عد 19) فقط اولئك
الذين يملكون الحياة الابدية يعرفون المكان الصحيح لعائلة الايمان
الحالية.
3) باستخدام عملي لمسح الروح القدس، يقول يوحنا:"أنتم تمتلكون المسحة (Charism)
اما الاخرون فلهم روح ضد المسيح". تمتاز هذه المسحة بكونها ثابتة،
الهية وتسكن في المؤمن للابد. إن الزيت المسكوب على رأي داوود(1صم16:
13) كان كعربون للبسه التاج الذهبي "ذات يوم". على الرغم من استهزاء
اخوته وتوبيخ الياب اخيه وشك شاؤول، تيقن دلوود ان لن يسقط تحت سيف
الفلسطينيين لان زيت الهه كان على رأسه. هكذا يستطيع المؤمن أن ينظر
وينتظر بكل ثقة التجلي الملوكي لذلك اليوم(1يو2: 28).
يقول يوحنا:"تعلمكم هذه المسحة عينها"(1يو2: 27) وهذا حق يجب ملاحظته
جيدا. يمنح المؤمن بهذه المسحة البصيرة الروحية لتمييز الهرطقات. ان
قوله "عن كل شيء" ليس المقصود فيها المعرفة الكاملة. وايضا لا يعني هذا
الاستغناء عن المعلمين – عطية المسيح لكنيسته، الامر الذي يعتقده بعض
المؤمنين حيث قادهم الى الضلال التام. انما المقصود من هذه المسحة هو
الوعي الروحي لما هو ليس من الله. يشبه هذا الدافع الطبيعي وردود الفعل
اللا ارادية عند الحيوانات والطيور .