الصّلاة للرب يسوع المسيح
إنّ الأمر الّذي قد يبدو رائعاً للبعض , فهو للأسف , لبعض المؤمنين الآخرين سبب مشكلة لإتّباعهم تعليماً يفترض عدم صواب توجيه الصّلاة أو الحمد للرب يسوع . لقد تمّ الدّعاية لهذه النّظريّة بحماس منقطع النّظير . حتّى أنّ بعض التّرانيم التي كتبها رجال قديسين ودارسي الكتاب , والتي برهنت لأجيال عديده على كونها مجاري مدهشة لتعابير الحمد والعبادة للقلوب المتأمّلة , قد إستبعدت كليّة , بكونها قد إحتوت على كلمات موجّهة للرب يسوع .
إذا وجدَ هناك إخوة مقتنعين تماماً بعقولهم على أنّه من الخطأ توجيه الصّلاة للإبن فإنّه ما من أحد يود إبطال ضميرهم ويجبرهم على العمل عكس قناعاتهم , ولكننا سوف نصلي الى الله القادر أن " يظهر لهم خلاف ذلك " . ليس هنا الصّعوبة . إن الجزء سيّء الحظ , أنّه عادة لا يتركوا هؤلاء الإخوة الموضوع هنا , بل يفرضون أحمالاً على ضمير الآخرين ويطالبون المؤمنين شركائهم إتّباعهم , بينما , كما نكافح , لا يستندون على سند كتابي . تسبّبت هذه الطّريقة بأذى لأحشاء القدّيسين . وأكثر من ذلك , فإنّ فإنّ تلقائيّة العبادة قد توقّفت وفي الكثير من الحالات , فإنّ الروح الطقسيّة قد نزعت الى وضع أنماط تصحيحيّة مقترحة للصّلاة مستبدلين حقيقة القلب . إنّ هذه النّزعة لم تتوقّف هنا – وبصورة تدريجيّة فإنّ إجتماع ذكرى الرب تحجّر بقيود متعاظمة من أنواع عديدة . كل الأمر صنع صراعاً غير سعيد وسبب إنشقاقاً بائساً . إنّ الإعتقاد أنّ هذه الموجة ستعبر وهذه الأشياء سوف تتّخذ مقدارها الحقيقي , فنتركها متكاسلين هناك ,ولكن هذا يسبب الكثير من الألم , بينما لا نملك أوهى رغبة لزيادة المعارضة , فإنّنا نشعر أنّه علينا مواجهة هذا السّؤال .
إنّنا نؤمن أنّ تعليماً كهذا مناقض للكتاب ويعرّضنا في النّهاية الى حجب المجد الحقيقي للمسيح . في نفس الوقت فنحن نؤمن أنّ التوازن الموجود يجب المحافظة عليه . ويجب علينا أن نحذر من التطرّف في كلتا الإتّجاهين ! بإعتراف الجميع , فإنّ الصّلاة والحمد توجّه بشكل عام الى الآب , من خلال الإبن , بالرّوح كما تظهر الشواهد الكتابيّة التّالية : أف 5 : 20 ؛ كو 3 : 16 , 17 ؛ عب 13 : 15 ؛ يو 4 : 23 ؛ يهوذا 24 , 25 . إنّ الأقانيم الثّلاثة للألوهيّة مشتركة والشواد السّابقة تدرك فعّاليّاتها تجاه الاقدّيسين والعلاقة فيما بينهم . ولكن ليس هذه هي المسألة . السّؤال هو " هل توجيه الصّلاة للإبن هو أمر مغلوط ؟ "
ماذا سيكون موقفنا من قول الرب , " لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ ٱلاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ " (يُو 5 :23 ) , فإذا أكرمنا الآب بالصّلاة والتّسبيح , بينما نرفض هذا التّكريم للإبن , وبنفس الطّريقة ؟ إذا قال في رؤيا 1 : 6 " وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ، لَهُ ٱلْمَجْدُ وَٱلسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ. آمِينَ " . إنّ إستحقاق الإبن الحصول على الحمد واضح , كيف يمكن أن يكون غلط عند ذكره ؟
يدّعي البعض انّ الرّب قد وجّهت له الطّلبات عندما كان على الأرض فقط بجسد تواضعه , ولكن لن يجد قرّاؤنا العزّاء أي صعوبة في إستذكار العديد من الأمثلة حيث تمّ التوجّه للرب , ليس فقط بعد قيامته , بل وأيضاً بعد صعوده . نذكر هنا بعض الحالات التي يجب الإنتباه إليها حسناً .
كان إستفانس , رجلاً ".. مَمْلُوّاً مِنَ ٱلإِيمَانِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ " و " ..مَمْلُوّاً إِيمَاناً وَقُوَّةً.." , صلّى الى الرب يسوع ليستلم روحه ويغفر لقاتليه , ( أع 7 : 59 و 60 ) .
لقد راى بولس في الطريق الى دمشق الرب يسوع وتسلّم منه تعليمات , (أع 22 : 10 ) .
توسّل بولس ثلاث مرّات للرب بالنّسبة للشوكة التي في الجسد , 2 كو 12 : 7 – 10 .
قدّم بولس الشّكر للمسيح لوضعه في خدمته " وَأَنَا أَشْكُرُ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا ٱلَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِيناً، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ " ( 1 تيم 1 : 12 ) .
عند مواجهة الإقتباسات السّابقة , لا أحد يستطيع السّؤال عن حق المؤمن في توجيه الصلاوة والتّسبيح للرب يسوع . إنّ هذا الحق يخوّل عادةً للأفراد من قبل أولئك الّذين يدعمون النظريّة المرفوضة علينا , ويستبعدون هذه الآيات بشدّة مدّعين أنّه ما هو مسموح فرديّاً , غير مقبول في الإجتماع . إنّه من الصّعب رؤية الأرضيّة المنطقيّة التي بنوا عليها مثل هذا الإعتقاد . ما هو صحيح للأفراد بحياتهم الخاصّة بتوجيه الصّلاة والحمد للرب يسوع , كيف يتحوّل الى خطأ عمل ذلك , عندما يجتمع نفس الأشخاص معاً بهدف التّعبير عن ذكراه الخالدة ؟
كما هو متوقّع عند ظهور أي نظريّة , فإنّه يصاحبها الكثير من الجدالات , ولكننا لا نجدهم مقنعين . إنّ بعض هذه الجدالات معقّد , مبني على إستنتاجات وإستطراقات , والتي قد تبدو مقنعه لأوّل وهلة , ولكننا ننصح قرّائنا بعد السّماح لأي جدال غمغمة موضوع بسيط . على سبيل المثال – يقولونت أنّ بني إسرائيل , عند إجتماعهم للعبادة , لم يتوجّهوا لرئيس الكهنة , ونعلم كلّنا أنّ يسوع هو رئيس كهنتنا العظيم , والّذي يجب عدم التوجّه له بالصّلاة . إنّه منطق مشكوك به جدّاً الذي يغفل العديد من الإعتبارات الأخرى . نستطيع التعلّم الكثير من الدّروس المباركة من طقوس الخيمة , ولكن علينا توخّي الحذر . تظهر رسالة الى العبرانيين أنّ! العبادة المسيحيّة أعلى بما لا يقاس وإمتازاتنا أكثر من اليهود بكثير . في أي حالة , يبدو من غير المناسب قطعيّاً أن يوجّه أولاد إسرائيل الحمد أو الصّلاه لرجل خاطيء مثلهم .
ألا نجرؤ نحن , على النّقاش , لكونه من غير الصّواب لبني إسرائيل التوجّه لرئيس كهنتهم السّاقط , بعدم صوابيّة التوجّه لربنا المحبوب , الّذي شخصه أمجد بما لا يُقاس من هارون , والّذي كهنوته العظيم , والمشار إليه بصورة رائعه في الكهنوت الهاروني , يعتبر نظام مختلف ومتفوّق عنه ؟
في أيّ حالة , وإن ثبت عدم إمكانيّة التوجّه له كرئيس كهنتنا العظيم ( ونحن لا نستطيع رؤية هذا ) فهذا لا يبرهن شيء بالنّسبة للموضوع المطروح , وذلك للسّبب البسيط جدّاً , فإنّ الرّب يقدّم لشعبه علاقات مباركه أخرى عديدة .
يبدو لنا أنّ مثل هذه الجدالات لن نتقدّم بها على الإطلاق بل مجرّد مماحكات نظريّة . فنحن لا ننوي الإستمرار قدماً في مثل هذه الجدالات لأنّنا نرى من المفيد إظهار الحقائق الكتابية الواضحة مدعومة بأمثلة عن الصّلاة والحمد وُجِّهَت للمسيح في إجتماعات شعب الرّب . إنّ هذا لجواب كاف وواضح . إذا كان توما , في إجتماع التّلاميذ في أوّل الأسبوع , هتف بتعبّد متعجّباً " ربّي وإلهي " ( يو 20 : 28 ) , ولم يوبّخه الرب على ذلك , بل على فشله في إدراك ذلك متأخراً , فعلى أي أساس نمتنع نحن عن سكب قلوبنا للواحد الّذي ندين له بالكثير , عندما نجنمع مع وعد حضوره ومن أجل التّعبير هدف ذكراه ؟ إنّ هذا من الممكن حصوله فقط نتيجة تقييد غير طبيعي للسّليقة الطّبليعيّة وسيحدّد بالضّرورة حريّة الرّوح . إذا كان التّلاميذ كشركة واحده " سجدوا " ( نفس الكلمة كما في يوحنا 4 : 23 ؛ " يَسْجُدُونَ لِلآبِ " ) للمسيح قبل صعوده الى السّماء مباشرة , (مَتَّى 28 :17 ) , أيوجد هناك سبب للسّجود له وهو جالس عن يمين العظمة , فوق كل رياسة وسلطان ؟ ألم يكن إجتماعاً عظيماً في أع 1 : 24 الّذي صلّى " ..أَيُّهَا ٱلرَّبُّ .. عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هَذَيْنِ ٱلاِثْنَيْنِ أَيّاً ٱخْتَرْتَهُ ؟ " ونرى بأنّ بطرس قد توجّه للرب يسوع وأنّ إختيار الرّسل هو من وظيفة المسيح ( 1 : 2 ؛ 9 : 15 ) وكل قاريء غير متحيّز سيؤمن بدون صعوبة أنّ اللقب البسيط " الرّب " كما إستعمل عادة في سفر أعمال الرّسل وفي أي مكان بالعهد الجديد , كما هنا , يشير الى الرب يسوع المسيح . أكثر من ذلك , لدينا العديد من الأمثلة التي تشير بوضوح لوجود عادة الدّعوة بإسم المسيح . عندما وجّه الرب حنانيّا للذذهاب الى شاؤول , أشار حنانيّا بأنّه كان لشاول السّلطة من رؤساء الكهنة ".. أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ " (أَع 9 :14 ), وهذا يبرهن على صدق الممارسة للقديسين لهذه الدّعوة . كانت هذه الممارسة عامّة في الكنائس , وذلك واضح من 1 كو 1 : 2 " إِلَى كَنِيسَةِ ٱللهِ ٱلَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ ٱلْمُقَدَّسِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ ٱلْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَهُمْ وَلَنَا " والذي كتب أحدهم عن ذلك قائلاً : " إنّها شهادة مباشرة للسجود الإلهي للرب يسوع ككوني في الكنيسة " . تشير أف 5 : 19 بدون شك , الى إجتماعات القديسين دون ريب " مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ " . على ضؤ ذلك لا يسعفنا الشعور بأنّ الشطب المعتسف من الترانيم لأي كلمة موجّه للرب يسوع ينشئ ألماً فظيعاً لقلب الآب , وعدم إكرام لإبنه . عندما وُجِّه تيموثاوس , لإتّباع البرب مع مؤمنين آخرين إتّصفوا بكونهم " .. يَدْعُونَ ٱلرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ " ( 2 تي 2 : 22 ) , إنّه لأمر متعب القول افدّعاء أنّ أولئك الذين يجمعهم إسم الرب يسوع سويّة , لا يستطيعوا الدّعوه بهذا الإسم عندما يجتمعون . أ, مرّة أخرى , إذا كان الروح والعروس متّحدين في رؤ 22 : 17 بالقول " تَعَالَ " للمحتاجين , أنستطيع القول أنّ صلاة العدد 20 , "..آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ " , غير معدّة لشفاه العروس , بل يجب قصرها فقط على العبادة الشخصيّة للمؤمن الفرد ؟
إنّ الذي يقرأ الفقرة العظيمة من رؤيا 5 , ألن يشعر , إذا قدّمت للمسيح التّسابيح الجذلى للمسيح أوّلاً من قبل الحيوانات الأربعة الحيّة والأربعة والعشرين شيخاً , جميعهم ساجدين امام الحمل , يقدمون صلوات القديسين , ويحمدون الرب يسوع , ومن ثم بين زمرة الملائكة , وبعد ذلك بواسطة الخليقة كلّها , يحمدون الله والحمل معاً , يجب أن يكون أمراً جديّاً للغاية الأمر الذي سيمنع أولئك الذين يودون السجود للمسيح في الإجتماعات الأرضيّة المتواضعة ؟
إن في هذا الأمر أكثر مما يبدو لأوّل وهلة لأي واحد من قرائنا الذين قد يواجهون هذه النظرية وهم مطالبون بعدم السّماح للشكوك لإبعادهم عن الأمور الكتابية الثّابتة . صحيح أن السجود والتسبيح بصورة عامة يوجّه للآب , من خلال الرب يسوع , دعنا نستغل الحرية المعطاة لنا بالكتب بتقديم كل قلوبنا لربنا ومخلّصنا , " مُسْتَحِقٌّ هُوَ ٱلْحَمَلُ ٱلْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ ٱلْقُدْرَةَ وَٱلْغِنَى وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلْقُوَّةَ وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْمَجْدَ وَٱلْبَرَكَةَ " (رؤ 5 :12 ) .