رعاية القطيع
" أَيْنَ الْقَطِيعُ الَّذِي أُعْطِيَ لَكِ ؟ ( أين ) غَنَمُ مَجْدِكِ ( فخرك ) ؟ " ( إر 13 : 20 )
لكل راعي إجتماع يجب أن يسبّب هذا السّؤال , بوقت من الأوقات , نوعاً من فحص القلب , وخصوصاً عندما يُنظر إليه على ضوء كلمات الرّاعي الصّالح "الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ " ( يو 17 : 12 ) .على الراّعي الحقيقي – كضرورة – إمتلاك قلب الرّاعي ومحبّته , بعدها فقط ينال إكليل الرّاعي .
أوّلاً , وأهم شيء , على الرّعاة أن يكونوا رجالاً , قد أُقيموا وتزوّدوا بالرّوح القدس . يجب عدم التّغاضي عن سلطة الله المطلقة في حياةالإجتماع , ومن إمتياز الرّوح القدس وحده توزيع البركات كما يرتئي . يتوضّح واجبهم على مرّ السّنين : أن يكونوا أُمناء لله , في جميع الأحوال , بغض النّظر عن إستحسان أو إستهجان تابعيهم . أكثر من ذلك , ففي ( 1 بط 5 : 2 , 3 ) نُحذّر من الخطايا الّتي قد تكون الدّافع لرعاية القطيع : 1) محبّة الرّاحة 2) محبّة المال 3) وحب التسلُّط.
على مرّ السنين سيختبر الرّاعي الحقيقي ما قصده بولس عندما كتب "يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ " (غل 4 : 19 ) . إنّ نموّأً مطرداً في النّعمة ونموّاً مماثلاً في المعرفة سيكون مصدر فرح له . فإنّه يراقب النموّ الرّوحي لرجال وشباب الإجتماع . يلاحظ أمزجتهم المختلفة ومقدراتهم , يشجّعهم ليكهنوا أمام السيّد . أكثر من ذلك , فإنّه يقول كلمة تشجيع هنا , وكلمة تحذير هناك , ربّما سلام حار باليد , لمساعدتهم على " الرّكض في السّباق الموضوع أمامهم " .
أيّ برهان لوجود نير متخالف بين أعضاء الرعيّة , يكون شأن لإهتمام عميق وشخصي , ويهتم بإرجاع أحد كهذا , بالنّصيحة والصّلاة , عن هذا الطّريق الممنوع . يذكّرهم بأنّ نواميس الله منقوشة على موائد حجريّة لا يمكن ثنيها أو طعجها لملائمتها لأنفسنا , عندما نكسر ناموس الله فإنّنا نكسر أنفسنا على هذه الموائد نفسها .
ماذا عن اعضاء الرعيّة المشاكسين , وكيف يجب التّعامل معهم ؟ قد يكون هروب أحدهم من الشّهوة آملاً في وجود مراع خضراء " مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ
نَقِيٍّ " . على الرّاعي الإدراك بأنّه من مقاصد الله وجود أمثالهم , ليتعلّم الصّبر ويزيل منه بعض الأطراف الخشنة , ويقوده أكثر الى الرّكوع على ركبتيه طلباً للحكمة . إنّ عجلات السّاعة تدور في الإتّجاه المعاكس لتعطي التّوقيت الصّحيح هكذا أيضاً عند تشكيل شخصيّتنا , الكثير من الأشياء الّتي لا نحبّها يسمح بها الله , ليعلّمنا كيفيّة إلقاء همنا عليه . علاوة على ذلك , ماذا مع أعضاء القطيع الضّعفاء الموجودين بين شعب الرّب في كل إجتماع ؟ هل يجب إهمالهم بكونه لا نتيجة منهم ؟ كلاّ , لأنّ هؤلاء أيضاً هم قسماً من " غنم مجدك " !
لقد ميّز بولس أنّ هؤلاء الأعضاء الّذين قد يظهرون أكثر ضعفاً هم ضروريين ( 1 كو 12 : 22 ) .كما الحال في الحياة الطّبيعيّة , هكذا أيضاً في الرّوحيّة , هناك مستويات متعدّدة في الحياة – البعض مملوئين دائماً بالحيويّة , بينما الآخرين يجب رعايتهم كل أيّام حياتهم . علينا تشجيع الضّعفاء ليتقدّموا مع الرّب . لقد كُتِبَ عن الرّاعي الصّالح أنّه " قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ " ( أش 42 : 3 ) , وهذا من مسؤوليّة الرّاعي . لقد كانت دعوة الله تجاه رعاة إسرائيل بأنّ " الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ, وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ, وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ, وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ, وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ, بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ " ( حز 34 : 4 ) .إنّه بمقدار إختبارهم للتعصيب بيد السّامري الصّالح , هكذا يتمكّنوا بدورهم من إجبار المكسور . عندما أُحضروا الى ذلك المكان , حيث عونهم من عند الرّب فقط – الى موقع المآسي والآلام – حيث يكتشفون بأنّ إلههم هو إله أودية الحياة كما أيضاً إله التّلال والقمم . بكونهم تعلّموا هذا من الله , يستطيعوا أن يكونوا عوناً لمنكسري القلوب . كذلك الأمر بشأن أولئك الّذين ضلّوا بعيداً , إعادة جمع أشلاء قلوبهم وعقولهم المهملة , سيمكّنهم من التأكّد أنّ " فكر المسيح " هو الّذي يجب أن يمتلكوه .
بما أنّ يوم النّعمة قد قارب على الإنتهاء , وكثرت الهرطقات عند الكثيرين , يجب على الرّعاة السّهر على محرسهم دائماً تجاه أي إقتحام لأي عقيدة خاطئة . " الأمور المتيقّنة عندنا " ( لو 1 : 1 ) هي معتمدنا المقدّس , إلوهيّة سيدنا المحبوب , بركة دمّه الكفّاري – هذه حقائق منسوجة في اللّحمة والسُّداه لحياتنا المسيحيّة . لا مجال للتّساهل ! عندما يتناقض بهذا أيّ أمرِ يحضر الى الإجتماع , لا بد أن يعرف بوجود " موت في القدر " ( 2 مل 4 : 40 ) . ولكن بإحضار كلمة الله للوجبة يطرد الموت . وهذا أيضاً من مسؤوليّة الرّاعي .
إنّ تأمُّل الرّعاة في إجتماع الله المثالي كما هو مكتوب في ( مز 144 : 12 – 15 ) سيساعدهم في عملهم للرب : "لِكَيْ يَكُونَ بَنُونَا مِثْلَ الْغُرُوسِ النَّامِيَةِ فِي شَبِيبَتِهَا. بَنَاتُنَا كَأَعْمِدَةِ الزَّوَايَا مَنْحُوتَاتٍ حَسَبَ بِنَاءِ هَيْكَلٍ..أَهْرَاؤُنَا مَلآنَةً تَفِيضُ مِنْ صِنْفٍ فَصِنْفٍ. أَغْنَامُنَا تُنْتِجُ أُلُوفاً وَرَبَوَاتٍ فِي شَوَارِعِنَا..بَقَرُنَا مُحَمَّلَةً. لاَ اقْتِحَامَ وَلاَ هُجُومَ وَلاَ شَكْوَى فِي شَوَارِعِنَا..طُوبَى لِلشَّعْبِ الَّذِي لَهُ كَهَذَا. طُوبَى لِلشَّعْبِ الَّذِي الرَّبُّ إِلَهُهُ." عندما يقف الرّعاة أمام كرسي المسيح للقضاء سيرون كل أعمالهم وحياتهم أمامه , فكيف يا ترى سيجيبون على السّؤال " أَيْنَ الْقَطِيعُ الَّذِي أُعْطِيَ لَكِ ؟ ( أين ) غَنَمُ مَجْدِكِ ( فخرك ) ؟ " . هل سيخجل الرّعاة أمامه ؟ سوف يكون أمراً رائعاً إذا إستطاعوا القول معه " الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ " ( يو 17 : 4 ) لذلك عليهم أن يسيروا وراء خطوات الرّاعي الصّالح .