مَخاِطر القِيادَة
إنّ الوضع الرّوحي للعديد من الإجتماعات فقير .فللمواظبة , عادةً , قسطٌ ضئيل عند أولئك الذين يبحثون عن الشّركة . فالعالميّة قد غزت الكنيسة , وظهر بجلاء نقص الإلتزام للإجتماع المحلّي , والولاء أكثر للعمل والهوايات والرّياضة والفنون .
هذا برهان قاطع على الحاجة إلى رُعاة ( نظّار) أتقِياء الملتزمين برعاية قطيع الرب , والذي يُصاحب هذه الرّعاية تضحيات شخصيّة جمّه . في العديد من الإجتماعات لا يوجد هناك قيادة محدَّدَه , وشعب الرب يذهب من أُسبوع إلى أُسبوع كالغنم بدون راع . في إجتماعات أُخرى يوجد هناك من عُرِّفوا كشيوخ ولكنهم يعملون القليل ( أو لا شئ ) للرعاية بشعب الرب . وهناك أُولئك الإجتماعات , والشكر للرب , التي بها قد أُقيموا الشيوخ وبتضحيات شخصيّة , يهتمّون بالقِدِّيسين.
عندما قارب بولس الرسول على ترك شيوخ أفسس للابد , وعظ بهم الرّسول قائلا :" اُِحْتَرِزُوا \ِذاً لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ \لرَّعِيَّةِ \لَّتِي أَقَامَكُمُ \لرُّوحُ \لْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ \للهِ \لَّتِي \قْتَنَاهَا بِدَمِهِ. "(أع 20 : 28) . أحد المخاطر التي يواجهها الراعي هو تجاهله لنفسه التي يُنْفِقُهالصالح شعب الرب متجاهلاً وضعه الرّوحي . وبطريقة مشابهة , فقد ينخرط أحدهم في الخدمة لدرجة أنّ الرب نفسه يُوْضَع جانِباً , كأُولئك الذين في أفسس فرغم أعمالهم وتعبهم وصبرهم , فقد تركوا "محبّتهم الاولى" (رؤ 2: 1- 4 ).
بالإضافة إلى اُلإحْتراز لنفسه , على الرّاعي الإحْتراس من أُولئك الذّئاب الخاطفة الذين يأتون برغبة تدمير الشّهادة المحلِّيَّةِ (أع20 : 29) . إن هذا يتطلَّب بصيرة لأنّهم يأتون بثياب الحملان , يتكلّمون بالكلام الطيّب والأقوال الحسنة (رو 16: 18) . على الرّعاه أنْ يكونوا متيقِّظين للذين يقومون من الإجتماع المحلّي نفسه رغبة في جذب التلاميذ ورائهم .
يبرْهن هذا على المخاطر الجمّة التي تواجه العاملين بالرّعاية . فَإنَّ خَصْمَ القَطِيعُ ورَئِيسُ الرعاةِ , يجول ملتمساً من يبتلعه , مستعملاً طرقاً شتّى للإيقاع بالرّاعي لترْك القطيع بدون حماية .
سوف نتأمّل ببعض المخاطر في الرّعاية كما نراها من خلال تجربة القادة في الكتاب . يجب دائماً أنْ نتعلّم من التّجارب إذا أمكن , لأنّ هذا يكلّفنا أقل بكثير .
الجبن
في أوّل 1 صم 10 , تعيّن شاؤول بالسر على يد صموئيل ليكون ملك اسرائيل . لاحقاً , وفي نفس الإصحاح , يجمع صموئيل الشعب معاً من أجل إظهار شاؤول للأُمّه . بعد أنْ عبر صموئيل بين الأَسباط والعائلات , إختِير شاؤول , ولكن عندما حان الوقت ليقف أمام الشّعب " لم يوجد" (1صم10: 21) . كم هو حزين , إذ بعد أنْ اُختاره الرب بهذا الوضوح إختار هو إخْفاءَ نفسه " بين الآنية " .
قد يظن المرء وللوهلة الأُولى , سهواً, وكأنَّهُ عمل تواضع , ولكن في الحقيقة , كان هذا جُبْن وخوف . وبنفس الطريقة , من المحتمل لأحد الذين عيِّنوا من الروح القدس بوضوح كنُظّار (أع 20: 28) ( وفقط الروح القدس قادر على فعل ذلك ) أنْ يُخفي نفسه " وراء الاوعية " .
هل يوجد في مجال الرّعاية من يفشل بصنع العمل بسبب عدم الإيمان بإقامة الرب لهم لهذا العمل الهام ؟
عدم إيمان كهذا سيقود حتماً إلى الخوف وعدم الفعّالية . إذا آمن أحد أنّه أُقِيم لهذا العمل الثّمين عليه التّحرُّك قُدُماً بقوة الروح القدس والعمل بحسب إرشاداته .
عندما دُعي الرّسول بولس لكي يكون رسولاً , لم يتردَّد . لقد عَرَّف نفسه بوضوح : " رسول بمشيئة الله " . لقد فهم جيداً دعوته . كذلك فعل بطرس أيضاً وعَرَّف نفسه كشيخ (1بط5:1 ) وهو بدوْره حَثَّ رُعاه آخرين " ارعوا رعية الله التي بينكم نظارا لا عن إضطرار بل بالاختيار ولا لربح قبيح بل بنشاط " (1بط5:2) فانه لم يشجّع الشك بل العمل المحدَّد.
إنّ داوود الرّاعي , عندما أتى إلى ساحة الوغى نظر إهانة جليات لشعب الرب , لم يظهر خوفاً أو جبناً . وكالرّاعي الصالح , توجَّه إلى الأمام مُدْرِكاً أنّ المعركة هي للرب .
لقد وعظ بولس تيموثاوس ليضرم موهبته مُذَكِّراً إيَّاه بأَنّ " الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح " (2تيم1: 7) .
حصول شخصٍ على دعوة محدّدة لرعاية شعب الرب يتطلّب قدراً وافراً من التّواضع . نفس بولس الذي عرف بوضوح دعوته الفريدة عَنْوَنَ نَفسهُ " كأوّل الخُطاة" , " آخر الرسل" , " أصغر جميع القديسين " فالجُّبن متربّص بأُولئك المنخرطين في خدمة الرّعاية : الجبن الصادر عن عدم الثّقة بإقامة الرّوح القدس لهم لرعاية شعب الرب .
القوة
يا للعجب ! نفس الشّخص الذي اُختبأ بين الأوعية عندما قُدِّمَ لأُمّة إسرائيل كالملك الجّديد , وُجِدَ بعدها يُمارس قوة سلطانه لدرجة تجاهل معها وصيّة الله . لقد نقل صوئيل النبي رسالة الرب الواضحة لشاؤول : " فَالآنَ \ذْهَبْ وَ\ضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ \قْتُلْ رَجُلاً وَ\مْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً " (1صم15: 3) , لا يمكن أنْ يكون أمراً واضحاً أكثر من هذا .
عندما فشل شاؤول بطاعة وَصيّة الرب , ذكّره النّبي صموئيل " أَلَيْسَ إِذْ كُنْتَ صَغِيراً فِي عَيْنَيْكَ صِرْتَ رَأْسَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ وَمَسَحَكَ \لرَّبُّ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ" (1صم15: 17) فالشّخص الذي أُخذ من السّبط والعائلة الصغرى , أخذ زمام الأمور واُبتدأ يرفض كلمة الرب .
لقد برّر شاؤول نفسه بأنّ الحيوانات التي لم تُقْتل حُفِظَت من أجل تقديمها للرب , فَجائه الجواب الذي مازال يجلجل عبر الأجيال " هَلْ مَسَرَّةُ \لرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَ\لذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ \لرَّبِّ؟ هُوَذَا \لاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ \لذَّبِيحَةِ وَ\لْإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ \لْكِبَاشِ" (1صم15: 22) . يا له من درس عظيم ! الطاعة لكلمة الله أفضل بكثير من النّوايا الحسنة . بينما يكون الخطر الأول هو الجبن فالخطر الآخر هو القوّة .
باُستطاعة الرّاعي , وربما بنوايا حسنة , أخذ زمام الأمور متجاهلاً كلمة رئيس الرعاة فيتصرَّف كَسَيّد على " ورثة الله " . فشِل الكثيرون عندما وُضِعُوا في مركز القيادة لعدم تحكّمهم بسلتطهم وقوَّتهم . وللحزن الشديد , ومع مرّ السنين , العديد من القدّيسين قد أصْبحوا " مُساقِين" وليسوا " مُقادِين" .
يا ليت يَسْتَبْدِل أولئك القيِّمين على الرّعاية الإستعمال الخاطئ للقوّة بأمر أفضل .
المنصب
لقد وضّح لنا الكتاب بأنّ ديوتريفوس " يُحِب أنْ يكونَ الأوّل " (3يو9) . لم يترك مكاناً للآخرين : لم يقبل الرّسول يوحنا . صحّ القول : " بالقيادة يوجد دائما من يريد أنْ يكون الأوّل بين الإخوة لدرجة صدْ الآخرين تماماً " .
لقد كتب بولس عن روح التّنافس هذه في رسالته الى أهل فيلبّي . فكا يبدو , كانت هناك روح تنافس شديدة بين القدّيسين فكتب بولس قائلاً : "لاَ شَيْئاً بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ \لْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ "(في2: 3) .وذكر الرسول أيضا ألاّ يركّز القدّيسون على أنفسهم قائلاً :" لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضا ً"(في2: 4). وبهذه المناسبة , كتب بولس لنا مثال ربناّ يسوع المسيح "فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا \لْفِكْرُ \لَّذِي فِي \لْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً " (في2: 5) . ماذا كان فكر يسوع المسيح ؟ ذاك الذي كان معادلاً لله لم يركّز على نفسه بل كان " ما هو لآخرين أيضاً " ولأجل هذا نزل من عليائه , آخذا جسد بشريتنا وصورة عبد , أي المرتبة الدُّنيا , حتى الصليب , معتبراً مصلحة الآخرين فقط.
نرى ذلك جيداً عندما نشاهده في العليّة , يغسل أرجل التّلاميذ , لقد كانت خدمة يجب أنْ تُعمل , لم يكن بفكر أحد من الرسل أنْ يعْمَلها , هو فعل!
يا له من فكر جميل وخصوصاً أنْ نفتكر هذا الفكر بعينه .
لقد وجدنا في الكتاب بأنّ رعاية شعب الرب تُصنع بواسطة "قادة-عبيد" . الرب نفسه قال :" ما اتيت لأُخْدَمْ بَلْ لأَخْدِمْ " .
دعونا نصلّي لأجل أُولئك القادة التُّقاة الذين يقودون بقُدوَتِهِمْ ويخدمون بتواضع , وليس كمن يسودُ على أنصبة .
الثّقة بالنّفس (كبرياء)
الكثيرين من الرجال قد عُرِّفوا كشيوخ لكونهم قادة ناجحين في العالم الدنيوي . إنْ كان هذا هو السبب الأوّل أو الوحيد للإعتراف بهم , فعلى الأرجح سوف يقود هذا الإختيار إلى الفشل في القيادة الرّوحية . النّجاح في عالم الأعمال لا يُؤَهِّل للقيادة الرّوحية . هذا لا يعني عدم أهليّة النّاجحين , بالمفاهيم العالمية , لقيادة الاجتماع , ولكن يجب تقْديره فقط بفضل عمله الروحي بالإهتمام بالقدّيسين .
النّجاح قد يقود إلى الثّقة بالنّفس . عادة ما نتعرّض لهجوم العدو حالاً بعد الإنتصار
فإنّ يشوع وبني إسرائيل مثال جيد لهذه الحقيقة . لقد أرشد الرب بني إسرائيل ليدوروا حول أريحا مرّه باليوم لستة أيّام وسبعة مرات باليوم السّابع . وعند الإنتهاء من هذه المسيرة كان عليهم أنْ يضربوا بالبوق . لقد سقطت أسوار أريحا العظيمة عندما تتبَّع بني إسرائيل وصايا الرّب بالتّدقيق . لقد تم إحراز النّصر . لقد كانت مدينة عاي الصغيرة هي العقبة التالية أمام تقدّم الإحتلال . لقد كانت مدينة صغيرة لدرجة دفعتْ بيشوّع عدم سُؤال مشوره الرّب بشأنها , ومع الثقة بالنفس التي حصلوا عليها بعد الإنتصار في أريحا , قرّر يشوع إرسال نفر قليل فقط لمحاربة عاي.
لقد كانت النتيجة فشل ذريع . فإن الرجال الذين أُرسِلوا على يد يشوع هُزِموا وهربوا راكضين كالأرانب . قصد الكتاب هذه النتيجة لمّا قال : " قَبْلَ \لْكَسْرِ \لْكِبْرِيَاءُ وَقَبْلَ \لسُّقُوطِ تَشَامُخُ \لرُّوحِ " (أم16: 18 ) . هناك عدّة أسباب أدّت لهذا الفشل . كان هناك خطيّة في المحلّة , كان هناك إنقسام في الشعب , وشعور بعدم ضرورة هذه المعركة . لقد كان هناك ثقة بالنّفس وكبرياء نتيجة إنتصارهم في أريحا . نطبق هذا على الرعاية في الإجتماع . الثّقة بالنفس والكبرياء بفضل إنتصارات سابقة , إنْ كان في العالم أو في الإجتماع , هي الوصفة للفشل . لقد حذر الرسول بولس من هذا عندما كتب بشأن الذين يشتهون الأُسقفيّة : " غَيْرَ حَدِيثِ \لإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ" (1تيم3: 16) . على الرّعاة الاّ يكونوا حديثي الإيمان , غروس مزروعة حديثا غير متأصّلة بالإختبار الإلهي . الخبرة هي التي تُظْهِر ضعف الجسد وضرورة الإعتماد الكلّي على الله . الخبرة التي تدفع بالمرء للنّظر إلى أبعد من مجرّد النّجاح , المقدرات , الثّقافة والثّروة وإلخ .. , والإعتماد الكلّي على الرب وحده .
الشّعبية
كل شخص يرغب بأنْ يكون محبوباً , وإنساناً مقبولاً على الآخرين . هذا يقودنا لعمل أشياء لمجرد إرضاء النّاس . على طول الكتاب نرى أولئك الذين سِيقُوا من الناس . في 1صم15 يحاول شاول تبرير عدم طاعته , وعدّة مرات تكلّم عن " الشّعب" . "وَعَفَا شَاوُلُ وَ\لشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ \لْغَنَمِ وَ\لْبَقَرِ وَ\لْحُمْلاَنِ وَ\لْخِرَافِ"(9) , " فَقَالَ شَاوُلُ: «مِنَ \لْعَمَالِقَةِ, قَدْ أَتُوا بِهَا لأَنَّ \لشَّعْبَ قَدْ عَفَا عَنْ خِيَارِ \لْغَنَمِ وَ\لْبَقَرِ لأَجْلِ \لذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ " (15) , "فَأَخَذَ \لشَّعْبُ مِنَ \لْغَنِيمَةِ غَنَماً وَبَقَراً, أَوَائِلَ \لْحَرَامِ لأَجْلِ \لذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ فِي \لْجِلْجَالِ"(21) .
نجد نفس الأمر مع هارون . لقد صعد موسى إلى الّجبل وإذ تأخّر ولم يعد بعد فترة , بنى هارون العجل الذهبي . رجع موسى وسأله " مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا \لشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟فَقَالَ هَارُونُ: لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ \لشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ فَقَالُوا لِيَ: \صْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى \لرَّجُلَ \لَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي \لنَّارِ فَخَرَجَ هَذَا \لْعِجْلُ" (خر 32: 21 –24 ) .مره أُخرى , نرى قائد ينصاع لعواطف الشعب . بالنقيض , نقرأ عن بولس "أَفَأَسْتَعْطِفُ \لآنَ \لنَّاسَ أَمِ \للهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ \لنَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي \لنَّاسَ لَمْ أَكُنْ عَبْداً لِلْمَسِيحِ " (غل1: 10) .ويكتب إلى أهل تسالونيكي قائلاً : " بَلْ كَمَا \سْتُحْسِنَّا مِنَ \للهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى \لإِنْجِيلِ هَكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي \لنَّاسَ بَلِ \للهَ \لَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا" (1تس2: 4) .لم يطلب بولس إستحسان النّاس ولكن طاعة الرب , وبالنسبة له كان هذا أهم شئ . لا نجد بأيّ مكان عن إنقياد المسيح لأفكار البشر أو رغائبهم , على العكس , فقد قال " طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ \لَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ"(يو4: 34) . من يعطي وتكون هذه حالة الذين يرعون رعيّتهُ . يا ليتهم يطلبون رِضى رئيس الرعاة فوق كل شئ ويعطيهم النعمة الكافية لطاعة كلمته وتحمّل تذمّر الشعب عندما يختلف فكرهم عن فكر الرّب.
الإحباط
كل الذين في موقع قيادي معرّضين لغضب الشّعب . كان موسى مثالاً رائعاً . فقد وصل بنو اسرائيل لدرجة عدم وجود ماء الشرب ," وَلمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلجَمَاعَةِ فَاجْتَمَعُوا عَلى مُوسَى وَهَارُونَ وَخَاصَمَ \لشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا لهُ: «ليْتَنَا فَنِينَا فَنَاءَ إِخْوَتِنَا أَمَامَ \لرَّبِّ"
(عد20: 2,3) . قد يبدو لنا أمراً عادياً , عدم تقدير القادة على عملهم إذا ما سارت الامور على ما يرام , ولكن في الأوقات الصّعبة ينتشر التذمّر على المسؤولين . هكذا كان مع هارون وموسى . التّذمّر الدائم للشعب قد أحبط, ولا شك , موسى وهارون ," فَأَتَى مُوسَى وَهَارُونُ مِنْ أَمَامِ \لجَمَاعَةِ إِلى بَابِ خَيْمَةِ \لاِجْتِمَاعِ وَسَقَطَا عَلى وَجْهَيْهِمَا. فَتَرَاءَى لهُمَا مَجْدُ \لرَّبِّ " (6) . لقد أمر الرب موسى أخذ عصاه وجمع الشّعب والتّكلُّم مع الصخرة أمام ناظريهم والصّخرة سوف تروي ظمأ الشعب .
لقد عمل موسى ما أمره الرب , ما عدا أنّه ضرب الصّخرة بالعصا بسبب إحباطه. لقد شهدت لغته على هذا الاحباط ," اسْمَعُوا أَيُّهَا \لمَرَدَةُ! أَمِنْ هَذِهِ \لصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لكُمْ مَاءً؟"(10) , الاحباط قاد الى الغضب وغضبه إلى عدم الطّاعة .
كم يختلف ربنا يسوع المسيح! لقد كان التلاميذ عدّة مرّات بطيئي المسامع , ومع ذلك تعامل معهم بنعمة , كما معنا أيضاً!
في إحدى المرّات , وبعد إطعام الخمسة آلاف , أراد إطعام أربعة آلاف أخر فسألوه التّلاميذ :" مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي \لْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهَذَا \لْمِقْدَارِ حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعاً هَذَا عَدَدُهُ؟" (متى 15 :33) . نحن كتلاميذه , بطيئي المسامع , ومع ذلك ما زال يقودنا بنعمته قُدُماً .
الأقارب
هناك العديد من الحالات التي فشل بها القادة في الإجتماع بسبب تدخّل أقاربهم . في البدء إستخدم إبليس حوّاء لإسقاط آدم . لقد كان هذا وضْع صعب جداً لآدم . لأنّ الشخص الوحيد في الكون , من نفس نوعه , والذي يستطيع التّواصل معه ويتمتّع بشركته , قد أُغْوِيَ من الشيطان والآن عليه أنْ يقرّر : إما أنْ يتبعها أو يُطيع الله . لربما اُختياره يُظهِر بوضوح تأثير الأقارب على أُولئك القادة .
سارة , رفقة وإيزابيل , وأقارب آخرين المذكورين في الكتاب , لهم تأثير قوي على أُولئك الذين في القيادة . داوود وأبشالوم قد يكونوا مثالا آخر . لم يستطع داوود أنْ يرى أيّ خطأ في تصرف إبنه .فقد تغاضى عن قتل ابشالوم لأمنون , وحتى بعد تمرّده ليصبح ملك إسرائيل لم يجد فيه علّه .
يا له من خطر عظيم للقادة التّعامل مع أقاربهم بصورة مختلفه عن باقي القدّيسين , فيتغاضَوْا عن سقوط أبنائهم أو أقاربهم أمّا الآخرين فيوبخونهم علناً : هذا أمرٌ غير لائق .
لقد كان لي إمتياز النُّمُو في بيت تقي وإجتماع حيث رجال الله علّموا وعمِلوا بكلمة الله . لم يكن هناك أيُّ محسوبيّات في تعاملهم مع الرّعية .
على الشّيوخ الحذر من المعلومات التي يتقاسموها مع أقاربهم . معظم المعلومات المعروفة للقيادييّن يجب حفظها سراً. والذي فشِل في هذا يعود لكونِه أدخلَ أحد أقاربه للصورة . هذا قد يأتي بالكارثة !
يا ليت الرب يعين القادة على الأمانه لمشيئته وإبعادها عن تأثير الأقارب الذي يقود إلى فشل ذريع بالقيادة .