الشّركة – إدراك وقبول
تعريف الشّركة
تُشير كلمة " شركة " إلى المُشاركة المتبادلة أو الإهتمام المشْترك بأيِّ شيءٍ . الكلمة اليونانيّة " koinonia " تُترْجم في العهد الجديد لعدّة كلمات منها " الشّركة " , " شركة " , " توزيع " , التّوزيع " , مشاركتكم " .
أساس الشّركة
تُؤكّد الكتب المقدّسة أنّ الشّركة المسيحيّة مؤسّسة على إهتمام مُشترك ( بمشاركة الجميع ) بشخص وعمل المسيح . إنّها ليست قرابة عِرقِيَّة أو وضع إجتماعي , ليست ذات أهداف حضاريّة أو عقيدة سياسيّة , كما هو الحال في " الشّركة " العالميّة أو " ألأخوِيَّات " , أو " ألإتّحادات " .
تتألّف الشّركة المسيحيّة من جميع أُولئك الّذين تقدّسوا في المسيح يسوع ( 1 كور 1 : 2 ) , تقدّسوا بالإيمان بشخصِهِ ( أعمال 26 : 18 ) , ولذلك دُعِيُوا إلى شركة إبْنَ الله ( 1 كور 1 : 9 ) , متَقاسِمين الإيمان المُشْترك ( تيطس 1 : 4 ) ومتمتِّعين بخلاصٍ مشتركٍ مع جميع القدِّيسين ( يهوذا 3 ) .
لفترة قصيرة , ببداية الكنيسة , تشارك المؤمنون أيضاً في الممتلكات لمصلحة الجميع , ( أعمال 2 :44 , 45 ؛ 4 : 32 ) , لم تكن هذه إشتراكيّة ( كما قد يدّعي البعض ) لأنّها كانت مساهمة حُرَّه تماماً , بترتيبات مُفرِحة ومتبادلة , بينما ألإشتراكيّة تأخذ عُنْوةً من الفرد لكي تُعْطي لآخر , إستيلاء الدّولة على مُلْكِيَّة وقدرات , وحتّى شخْصِيَّات النّاس . إهتمام مشترك يجمع المؤمنين سويّاً لشركة واحدةٍ مقدَّسة ( 1 يوحنا 3 : 14 , 16 , 17 ) متّحدين في العبادة , في الأعمال الحسنة وأيضاً في الشِّهادة .
طبيعة الشّركة
هذه الشّركة المؤسّسة من الرّبِّ هي أبديّة في جوهرها , والتّمتُّع بها يتعلّق بالحالة الرّوحيّة للمؤمن الفرد . هي شركة عاملة وليست خاملة , إنّها ثمر عمل الإيمان ( يعقوب 2 : .2 ) , في خدمة الرب وشعبه ( فل 4 ,7 ) في بعض المشاريع هناك " شركاء خاملين " الذين يتشاركون بالفوائد فقط , ولكنهم لا يعملون شيئاً .ليست هكذا هي الشّركة المسيحيّة . إنّها ليست " مكان للسّلطة " أو حتّى المشاركة بعشاء الرب . بل وأكثر من ذلك , فإنّ الأمرين التّاليين سلبيّين : " ألإنعزاليّة " ( عب 10 : 24 , 25 , أع 2 : 42) وأيضا " التّنقّل الحر " بين شركة مؤمنين آخرين ( أع 4 : 23 ؛ كو 4 : 12 ) ( " الّذي هو منكم " ) هذه الشّركة هي :
1) شركة مع الله ( 1 يو 1 : 1 –7 )
أ) إمتيازات الشّركة : 1) مع الله , عدد 3 , الذي يشاركنا بإبنه المحبوب 2) مع الإبن , الذي يتشارك معنا بالآب ( يو 1 : 18) 3) مع الرّوح القدس ( 2 كو 13 : 14) بكونه القوّة الموحّدة , فنحن نتشارك بالرّوح القدس السّاكن فينا
الّذي يمكّننا أن نكون بشركة مع الله ومع أحدنا الآخر .
ب) شرط أساسي :, عدد 5 – 7 , السّير بالنّور , ( أف 5 : 6 – 14 ؛ رومية 13 : 12 ؛ يو 3 : 20 ) , الخطيّة تقطع أواصر الشّركة أمّا السّبيل لإعادتها فمذكور بالآيات : ( 1 يو 1 : 9 حتى 2 : 2 ) .
ج) نتيجة مباركة ( 2 بط 1 : 3 , 4 ) " شركاء الطّبيعة الإلهيّة " . لا يتكلّم هنا عن الولادة الجديدة , وإنّما النّمو حتى نشابههُ بفضل الحث , عدد 5 . إنّ الطِّفل لا يولد من والديه فقط بل ينمو متمثّلاً بهم ( 1 بط 1 : 3 مع 15 , 16 ) ( " كونوا قدّيسين لأنّي أنا قدّوس " ) .
2) شركة الرّسل ( 1 يو 1 : 3 )
إنّهم يشاركوننا معرفتهم الشّخصِيّة عن المسيح وأعماله , عدد 1 – 4 , التّعاليم المختصّة بالمسيح ( 2 يو 9 - 11 ) , وكيفيّة تجسيد هذه الحقائق , وتعليم الرّسل المُشار إليهِ في ( أع 2 : 44 ) والّذي يُشكِّل الأساس للشّركة المسيحيّة , أنظر للإصحاحات : 17 , 18 , 20 , 21 من إنجيل يوحنّا وكذلك ( 1 بط 1 : 25 ) .
3) شركة القدّيسين
يُظهر ذلك رسول الفيليبيين بملء الجمال الكامل , فهو رسول شركة الفرح .
شركة الخلاص ( فيليبي 1 : 7 ) . " شركاء النّعمة " التي تشمل كل البركات الرّوحيّة ( تيطس 1 : 4 ؛ رومية 11 : 17 )
شركة الخدمة ( فيلبي 1 : 5 ) . مثل : ( فيلبي 4 : 3 ؛ فيلمون 17 ؛ 2 كو 8 : 23 ؛ أع 13 : 14 مع 14 : 26 – 28 ؛ غلاطية 2 : 9 ) .
شركة الرّوح ( فيلبي 2 : 1 ) . من المفضّل قراءة العدد بكونه يتكلّم عن روح المؤمن المسيحي نفسه , أنظر سياق الحديث , وخصوصاً الوعظ بالعدد التّالي . التّناغم الرّوحي لا يعني توحيد المواقف أو إلأعمال ( أنظر الرّسل أنفسهم ) .
شركة الآلام . ( فيلبي 3 : 10 ؛ 1 : 29 , 30 , أنظر أيضاً : عب 10 : 33 , رؤيا 1 : 9) . هذه الآلام هي :
1) مع المسيح ( 1 بط 4 : 14 ) ( ليست آلامه النّيابيّة , بيد الله , كحامل الخطيّة , التي تحمّلها بمفرده , بل آلام الإضطّهاد والحقد التي بيد البشر ( من أجل البر ) .
2) مع القدّيسين ( 2 كو 1 : 5 - 7 ) ( تعزية آنيّة بالحاضر ) ( 1 بط 5 : 9 , 10 ) ( مجد في المستقبل ) .
4) شركة الحاجات ( فيلبي 4 : 14 ؛ أنظر عب 13 : 16 ) في ضروريّات :
قدّيسي الله . ( رومية 12 : 13 , 15 : 26 , 27 ؛ 2 كو 8 : 4 , 9 : 13 ؛ 1 تيم 6 : 18) .
خدّام الله . ( فيلبي 4 : 14 , 15 ؛ غل 6 : 6 ) .
دُعيَت مائدة الرب " البؤرة المركزيّه " لشركة المسيحي , ( 1 كو 10 : 16 , 17 ) , ليست هي ولا نظيرها أي العمّاد يخلق الشّركة , ولكن كلتاهما تعبّر عن الشّركة ,وخصوصاً الأولى لاحظ التّرتيب المعكوس
( " الكأس .... الخبز " ) الّذي هو نفس ترتيب إختبارنا :
أوّلاً : إهتمام مشترك بما صنعه الرب بدمه ( وموته ) وبعد ذلك يتبعه :
ثانياً : العضويّة في شركة جسد المسيح ( كنيسته ) . متضمّناً هذا إنفصال حقيقي عن كل ما سواه ( أو يناقضه ) , عدد 20 – 22 , للشّركة المسيحيّة أعداء وأهمّهم :
شركة الشّياطين , كما في عبادة الأوثان , الرّوحانيّة , الهرطقات وإلخ .. ( 1 كو 10 : 18 – 22 ؛ 2 يو 9 - 11 ) .
شركة مع العالم ( 1 يو 5 : 19 ) . العالم باليونانيّة " kosmos " كناية عن كل النّظام المؤسّس : إجتماعيّاً كان أم سياسيّاً أم دينيّاً ( 2 كو 6 : 14 حتى 7 : 1 ؛ أف 5 : 10 , 11 ؛ 1 يو 2 : 15 ؛ رو 12 : 2 ؛ يع 4 : 4 ) .
شركة بالخطايا – الجسد ( 1 بط 2 : 1 ؛ 1 تيم 5 : 22 ؛ رومية 13 : 14 , الكنيسة المرتدّة وبناتها , رؤ 18 : 4 , 17 : 3 – 6 )
القبول في الشّركة
" القبول للشّركة " هو من أكثر إلأقوال الّتي قد أُسيء إستعمالها . معناها الكتابي الوحيد والممكن هو الإعتراف بوجود الشّركة بين الفرد والله . القبول من الله يسبق بالضّرورة القبول من البشر ( رو 14 : 3 ) , ويتوجّب علينا قبول كل من قبلهم الله . الإجتماع المحلّي , ليس كالشّركة التي من صنع الإنسان , حيث يقدّم فيها الإنسان أو يُنْتَخَب من قبل الأعضاء فيه . قبول المؤمن هو بإسم الرب يسوع المسيح , بكونه ملكاً للرب ( رو 15 : 7 ) . ليس بإسم الكنيسة أو على أيّ أساسٍ آخر .
فئتين :
من المسيحيّين مذكورين في الكتاب : " الأقوياء " و " الضُّعفاء " ( رو 15 : 1 ؛ 14 : 1 ). على الأقوياء إسناد الضُّعفاء وليس إعثارهم والّذي هو أمر مهمًّ من وجهة نظر السيّد ( 1 تس 5 : 14 ؛ رو 14 : 21 ؛ 1 كو 8 : 11 – 13 ) . يجب أن يُقبل " الضّعفاء " , ليس " لمحاكمة الافكار " ( رو 14 : 1 ) . " الضُّعفاء " , كما هو ملاحظ هم أولئك الذين لديهم تأنيب ضمير مخلص وصادق , نحو أمور ليست , في الحقيقة مهمّة .هذا يضم أمور ناموسيّة , يفرضونها على أنفسهم وعلى إلآخرين لتقييدهم.
على كل حال , يعْتبر أولئك أنفسهم " أقوياء " !
نحن نعرف انّ الضّعف الجسدي قد ينشأ عن :
التّقدُّم في العمر
ضعف في البنية الجسديّة
كذلك هو الأمر في المجال الرّوحي . على الإجتماع أن يكون كمكان رعاية " للأطفال بالمسيح " : بيت لرعاية " الضّعفاء " وبيت لتدريب الجّميع . ففي عائلة الله هناك تفاوت في مستويات النّمو الروحي ( 1 يو 2 : 12 – 14 ) . هناك متّسع للجّميع في شركة حبيّة , ولا مكان للرّوح المتبرّمة تجاه أيّ عضو . يجب عدم الخلط بين الضّعفات والخطايا . فالأخيرة يجب معالجتها , والأولى تولد معنا ( رو 15 : 1 - 3 ) . هناك عادةً " ضعفات " في أُولئك الّذين " ترعرعوا " منذ الطّفوليّة بالإجتماع , متجدّدين لكن لم يتعلّموا بالكامل من خلال الفشلات , وربّما دور الشّيوخ التّأكُّد من توفير تلك الخدمة المتّزنة , أو بسبب إهمال وتجنُّب خدمة كهذه عندما قُدّمت لهم . حالة مشابهة موجودة بين مؤمنين المترعرعين بين الطّوائف . يجدون صعوبة في التّخلِّي عن أفكار مغلوطة قد مارسوها بالسّابق . عند قبول أمثال أُولئك , يجب التّعامل معهم بحكمة ونعمة , ويجب إرشادهم في طريق الرب بأكثر تدقيق( أع 18 : 25 ؛ رو 14 : 19 ؛ 1 كو 12 : 21 , 25 , 26 ؛ 13 : 1 - 8 ) يقبل المؤمنين بكونهم :
1) متجدّدين حديثاً
كان المؤمنون " ينضمُّون " للرب ( أع 2 : 41 , 5 : 14 , 11 : 24 ) وبعد ذلك كان الرب " يَضُمُّ إِلَى \لْكَنِيسَةِ " ( أع 2 : 47 ) . بعد عمّادهم إنضمّوا لشركة المؤمنين المحليّة بما تتضمّنه من الإمتيازات والمسؤوليّات المترتّبة عن هذا ( أع 2 : 41 , 42 ) .
2) مؤمنون من كنائس أُخرى
قد يُقْبَلوا على أساس :
رسائل توصية : وهذا بحسب التّرتيب الكتابي ( 2 كو 3 : 1 , 2 ؛ أع 18 : 27 ؛ رو 16 : 1 ؛ كو 4 : 10 ؛ فل 12 , 17 ) لقد قرّر بولس هذا المبدأ بالكامل رغم أنّه هو نفسه لم يحتاج لمثل هذه الرّسائل . طلبْ رسائل توصية من خادم للرب ذائع الصّيت هو أمر إعتباطي ( 3 يو 5 – 8 ؛ أع 21 : 17 ) . رسائل كهذه مع مؤمن مجهول تعطي ضماناً كموافقة من أولئك المعروف عندهم . الرب نفسه لم يعرف من العالم فطالبه بإثبات هويّتهُ ( يوحنا 5 : 30 - 37) .
تقديم شخصي : مثلاً بيد أحد الإخوة من الإجتماع الّذي يضمن صدق المؤمن الجديد ( أع 9 : 27 ) .
برهان مقنع : ليس من الممكن في جميع الحالات إحضار رسالة توصية . في مثل هذه الحالات , من المحتمل التّسبُّب بأذى عظيم غير متعمّد لأحد أبناء الله الأعزّاء , برفض قبوله لمجرّد عدم قدرته تنفيذ قاعده أو قانون سُنَّ محليّاً . من واجب الشّيوخ الإستفسار من الأخ بصورة لا تسبّب له الإستياء والحرج , والّذي إذا تمّ بروح الشّكر فإنّه سوف يرى بالتّأكيد أهميّة صون التّرتيب الإلهي في الإجتماع . إذا ما إقتنع الشيوخ من الإستفسار فالمفضل إحضار الشّخص أمام الإجتماع :
إعطاء فرصه لأيّ إعتراض ممكن والمبني على أرضيّة كتابيّة .
يُعرّف بالشّخص أمام الجّميع , ويُرحّب به منهم في الشّركة المحليّة .
يعمل الشّيوخ حسناً , إذا إستفسروا عن مجيء أحدهم من إجتماع آخر دون رسالة توصية : هل هو ( أو هي ) تحت التّأديب , ففي هذه الحالة , يجب عدم قبوله في الشّركة , على الأقل , حتّى يتم عمل تحقيق شامل في الموضوع . الطريقة الفضلى هي السّعي نحو المصالحة بين الشّخص والإجتماع الآخر . أكّد الإختبار بوجود البعض الّذين يخفون دوافع مبطّنة , ساعين لربط أنفسهم بإجتماع المُنْقاد كتابيّاً . من الواجب معالجة الإستثناآت عند الحاجة حسب ظهورها . مثلاً , عند ظهور شر أدبي أو خمير تعليمي ( أع 8 : 20 ؛ 1 تيم 5 : 24 ) , وكما يبدو , فإنّ سمعة الإنسان, طيّبة كانت أم غير ذلك , عادةً تسبق مجيئهُ , وفي حالات أُخرى تتبعهُ فيما بعد ( تظهر لاحقاً ) . الشّيوخ هم المسؤولون عن حماية الإجتماع من التّعاليم المغلوطة والشّر الأدبي , ولكن عليهم ألاّ يتمادَوْا أكثر من هذا , فارضين قيوداً على حريّة المسيحي للعمل كما يؤمن بأنّ كلمة الله تسمح به بالنّسبة للوسائل . على أولئك الشّيوخ القادة التّذكُّر دائماً أنّهم ليسوا هم الّذين يقبلون أو يرفضون , بل الإجتماع كَكُل .يعتبر عمل ديوتريفوس الإعتباطي إنكاراً واضحاً لسيادة الرب يسوع المسيح ( 3 يو 9) . القبول لشركة الإجتماع يجب أن يتبرهن وجود الخلاص , التّعاليم الكتابيّة الأساسيّة والثّبات في الحياة . العمّاد وحده ليس إمتحاناً , فالمؤمن غير المتعمّد هو إبن لله وعضو في جسد المسيح كالمتعمّد بالضّبط . أمّا غير المؤمن المتعمّد فليس كذلك . العمّاد ليس ضروري للشّركة كما للخلاص , ولكنّه ضروري جدّاً لطاعة الرب ( مع وصايا أُخرى ) . يجب عدم تشجيع التّحمُّس الزّائد في الشّركة بعشاء الرب , والإمتناع عن عمل مشيئته فيما يختص بالعمّاد .باُستثناء بعض الحالات الخاصّة يجب المحافظة على التّرتيب الكتابي ( أع 2 : 41 , 42 ) . يجب أن يكون واضحاً بأنّ الشّخص الّذي يرفض طاعة الرب بالعمّاد , من الصّعب أن يتهيّء لإرشاد الآخرين وخصوصاً في واجبات المؤمن .
إنقطاع الشّركة
بسبب الخطيّة : على كل تعدٍّ أنْ يُحضر إلى النّور , يُدان وَيُتَعامَل معه بحسب العلاج الموجود بكلمة الله .
بسبب الإحتكاك : هناك العديد من الأسباب لهذه , وهي عادةً تافة , إنّ الّذي يزرع الخلافات يُدعى :" شخص عديم الفائدة " . إذا زُرِعت هذه الخلافات بين الإخوة فذلك المزعج ممقوتٌ من الرب ( أم 6 : 14 , 16 , 19 ) , وبالعكس ( فل 4 : 5 ) . حيث يتمتّعون " بالحلم " ( اللّطف , إذعان والتّعقُّل الجّميل الذي يُصِر على الحق )