الشّركة
ماهيّة الشّركة
هل أنت في شركة ؟ قد يجيب العديد من النّاس عن مثل هذا السُّؤال , " آه ! نعم ! أنا تابع لهذا الإجتماع أو ذاك " , ولكن أن تكون في شركة بحسب ألكتاب , ليس مرادِفاً بالضّرورة لإنتمائك لإجتماع معيّن . من المحتمل أن ينتمي أحدهم إلى إجتماع معيّن لفترة طويلة ويَحْضُر كل إجتماعاته بمواظبة بدون أن يكون في شركة حقيقيّة . ليس للشّركة علاقة بالحضور الجسدي بل للإشتراك الرّوحِي .
يوجد هناك " إتّحاد " أو " دائرة " إجتماعات ذات حدود واضحة ومحدّدةٍ , وباللّغّة المتداولة في دوائر أولئك المؤمنين بتلك الإجتماعات , " الشّركة " تعني إشتراك تلك الإجتماعات مع بعضها البعض دون الرّجوع إلى الحالة الرّوحيّة للجماعة أو للمؤمنين الّذين يُؤلّفونها .
إن الشّركة بهذا المفهوم هي إسميّة وطائفيّة . يُستعمل التّعبير " شركة " في كلمة الله بصورة أعمق من هذه بكثير . يُعَبَّر عن شركة المسيحي الصّحيحة بكونها صلة روحيّة بيننا وبين الله بالدّرجة الأولى وبعد ذلك بيننا وبين مؤمنين آخرين . إنّها روحيّة بالضّرورة , وليست صلة شكليّة أو رسميّة . إنّها أمر قد خلقه الله نفسه وأحد أهم ثمار الجلجثة . إنّها توجّه جديد , لطف , تناغم , مشاركة , إتّفاق, تشارك وتعاون – إختبار قلبيْ دافئ وحيّ, حيث لا يستطيع الإنسان العالمي أو الجسدي أن يختبرهُ على الإطلاق . إنّها دمج للأرواح الإنسانيّة بإمتيازات عطيّة الله المفرحة , ومشاركة إختبارات المسيح نفسه .
شركة إبن الله
لقد كان هناك فشل عظيم في شركة القدّيسين بكورنثوس : الكثير من الجسديّة , وأشياء أُخرى عديدة ألزمت الرّسول بإصلاحها . كيف عالج الرّسول هذا الوضع ؟ لقد إبتدأ بتذكيرهم بأنّ " أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا " ( 1 كو 1 : 9 ) .التّقدير لدعوة المؤمن ملء هذه الآية الرّائعة , الموحاة من الله , مبرهناً دون شك , أنّه العلاج الشّافي للجسديّة والطّائفيّة وكل أمراض إجتماع أهل كورنثوس . وهو نفس الحل لكثير من ألأمراض المتفشّية بإجتماعات اليوم . يجب عدم تفسير شركة إبن الله , الرب يسوع المسيح , بكونها مجرّد شركة سويّة , مؤسّسة على ما قد فعل هو لأجلنا , وهو أمر يقيني , بل هي أوّلاً شركة معه – إتّفاق , لطف تناغم وشركة معه . فقط إذا تمتّعنا بهذه الشّركة معه نكون في الحقيقة بشركة مسيحيّة مع بعضنا البعض . مجرّد صلة صداقة أو قضاء ساعات جميلة مُسِرَّة , أحدنا مع الآخر , ليست هي شركة , إلا إذا كان هناك تشارك بالأفكار الرّوحيّة والإمتيازات فيما يختص بالرّب وشؤونه .
هذا الإشتراك , هذه الشّركة الحقيقيّة يجب أن تكون بين كل المؤمنين في كلّ مكان , لأنّ الجّميع دُعِيوا ليكونوا فيها , وأساسها موجود في الشّركة التي أوجدها الله . كل المؤمنين ذوي الصّلة الحيّة مع المسيح لهم أيضاً , لنفس السّبب , صلةٌ حيّة أحدهم مع الآخر . يوجد اليوم صعوبات عمليّة , أكثر من أيّ وقت مضى من تاريخ الكنيسة , الّتي تساهم في محدوديّة التّمتّع بالشّركة وجعلها أحياناً غير ممكنه . يجد العديد من المسيحيّين أنفسهم ممزّقين بين رغبيهم بالإخلاص لله ولمبادئ كلمته المباركة , وبين الشّوق للتّمتّع بالشّركة الّتي أُقتُنِيَت بالدّم كإرث لكل المؤمنين الحقيقيين .العديد منهم ينشدون العون والمساعدة في هذا الشّأن المهم لظهور أفكار مضطربة بهذا الموضوع .
درجات في الشّركة
الشركة أمر ذو مستويات . مع البعض قد لا يكون لي شركة , هكذا قال لي الكتاب : ألاّ يكون لي شركة مع غير المؤمنين أو بأعمال الظّلمة العقيمة . يجب ألا يكون هناك أيّ شركة مع غير المؤمنين في الزّواج , ألأعمال والدّين ممّا قد ينتج نير متخالف .
لا يستطيع النّور أن يكون في شركة مع الظّلمة أو خلطة للبر مع الإثم . ولكن لدي شيء مشترك مع كل المؤمنين . فعندما أقرأ " سياحة المسيحي" وأُرافق يوحنّا بنيان في الخروج من البَوّابة الصّغيرة ومن خلال مستنقع القنوط , عابراً سوق الغرور وألأُسود المقيّدة فأنا بشركة معه . أنا أُشارك نفس الإختبار ولي نفس التّجاوب .فعندما أُرتّل ترانيم توبليدي
أو هوراتيوس بونار , عندها اكون في شركة مع أولئك الرّجال . لا أستطيع تجاهلها . فهو رباط النّفس بالنّفس ِ بتأثير الحق ألإلهي وتعبير عن المشاعر بتجاوبنا مع محبّة المسيح . وهكذا لي أيضاً مقداراً من الشّركة مع كاتب التّرانيم بيرنارد كليرفاوكس الكاثوليكي عندما أُرتّل
يسوع هو أعظم فكر لله
معه حلاوة تملئُ حنكي
الشّركة هي قياس للمارسة الرّوحيّة والّتي لا يُسمَح بإستعمالها إعتباطيّاً , ولكنّها تعتمد على مدى التّقدير المتبادل لشخص الرب وحقّه , ولذلك فقد يكون لي , بل يجب أن يكون , بعض الشّركة مع كلّ من له حُب للرب ولكلمته .
مرّة أُخرى , مع البعض لدي شركة كاملة . ليس الأمر مجرّد سؤال عن إنتمائنا لنفس الإجتماعات أو دائرة إجتماعات . قد ينتمي إثنين من المؤمنين لنفس الإجتماع أو لإجتماع مشابه ولا يكون بينهم أيّ شركة !
عُرِفَ عن أشخاص غير مؤمنين بإنتمائهم لإجتماع معيّن والّذي قال عنهم الرّسول يوحنّا " مِنَّا خَرَجُوا، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لَكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا " ( 1 يو 2 : 19 ) . إنّه أمرٌ مفيد وجود متطلّبات روحيّة في الإجتماع , ممّا يدفع بالمعلّمين الكذبة الشّعور بأنّ ليس لهم مكاناً فيه . هكذا كان أُولئك الّذين قال عنهم الرّسول يوحنّا . إنّهم لم يكونوا في شركة على الإطلاق .
ليس فقط غير مؤمنين , ولكن أيضاً مؤمنين أنفسهم قد يكونوا في إجتماع بدون أن يكونوا في شركة حقيقيّة . قد يكونوا في الجسد والذي لا يستطيع أن يكون في شركة . قد يكونوا عائشين في خطيّة كإنسان كورنثوس ( 1 كو 5 ) , والذي كان يجب إبعاده عن الإجتماع . ماذا يجب العمل إزاء مؤمن , تابع لإجتماع , عمل خطيّة مخجلة؟
قد تقول : " حسناً , إنّنا نقصيه عن الشّركة " , أنت لا تفعل ذلك بل ما تفعله هو إخراجه من الوسط . لقد إنقطعت شركته مع الله قبل أن تُخرجه أنت . فقد إنقطعت شركته مع الله وشعبه , عندما إرتكب تلك الخطيّة .
من النّاحية الأُخرى , قد يُبعَد أحدهم خطأً عن الإجتماع , بيد أشخاص مثل ديوتريفوس , دون أن يُسْتَبْعدوا عن الشّركة . لا أحد يستطيع إبعادك عن الشّركة إلاّ أنت نفسك .
ففي حالة ديوتريفوس , هو الّذي قرّر من الذي خارج الشّركة , عندما تصرّف بأسلوب " اليدُ العُلْيا " وليس أُولئك الّذين تُخُلِّيَ عنهم .
ذكرنا هذه الحالات المتطرّفة كمثال . ولكن هذا يثبت للجميع , بإمكانيّة وجود مؤمن منتمي إلى إجتماع بصورة إسميّة أو طائفيّة , وحتّى الآن , ولأسباب مختلفة – العالميّة , الجسديّة , عدم الحكم على خطيّة , موقف إنتقادي أو روح طائفيّة إلخ .. – أن يكون بعيداً عن معرفة وإختبار عمق الشّركة المسيحيّة الحقيقيّة .
الشّركة ليست خاملة ( سلبيّة )
عندما نقرأ في أع 2 : 41 , 42 بانّ الثّلاثة آلاف مؤمن قد واظبوا على تعليم الرّسل والشّركة , نفهم أنّه لم تكن مجرّد شركة مرئيّة خاملة مع الكنيسة , بل فعّالة ومستمرّة في الأُمور المخْتصَّة بالشّركة . وهذه هي خطّة الله لنا جميعاً .
في 2 كو 6 : 11 – 13 و 7 : 2 , 3 نري كيف أنّ بولس ميّز النّقص الكبير في شركة المؤمنين هناك . لقد كان فمه مفتوحاً وقلبه متّسع تجاههم , ولكنّهم كانوا متضايقين بأحشائهم .
لقد توسّل إليهم أن يقبلوه , لأنّه لم يظلم أحداً ولم يثفْسِد أحداً ولم يطمع في أحدٍ .
أيُّ قبولٍ أراد بولس أن يقبلوهُ ؟
بالطّبع لم يسألهم الإذن بكسر الخبز معهم , وهو عادة ما نعنيه عند التّكلُّم عن القبول . لكن الكتاب لم يتكلّم مطلقاً بهذه الطّريقة . القبول الّذي طلب بولس كان قبولٌ إلى ثقة وأحشاء القدّيسين في طريقة حقيقيّة وعظيمة , وأنّ لهم مكاناً واسعاً في قلبه . يختبر بعض الإخوة الجوّالين إختبارات محزنة : لقد إختبرت معنى الوصول إلى مدينة غريبة , مع توقُّعات متلهِّفة للشّركة , فقوبلَت بترحاب بارد ورسمي , بإظهار رسالة توصية " لكسر الخبز " , بدون إظهر المحبّة والمودّة ( والضّيافة ) المتعلّقة بشركة القدّيسين .
يظهر لنا المثل السّابق الفرق بين الإعتراف الكنسي والشّركة المسيحيّة الحقيقيّة . نقرأ في يوحنّا الأولى " وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ " (1 : 7) تتوفّر الشّركة أحدنا مع الآخر , فقط بتوفُّرها بيننا وبين الرب .السّير في النّور لا يُعتبر حالة جامدة , بل تعني نمو نحو أمور الله . إذا واظبنا على التّعليم ( العقيدة ) فنحن نواظب على الشّركة . ليس هذا مجرّد مواظبة على عقيدة الإنجيل , بل هو ألإستنارة بسر الكنيسة , الّتي كانت قبلاً مُسْتتِرة في الله , ومعرفة مكاننا فيها . الكثير من الّذي يُدعى " شركة " اليوم ما هو إلاّ مجرّد إحترام متبادل بين أولئك الّذين ينضمّون لنفس الجماعة أو الحزب أو الدّائرة الكنسيّة . لا يمكن أن يكون للشّركة المسيحيّة الطّابع الطّائفي , أو ذات جذور لإتّفاق طائفي . فهم هذا السّر يحرّرنا من الطّائفيّة ( او الرّوح الطّائفيّة ) الّتي هي تحفة الشّيطان لهدم أو تقييد شركة المؤمنين الحقيقيّة الواجب مقاومتها .
لقد أصبح موضوع الشّركة نقطة جدل بين الإخوة , وعلينا عدم تجاهل أسلحة العدو هذه . لقد نشأ الخلاف لوجود وجهات نظر مختلفة بالنّسبة للشّركة . دعونا نُقِر بعض المباديء الكتابية لإرشادنا :
مؤشّرات روحيّة
مثاليّاً , على شركتنا أن تكون مع جميع المسيحيين في كل مكان . القيود الوحيدة هي تلك المقروضة لإعنبارات تأديبيّة أو نقص بالرّوحيّات بأنفسنا أو بآخرين . " السّر " عندها سوف يكون حقيقة عمليّة مباركة .
سوف تجد شركة كهذه تعبيراً لها في كل إجتماع محلّي , يجتمع بطريقة روحيّة , وبطاعة للرّوح القدس .0على كل جماعة محلّيّة أن تكون " عالم صغير " , أو صورة مصغّرة . للموضوع . أمّا بالنّسبة للشّركة بالكنيسة العامّة , يجب عدم فرض قيود بشريّة على شركة القدّيسين المدُوّوين إليها بفرح في الإجتماع المحلّي , كما نرى في الكتاب , هناك طبعاً مؤشّرات إلهيّة مُتَوَقَّعة من كل مسيحي إدراكها . الجّماعه الّتي جُمِعَت كتابيّاً , تعرض مظاعر واضحة ومحدّدة كالآتي : إنّها تتألّف من مؤمنين حقيقيّين فقط , وهؤلاء المؤمنين قد إعتمدوا بحسب وصيّة الرب ( متى 28 ) جُمِعوا لإسم الرب يسوع المسيح , مُدركين أنّه هو المركز الوحيد والحقيقي , لا يتّبعون مثال الكنائس الإسميّة , ولمدى فعّاليّة إسم المسيح وكلمته , خاضعين للكتب بكل شيء ومجتمعين بالبساطة الّتي ميّزت عهد الرّسل . ليس لديهم إكليروس ليترأَّس عليهم , ولكنّهم يجتمعون مُدركين لكهنوت كل المؤمنين . متَّكلين على رجال موهوبين للخدمة , أقامهم الله, ومُعطين للرّوح القدس الإمتياز بالتّحكّم بهذه المواهب يجتمعون في كل يوم الرب , وبالرّجوع إلى المثال الرّسولي , بهدف كسر الخيز والعبادة الملازمة لهذه الوصيّة : العبادة الّتي بحسب الرّوح والحق . إنّها مركز فعّاليّة الكنيسة . موضوع النّظارة على الإجتماع موكل للشّيوخ , رجال ذوي خبرة وروحيين , رجال أصحاب سيرة حسنة ومثل صالح , الذين أقامهم الرّوح القدس لهذا الهدف . لا مكان للتّعيينات البشريّة للفعّاليّات الرّوحيّة أو عاملين مع معاش , ولكن خدّام الكلمة ينظرون إلى الله وحده لسد كل إعوازهم . يُعتبر إجتماع كهذا كبيت الله , عامود الحق وقاعدته . إنّه يدافع عن حق الله , كما يظهر من كلمته , وإظهار المتطلّبات العُليا لحياة القداسة بحسب ذلك الحق . هو أيضاً مركز للفعّاليّات الإنجيليّة وله شركة في العمل المُرسلِيْ بأقاليم بعيدة أيضاً إجتماع كهذا يُعتبر مؤسّسة إلهيّة . مع إجتماع كهذا أرغب أن أكون في شركة كاملة , لأنّه يمشي بالنّور وله شركة مع الله . ولكن مع هيئات طائفيّة , لا يمكن ان يكون لي شركة . لأنّ كل الطّوائف والهيئات من عمل الجسد ( غل 5 ) . في جميعها هناك عدم طاعة لمشيئة الله الُعلنة , وفي معظمها الملامح الواضحة للإجتماع المسيحي ناقصة تماماً .
إذا كان هناك شيء , مثل الإجتماع المحلّي اليوم , والّذي يُعرَف كبيت الله , بسبب إلتصاقه بالمباديء الكتابيّة , فإنّ من إمتيازي , بل من واجبي , أنْ يكون َ لي شركة معه وأدعمه بالكامل , إذا كنت أنا , شخصيّاً , سالكاً بالنُّور . الوفاق سوف يكون هناك , ويجعل من الشّركة أمراً ممكناً . إجتماعاً كهذا لن تجده بين الطّوائف , والّتي لن تُقْبَل على طالب السُّلوك بالنُّور . من النّاحية الأُخرى , كل الإجتماعات الّتي تشكّلت بحسب النّموذج البشري , بها الكثير من الملامح غير المقبولة على المؤمن الخاضع . لقد تمّ إستبدال فكر الله بالفكر البشري بالأمور المتعلّقة ببيت الله . هذا أمر جدّي للغاية . قبولي وشركتي مع الرب , بهذه الأمور , يمنعني تماماً من المشاركة بأيّ شيء يناقض فكر الرّب . قد يكون لي شركة مع بعض المؤمنين في تلك الهيئات , بشكل شخصي , ولكن بالشّركة العامّة , الّتي تأخذ الكنائس مكانةً فيها متجاهلة مشيئة الله المعلنة , فإنّه من المستحيل أن يكون لي شركة معهم , وبنفس الوقت , أبقى أميناً للرب .
إنّ فكر الله لشعبه أنْ يرفض الطّائفيَّة , بينما يظن العديد من المؤمنين , أنّ الطّريق الفُضلى لهم هو بقائهم في الطّائفيّة الّتي إختاروها ! , وان يتعاونوا مع الطّوائف الأُخرى , كلّما سنحت الفرصة لذلك . منهج كهذا يفترض بأنّ الطّائفيَّة أمرٌ غيرُ مهمٍّ للربِّ , أو ربّما تنال إستحسانَه ! الإصحاحات 1 و 3 من كورنثس الأولى تعلّمنا العكس . فبدل قفز المؤمنين فوق الحواجز الطّائفيّة ليكون بينهم شركة , نرى فكر الله بإنكار تلك الحواجز والإجتماع على الأرضيّة المشتركة ألا وهي كلمته المقدّسة .
القبول , كما رأينا سابقاً , هو التّرحيب بالمؤمن – الشّريك : إلى كل إمتيازات ومسؤوليّات شركة الإجتماع . لا يوجد هناك أي شرط سابق لقبول المؤمن إنْ كان لكسر الخبز أو لأيّ أمرٍ آخر .إجتماع الله هو المكان الّذي ينتمي إليهِ كلَّ مؤمن , وبإدراكه ذلك , يجب التّرحيب به للشّركة بكل معنى الكلمة . أمّا إذا لم يُدرِك هذا الأمر هكذا , من غير الممكن أن يشعر أنّ هذا هو مكانه المناسب , أو أن يعرف الشّركة الحقيقيّة أو أن يتناغم مع الأمور الحادثة , بغض النّظر عن مدى رغبتنا في قبوله بيننا . شركة حقيقيّة هي دائماً متبادلة . من غير الممكن أن تكون من طرف واحد . وقبولنا المؤمن , ليوم واحد , لسنة أو لفترة غير محدودة , هو دائماً على نفس الأساس : مشيراً بهذا لإدراكنا لملائمته للمشاركة بكل إمتيازات الإجتماع وواجباته . من جهّة أُخرى , يُشير هذا إلى إعترافه بالإجتماع كمؤسّسة إلهيّة , تعمل بحسب مشيئة الله . إن لم يكن الأمر كذلك , فشركة مؤمن كهذا لن تكون فعل طاعة , والشّركة سوف تكون أمراً شكليّاً .إن إستغلال الإجتماع كإستراحة لكسر الخبز فقط , بينما التَّمسُّك بالإنتماء لجسد طائفي , هو تجاهل لطبيعة الشّركة الحقيقيّة .
إذا ما فُهِمَ سر الكنيسة , بشكل جيِّد , سيقودنا لرفض أي شركة من ترتيب بشر . يكفينا هذا أنّ الله أوجد الشّركة لأجلنا , وَيُعبّر عن هذه الشّركة بتمييز كل مؤمن حقيقي تربطني به صلة روحيّة , وكل إجتماع حقيقي بكونه مؤسّسة حقيقيّة مدعووين لدعمها وخدمتها . تتميّز الشّركة الّتي من صنع البشر بكونها واسعة أو ضيّقة أكثر من اللازم . النّهج الصّحيح هو الّذي تركه لنا الرب في كلمته المقدّسة .
تتعلّق مدى شركتي مع المؤمنين الأفراد او الإجتماعات بمقدار سيري انا وهم بالنّور . لا يستطيع أيّ أحد أن يؤلّف لائحة إجتماعات يقول بها : مع هذه فقط يكون لكم شركة ! هذا هو جوهر الطّائفيّة .. أمّا إذا كنت أنا بشركة مع الرب , فأنا سوف أسير معه وسط المنائر الذّهبيَّة لكشف الأحوال والأوضاع , شاكِراً من أجل جميع السّالكين , وطلب إصلاح ما هو ليس بحسب التّرتيب .
دعنا لا ننسى تلك الصّورة المقترحة في الرّسالة إلى كنيسة لاودكيّة . نرى الرب واقفاً على الباب خارجاً يقرع , ناشداً الشّركة . دعنا نتأكّد من جعل شركته معنا ممكنة أوّلاً . الرب يقدّر هذا جدّاً . أمّا فيما يختص بالقدِّيسين , فدعنا نتعالى فوق اللّوائح المخيفة , كي لا نبذِّر شركتنا في مواضيع غير مفيدة , دعنا نخاف , ألاّ تكون شركتنا تحت المستوى المطلوب , حيث المختارون من الله لهم الحق بتوقُّعه منّا .