مناقشة في العمّاد
تناقشُ مجموعة من الشّباب موضوع العمّاد , ونعْجَبُ من مدى إختلافات وجُهات النّظر التى نسمعها .
" عندما كنْتُ رضيعاً , تعمّدْتُ في الكنيسة وأصبحتُ عُضْواً في جسد المسيح , إبناً لله ووارثاً لملكوت السّماوات " قال أحد الشّباب بثقة . بعدها إنْضمّ للمناقشة أحد الرُّفقاء ذو حاسّة سمع مُرْهفة والّذي يعتبر نفسه مسيحيّاً ولم يتعمّد إطلاقاً :
" لا أجد لهذا الفعل أيّ سبب منطقي " , قال بثقة " ما هي ضرورة العمّاد ؟ فإنّ مجرّد رش بعض الماء على رأس الرّضيع أو تغْطيسه بالكامل لا يُحْدِث أيّ تغْيير بالنّفس "
" هذا أمرٌ غريب ومحيّر أيضاً " , قال ثالث بعد إنضمامه لهم "لأنّ أحدكم يؤمن بمعموديّة الماء بكونها البوّابة لملكوت الله بينما الآخر يرفض هذا الفعل لعدم ضرورته أو أساسيّته".
في غضون ذلك , بينما كان شخص رابع يسمع باُهتمام لكل وجهات النّظر المُعبّر عنها مُقلّباً صفحات كتابه المقدّس إقترح أمراً منطقيّاً : الرّجوع إلى فقرات عديدة من العهد الجديد حيثُ ذُكِرَ الموضوع بالتّفْصيل هناك .
هلمّ ننضم إليهم الآن وبروح متواضعة وذهن متفتّح نجد الأجوبة لتساؤلاتهم .
ماذا تقول الكتب ؟
إنّ مصدر السّلطة الأوّل هو الرب يسوع المسيح نفسه , والّذي في إرساليّته العظْمى قال للتّلاميذ : " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» ( متى 28 : 19 , 20 ) . نقرأ آيات مشابهة في مرقس (16 : 15, 16) ويُبرهن هذا المرجع على حقيقة عمّاد التّلاميذ والمؤمنين فقط , " مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ " .
لم يُقابل هذا بالتّرحيب الكامل ولذلك تابع صديقنا الكتابِيْ مستنداً على ممارسة ومثال الرّسل في الكنيسة الأولى . فتحوا سفر أعْمال الرّسل وقرأوا الأعداد التّالية " فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ وَاعْتَمَدُوا وَانْضَمَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ" (2: 41 ) , وأيضاً " وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً " (8: 12 ) . ذكّرهم صديقنا أيضاً بقصّة وزير الحبشة , الّذي كان قد صعد إلى أورشليم للعبادة , وبرجوعه إلى موطنه كان يقرأ من سفر أشعياء النّبي ( 53 : 7 ) فوصلا إلى مكان حيث هناك ماء سأله الخصي أنْ يعتمد , فنزل فيلبُّس الى الماء معه وعمّدهُ ( 8: 36-38 ) . ونقرأ لاحقا في الكتاب أيضاً عن كرِسْبُس , رئيس المجمع اليهودي " كِرِيسْبُسُ رَئِيسُ الْمَجْمَعِ آمَنَ بِالرَّبِّ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ وَكَثِيرُونَ مِنَ الْكُورِنْثِيِّينَ إِذْ سَمِعُوا آمَنُوا وَاعْتَمَدُوا " ( 18 : 8 ) .
إسْتنتاجات مهمّه
بعد كل تلك الأمثلة السّابقة من الكتب إستنتجوا ضرورة العمّاد وذلك بالإعتماد على سلطة المخلّص نفسهُ وممارسة الكنيسة الأولى . لقد كان واضحاً جداًّ أنّ العمّاد يأتي بعد الإيمان , وتابعي الرب يسوع المسيح فقط من حقّهم ألمعموديّة .
أسئلة أُخْرى
شدّد أحدهُم على وجود مرْجِع في سفر الأعمال يذكُر إعتماد " كل البيت " وذلك بعد ما آمن سجّان فيليبّي بالرب يسوع : " فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ "(16:33) والتّشديد على وجود أطفال غير دقيق فقد ذكر بوضوح بأنّهم سمعوا الكلمة , آمنوا وفرحوا بالخلاص ( 16 : 34 ) .
-" ماذا يحْصُل " قال أحد الرّفقاء " إذا ما رُشِشْتُ بالماء أو غُطِّسْتُ وقت طقْس العُمّاد في صغري ؟ هل أحتاج لإعادة " العمّاد " ؟ "
فأجابه صاحبنا الكتابِيْ :
-" قد نجد بعض العون للإجابة عن هذا التّساؤل في أعمال 19 : 4 , 5 لمّا جاء بولس إلى أفسس ووجد بعض التّلاميذ الّذين اُعْتمدوا بمعموديّة يوحنّا للتّوبة . بعد سماعهم لإنجيل المسيح الكامل , موت الرب وقيامته " اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ" على المؤمن أنْ يعتمد طاعةً لوصيّة الرب بعد الخلاص , بغض النّظر عن خلفيّته .
إنتقل النّقاش الآن إلى طريقة العُمّاد , فبالرّجوع ليوحنّا 3 : 23 حيث نقرأ " كَانَ
يُوحَنَّا أَيْضاً يُعَمِّدُ فِي عَيْنِ نُونٍ بِقُرْبِ سَالِيمَ لأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ " وأيضاً في أعمال 8 : 38 حيث " نَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ فَعَمَّدَهُ " . تُؤكّد هذه الأعداد بضرورة الحاجة لمياه كثيرة وتشير إلى العمّاد بالتّغطيس وواضح بأنّ العمّاد كان في الماء وليس بواسطة الماء ( أو بالماء ).
بعد هذا أعطى صاحبنا , بالرّجوع إلى رومية 6 : 3 , 4 ؛ المعاني الرّوحيّة للعمّاد.
فالمؤمن الذي اُعْتمد يصرّح بأنّه " إعتمد لموتهِ ( موت المسيح ) "ولذلك , فالمعموديّه هي عمل رمزي لإتّحادنا بموت المسيح , دفنه وقيامته , قيامتنا حتّى " نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ " . المؤمن بالمسيح هو " خليقة جديدة " حُكِمَ على طبيعة آدم القديمة الّتي فيه , أُدين وقُبِر وهذا من مسؤوليّه وإمتياز المؤمن المُقام الحي في المسيح .
يُنشئُ هذا الفكر تمرين عميق للقلب والضّمير بين الشّركاء القلائل المجتمعين باُسم الرب يسوع المسيح . ونرجو من أولئك الّذين تكشّفت معاني العمّاد بدون شك أمامهم , في إختبارهم المسيحي , بإتّباع ربّهم ومُخلّصهم من خلال المعموديّه , مع الفرح النّاشئ عن طاعة كلمتهِ .
هل تستطيع أنْ تكون أحد هؤلاء الشُّركاء ؟