كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



هيكل الله

1كورنثوس 3 : 16

إنّ تعبير "هيكل الله" إستعمل هنا لشركة المؤمنين في كورنثوس, وليس للمؤمن الفرد . صحيح, بأنّ تعبير مشابه " هيكل الروح القدس" إستُعْمِل لجسد المؤمن الفرد وبيِّنة قوية على  التّقديس الشّخصي المُؤَسّس على هذا الحق الجليل . ولكن التّعبير الذي نتداول به الآن ينطبق على الجّماعة ككل .

في المسيحية , هناك أهمّية عظمى موجهة للأبنية التي أُقيمت من أجل عبادة الله ومن المحتمل بأنّ بعض الخدمات الدّينية الُمؤثّرة يرجع بالفضل فيها  للمؤثرّات المشاعريّة التي يثيرها تصميم البناء . قد يكون شك قليل فقط بأنّ هذا الإنفاق الهائل للمهارة  العمل والثروة المتعلقة بإقامة هذه الهياكل كان عادة يرجع للتأمّل العبقري والإحساس بمتطلّبات جلال الله , وإنّما التأثير كان عادة يهدف صرف الأتظار عن الحقيقة بأنّ , في هذا العصر, هيكل الله الحقيقي هو جماعة شعبه وليس البناء الذي يجتمعوا به .

ومهما كانت الطّبيعة البشريّة , فإنّه ليس بالأمر المفاجئ بان يتمسّك البعض بهذا الحق قد تطرّفوا الى الجهة الاخرى . ولأنهم قد رأوا بأنّ البناء المادي لا يمكن أنْ يكون هيكل الله , مُتبنّين الفكرة بأنّ المكان الذي يستعملونه ليس بذي شأن  نحن نؤمن بأنّ المنطق السليم بما يتعلق بالله سوف يقود إلى أنْ يكون بناء الاجتماع ملائم بقدر الإمكان لهدفه , وأيضاً ذو ميزة يجعله ملائم للجمهور . عندما ترى المؤمنين يسكنون في بيوت ممتازةٍ ومشهورةٍ بينما يجتمعون في كوخ فإنّه يشير إلى روحيّات زائفة .

وعلى الرّغم من ذلك نود أنْ نشدد هنا بأنّ الهيكل ليس هو البناية المادّية وإنّما هو القدّيسون الذين يجتمعون معاً باُسم الرب يسوع المسيح للعبادة وخدمة الله.

لذلك , نحن نقترح , درسَيْن أساسيّيْن من الحق المتعلّق باُجتماع القديسين بكونِهِ هيكل الله .

الدرس الاول " الإمتياز " .  بدون أنْ نثقل على خيالنا البسيط , نستطيع أنْ ندرك أيّ مشاعر اُنتابت كاهن مبتدئ أُخْتير لكي يدخل المكان المقدس في الهيكل القديم . بسبب ضعف الطبيعة البشرية , فمن المحتمل مع مرور السّنين بأنْ يعتاد تدريجياً على هذا الإمتياز ويأخذه كأمرٍ مفروغ ٍمنه , ولكن لا يمكن أنْ يكون هناك شك بأنّ الكاهن المبتدء سيكون شكوراً وفرحاناً على اُنتدابه للخدمة في الخيمة . قد يدّعي البعض أنّ الامور عنده أهون مما عندنا اليوم , لأنّه كان محاط بكثير من الأشياء التى تحثّ مشاعره , ولكن هذا لا يتطلّب منّا روحيّات عالية لندرك بأنّ , كما كان الهيكل القديم مجرد ظل ولدينا الأصل , اُمتيازاتنا الروحية أعظم مما للكاهن اليهودي .

 

كل مؤمن يساعد في تشكيل هذا الهيكل , كما يساهم كل حجر في إنهاء البناء المادي . في هذا الهيكل كل مؤمن , حتى الصغير , هو كاهن مقدس (1بط2: 5) وظيفته المكرسة تقديم ذبائح روحية للعبادة والتسبيح هذا لايعني بالضرورة بأن يكون له  دوراً مرئياً - وإنّما ندرك بأنّ هذا يتعلق بحالة القلب أكثر بكثير من مقدرة أُولئك الذين يقودون الإجتماع .

إنّه من الخطأ أنْ تقتصر فكرة العبادة للدعوة  للإجتماع الخاص بذكرى الرب في عشاء الرب كل اجتماع يجب أنْ يكون إجتماع عبادة . كل خدمتنا يجب أخذها بروح العبادة وإذا تحقّق هذا  في شركة المؤمنين , كل الاجتماع سينهض والروح القدس يستطيع التحرك بينهم بحرية وقوة . طبعا , إنّه لأمر طبيعي توقّع البركة عند مجيئنا إلى الإجتماعات , ولكن هناك دافعاً أكثر نبلاً من هذا , تذكّر المُعطي الأعظم الذي قال : " مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ " عندها يمضي القديسون إلى الإجتماعات بقلوب جذلى من الفرح , مكثرين من التسبيح , مدركين نوالِهِم إمتياز الإنضمام بقلوبهم للكهنة نُظرائهم لعبادة الله , بهذا  يبرهنون على صحة هذه الكلمات .

 

الدرس الثاني " المهابة" .  لقد سبق واُقترحنا وجود خطر  في تحرير أنفسنا من العبودية المتكلّفة الناتجة عن البناء الجليل والطّقوس المنمّقة , فمن الممكن أيضاً أنْ نبتذل في توجّهاتنا . إنّ الرب " إِلَهٌ مَهُوبٌ جِدّاً فِي مُؤَامَرَةِ الْقِدِّيسِينَ وَمَخُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ الَّذِينَ حَوْلَهُ " (مز 89: 7) ,  ولكنّنا نخاف على المُغْرَمين  بطلب  محضر الله ألاّ يعطوا البرهان دائماً على حقيقة تثقُّلهم بأُسلوب موقّر . الله وحده, طبعا , يعرف القلب وليس لنا أنْ ندين , ولكننا يجب ألاّ نتعجب من حالة أُولئك المؤمنين  ذوي النفوس الضعيفة , الذين اُجْتُذِبوا للمبادئ التي نتمسك بها نحن , فنراهم قد عثروا  بسبب السلوك غير المتوافق مع إعترافنا .

يجب ألا يُفسّر هذا كذريعة لنمط العبادة الطَّقْسِيَّة فالمهابة الصحيحة  لا تتعارض وممارسة المحبّة المسيحيّة الدّافئة والإهتمام الحقيقّي واحدٌ بالآخر والسّعادة بشركة أحدهُم بالآخر .

على كلٍ , إنّها الحالة التي فيها أُضرمتْ قلوبنا من دفئ الشركة المسيحية , فإنّ حضور الرب قد جعل باقي الأشياء حقيقيّة فمن الصعب التخيّل بأن هذا قد يعثر إلا اكثر الطقسيّين ترسُّخاً . مع ذلك , لا يوجد هناك عذر لجو عدم الإهتمام والعناية . قد ينشأ عدم الوقار في العبادة للتعوّد على الأشكال المختلفة لاُجتماعات الجماعة أكثر من أيّ سبب آخر عدم الوقار الذي , عادة , لا يُقَرُّ بِه هكذا . لنأخذ مثلاً واحداً : : عندما نقود الإجتماع في الصلاة فهل نؤمن حقّا بأنّ صلاتنا موجَّه لله القدير ؟ مرة أُخرى , الرب وحده يحكم في القلوب ولكن أحياناً لا بد من الإستنتاج بأنّ الصلاه تُسْتَغَل كفرصة , ليس للكلام مع الرب بل للمشاركة بأخبار أو وعظ الآخرين . في أفضل الأحوال , قد يُصْنًع هذا بغير قصد وكمجرد عادة , في اللاوعي مُكتسبة بمرور السنين او ربما تمثُّلاً بالآخرين ولكن لا بد لهذا أن يُثير التساؤل عن مدى إدراك الشخص قبل ان ينهض على رجليه , لمدى قُرْبِهِ من الله  . إنْ كنا حقّاً نظن أنّ مثل هذه الأخبار يجب مشاركتها مع الإخوة , دعنا نوضّح الأمر بصدق , ونخبرهم به وألاّ نجعل من الصلاة  غطاءً لهذا الهدف . لنفس الإعتبارات , لنمتنع عن الإتّكال على الجُمَل الجاهزة في صلواتنا , تلك المقتبسة عن الآخرين أو التي إستعملناها نحن سابقا والتي تربّعت على عرش عقولنا بحيث من الصعب زحزحتها من هناك . هناك حدود للمفردات , حتى عند عند أكثر المؤمنين موهبةً ولا يوجد هناك فائدة من البحث عن تعبير جميل نُلبِس به فكرة مهمة , ولندأب على مقاومة النّزعة لترديد تعبير لم يعد يُفصح عمّا في قلوبنا . بالتأكيد , إذا أحببنا الرب , وآمنّا حقاً بقربنا منه , في شؤوننا الحيويّه والمهمة جداً , ألا يدفعنا هذا لرفض إعادة تعابير جوفاء لا تفي بالهدف المنشود بالوقار والبركة لأرواحنا ؟ لا نقول بأنّ هناك حاجة إلى إبتداع التّعابير واللّهاث وراء ألتّنمُّق والذي قد يكون أشرَّ من سابِقَيْهِ . جُلّ ما ننشده : الممارسة القلبية , حيث تعابير الكلام هي العبيد , وليس السّادة , لقلوبنا وأفكارنا .

إنّه لأمر مُعَزِّي معرفة الله لضعفنا وتذكّره بأنّنا لسنا إلاّ تراب , ونحن نؤمن بكل وقار , أنّه , بالنِّعمة , يسمح بضعف الطبيعة البشرية هذه , والتي تجد صعوبة بالغة للتغلّب على القيود الآسرة للعادات .

على الرغم من هذا , ليتنا نمتحن قلوبنا , لنتعلّم الدرس العظيم الذي إختبره أشعيا بتواضع أمام الرب ( إش 6 ) . نرى هنا الساروفيم الخادمين أمام عرش الله مملوئين من الرّهبة دفعهم لتغطية وجوههم صارخين : " قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ " ,  وعندما إختير واحد من الملائكة ليأخذ الجمرة المشتعلة ليمسّ بها شفتيْ النبي , شعر بقداسة الأُمور المختصّة بالله , ولكي لا يحرق يده , إستخدم الملقط . هل يداهمنا خطر التعوّد على خدمة الأُمور المقدسة المختصة بالله , بحيث نصل أخيراً لدرجة التّعامل بها باُستخفاف وعدم الإحترام الكافي لشؤون الله المقدّسة . من حالة القلب هذه لا يوجد سوى خطوة واحدة نحو السقوط بعدم الوقار المشيئة الذاتيّة .

كم من خراب قد حصل , بإصرارنا أنْ يعمل كلُّ واحد بحسب طريقته . إنّ هذا دائماً يأتي بالكارثة على المسيحي , أكثر من أيّ أمر آخر , عندما تدخل المشيئة الذّاتيّة  للكنيسة . لهذه الخطيّة بالذّات , أكثر من أي شكل آخر من أشكال عدم  التَّوقير  في الإجتماع موجّه هذا التحذير : " الذي يفسد هيكل الله يفسده الله " كيف سيفكِّر الملائكة , الموجودين أمام محضر الله , عندما يرون إنسان تافه , الذي أُنقذ بثمن غالٍ من الدينونه التي يستحقُّها , يتصرف باُستخفاف أمام مخلِّصه ؟

إنّه لأمر معزٍّ كون الله لا يرفض القلب المنسحق , وإذا شعرنا بالذنب في محضره , فهناك النعمة حاضرة عندنا التي تمكّنا من الكشف عن تعدّياتنا وتعليمنا خدمة الرب المقبولة بخوف ورعدة .

إن هذه الروح لن تسلب من إجتماعات القدِّيسين أي دفء ومتعة كانت , بل على العكس , فإنّ هذا سوف يرفع من مستوى عبادتنا الروحية الحقيقية , بحيث تكون كل المناسبات , بالشركة الكنسية , سبب لتعميق تقديرنا لأمور الله , فطالما هذه المناسبات تُعمل في قاعة الاجتماع , تلك البناية , غير متبلبلين مع هيكل الله الحقيقي فالمكان سوف يعبق بشذى الذكريات المقدسة ورائحة المسيح الذّكيّة .