كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



كيف تتهيّء لمشاركة الاخرين ؟


هناك القليل من الفقرات المعروفة أكثر من رو 1 : 16 : " لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ لأَنَّهُ قُوَّةُ ٱللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ" . يقتبس هذا العدد بكثرة بإجتماعات الصّلاة ومن المؤكّد أن كل مبشر قد إستخدمه مرّة واحدة ( على الاقل ) موضوعاً لرسالته الخلاصيّة . هل نحن نؤمن بهذا حقّاً ؟ لإذا كان جوابنا إيجابيّاً , فكيف تفسّر إذاً عدم فعّالية تبشيرنا ( النّسبي ) ؟
إن الانجيل هو القوّة التي يستخدمها الله في خلاص البشر, وإذا لم نختبر إظهارات هذه القوة, سيكون الفشل من نصيبنا قطعاً. فيجب عندها أن نقبل الرب ونتجدد وليس فحص الذات. يجب ألا نستهين بالمبادرات, ولكن التجديدات والمشروعات – بحد ذاتها – لا تجعل الإنجيل أكثر فعّاليّة:" لأَنَّهُ إِذْ كَانَ ٱلْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ ٱللهِ لَمْ يَعْرِفِ ٱللهَ بِالْحِكْمَةِ ٱسْتَحْسَنَ ٱللهُ أَنْ يُخَلِّصَ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ ٱلْكِرَازَةِ" (1 كو 1 : 21 ), فبدل من البحث عن أعذار مقنعة لفشلنا, لنواجه الحقيقة أن المشكلة ليست بالإنجيل, بل فينا ( بصفتنا قنوات ينساب الإنجيل من خلالها للآخرين ) .
سنقترح ثلاث أمور - على الاقل - تجعل مشاركتنا الآخرين بالإنجيل أكثر فعّاليّة:التّحضير, القوة والأحشاء. قال الرب يسوع لتلاميذه قبل صعوده إلى السّماء: وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي" ( لو 24 : 43 ). لم تكن هذه الإقامة "وقتاً ضائعاً", على العكس تماماُ, فهذا وقتاً صرفه التّلاميذ بصورة نافعة جدّاً, فنقرأ أنهم :" وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ ٱللهَ " ( عد 53 ). مرّة أخرى:" وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ ٱلْخَمْسِينَ كَانَ ٱلْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ " (أع 2 : 1 ).
التّحضير
إن حياة اليوم مليئة وفعّالة, خصوصاً لخدّام الرب, ومن الضّروري للخادم أن"يقيم" لفترة بين الحين والاخرى. يا له من فكر مبارك نستشفّه من كلمات الرب لتلاميذه:"فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَٱسْتَرِيحُوا قَلِيلاً. لأَنَّ ٱلْقَادِمِينَ وَٱلذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلأَكْلِ " عندما كان يأتي الكثيرون ويذهبون, ولم يتسنّى لهم حتى أن يأكلوا ( مر 6 : 31 ). من المتعارف عليه, وفي كل مجالات الحياة, أن فترة راحة وتغيير هي ضروريّة, بين الفينة والفينة, لتجديد الحيويّة وتشديد الجسد, لمواجهة أخرى لمتطلّبات الحياة. إن هذا صحيح أيضاً في المملكة الروحيّة, فلربّما تكون دعوة الرب لنا أن نستريح قليلاً, حيث ننال دفعة جديدة تمكّننا من الذّهاب قدماً بمسحة وقوّة الروح القدس.
سيكون من امتيازنا في هذه "الاستراحة" أن نستفئ بظل أرجل الرب, وكم ستكون بهجتنا عندما سيغدق علينا من غنى نعمته, ويغنينا بمعرفة شخصه, في الحكمة والفهم, والتي هي أمور ضروريّة لكل من يريد أن يخدم الرب بصورة فعّالة. لذلك يجب أن نكون جاهزين للمرحلة الاخيرة من تحضيرنا. تجديد القلب والروح: محبة المسيح تحصرنا ( 2 كو 5 : 14 ), فتحلّ علينا قوّة المسيح " فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي ٱلضُّعْفِ تُكْمَلُٱ. فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ ٱلْمَسِيحِ " ( 2 كو 12 : 9 ) وهكذا نمنح قوّة من الاعالي ودفعة الى الامام. يا ليت نختبر هذا التّحضير والذي يجلب لنا التجديد الروحي والتّغيير في القوّة والتقدّم بطاقة وقوة الروح القدس. إن كل الصور الرائعة والدروس الموجّهة في التّحضير, معطاة لنا في 2 أخ 34, 35.
34: 31 " وَوَقَفَ ٱلْمَلِكُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَقَطَعَ عَهْداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ ٱلرَّبِّ وَلِحِفْظِ وَصَايَاهُ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَكُلِّ نَفْسِهِ لِيَعْمَلَ كَلاَمَ ٱلْعَهْدِ ٱلْمَكْتُوبِ فِي هَذَا ٱلسِّفْرِ". والنتيجة:
35 : 4 " وَأَعِدُّوا بُيُوتَ آبَائِكُمْ حَسَبَ فِرَقِكُمْ حَسَبَ كِتَابَةِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَحَسَبَ كِتَابَةِ سُلَيْمَانَ ٱبْنِهِ."
35 : 6 "وَاذْبَحُوا ٱلْفِصْحَ وَتَقَدَّسُوا وَأَعِدُّوا إِخْوَتَكُمْ لِيَعْمَلُوا حَسَبَ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ عَنْ يَدِ مُوسَى..."
35 : 10 " فَتَهَيَّأَتِ ٱلْخِدْمَةُ وَقَامَ ٱلْكَهَنَةُ فِي مَقَامِهِمْ وَاللاَّوِيُّونَ فِي فِرَقِهِمْ حَسَبَ أَمْرِ ٱلْمَلِكِ "
35 : 16 " فَتَهَيَّأَ كُلُّ خَدَمَةِ ٱلرَّبِّ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ لِعَمَلِ ٱلْفِصْحِ وَإِصْعَادِ ٱلْمُحْرَقَاتِ عَلَى مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ ... "

القوّة
يشتهي جميعنا رؤية برهان قوة الله في الاجتماعات التبشيرية, ولكن هذا ممكن فقط إذا كنا في حاتة روحيّة صحيحة لكي نختبر هذه القوّة, ولكن من جهّة أخرى, من المستحيل تحديد قوّة الله. نرى في أع 2, جماعة في شركة مقدّسة, فلمّا رفع بطرس صوته إمتلك كل الدّعم من الآخرين. هل تستغرب كيف آمن 3000 شخصاً؟ إنه أمراً عظيماً, وذلك لأنّهم " كانوا يواظبون .. ". ولكن قد يعترض قائل : " ولكن ذاك كان يوم الخمسين ", إسمع إذاً كلمات الوحي عن إنجيل المسيح فهو: " قوة الله للخلاص لكل من يؤمن". عندما نتكلم عن قوة الله نرى أمرين مرتبطين سويّة وهما: الصّلاة والحمد. كيف صلّوا !! كم توسّل الرسول من أجل صلوات القدّيسين! صلاة حارّة وفعّالة! كيف لاحظ الرب صلاة النّفس: " ... لانّه هوذا يصلّي ".
لقد اشرنا سابقاً لاولئك الّذين واظبوا في الهيكل بنفس واحدة مسبّحين الله, ولكن في أع 16 : 25 نرى رجلين يفعلان نفس الشّيء وهما في السّجن الدّاخلي! لقد تحمّلوا الخزي المخجل والعار وآلام الجسد المبرّحة ليكسروا القلوب المتحجّرة فنقرأ عن الرجلين: " .. "! كان أمراً جليلا عتيداً أن يحدث! لقد حدث فعلاً!! خلص في تلك الليلة, السجّان وكل عائلته! كم هو مقدار الفرح الذي صار في السّماء (وعلى الأرض!), أنظر أيضاً: " لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَٱلدُّعَاءِ مَعَ ٱلشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى ٱللهِ" ( في 4: 6 ), إننا نملك كل شيء فلنشكر الله من أجل هذا ليرى الآخرين فرحنا بالرب! لقد مرّ عشرات القرون منذ كتب المزمر: " وَجَعَلَ فِي فَمِي تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَةً لإِلَهِنَا. كَثِيرُونَ يَرُونَ وَيَخَافُونَ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ" ( مز 40 : 3 ). ونحن أيضاً لدينا أغنية جديدة لنغنيها لذاك الذي وضع نفسه لأجلنا. التسبيح يعطي الصّلاة أجنحة حتى تطير فيهما!
ولكن هناك علاقة أساسية ثالثة وضروريّة إذا أردنا إختبار قوة الله في وسطنا علينا المكوث في محضر الله. "ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ ٱلاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ" ( مت 10 : 1 ). لقد أعطاهم سلطاناً ( قوّة ) لعمل المعجزات والآيات, ولكننا نحن نحتاج لنفس القوّة للقيام بمعجزة الخلاص. كم هو مبارك عندما نقرأ كلماته متذكّرين أنّها قيلت عندما أوكل الرب تلاميذه بالإرساليّة العظمى:"فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» " , " ..ﭐذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا " ( مت 28 : 18 , 20 , مر 16 : 15 ).
ألأحشاء:
إننا نفكر عند إستعمال هذا التّعبير " بالعواطف القويّة " .
"آه". قد تقول "هذا من الجسد, ويجب كبتها وصلبها على الصّليب!؟" ولكن قبل أن تأخذ مثل هذه الخطوة وتبعد عنك بعيداً مثل هذه " الاحشاء " كأمر مستهجن , إليك بعض الصور الكتابية التي تظهر معنى العواطف القويّة ( الاحشاء ) !
" عَيْنِي تُؤَثِّرُ فِي نَفْسِي لأَجْلِ كُلِّ بَنَاتِ مَدِينَتِي" ( مراثي 3 : 51 ) .. ماذا يعني هذا ؟
" وَبَيْنَمَا بُولُسُ يَنْتَظِرُهُمَا فِي أَثِينَا احْتَدَّتْ رُوحُهُ فِيهِ إِذْ رَأَى الْمَدِينَةَ مَمْلُوءَةً أَصْنَاماً" ( أع 17 : 16 ) وهذا ماذا يعني؟
"فَصِرْتُ أَنَا أَبْكِي كَثِيراً، لأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مُسْتَحِقّاً أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَقْرَأَهُ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ" ( رؤ 5 : 4 ) وما رأيك بهذا؟
من يستطيع أن يقرأ الاناجيل ولا تنطبع في داخله صورة الرب يسوع وأحشائه اللامتناهية ؟ مكتوب عنه أنه عندما رأى الجمهور كغنم بلا راعي تحنّن عليهم. لاحظ أيضاً الرحلة الاخيرة الى أورشليم :" وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا" ( لو 19 : 41 ), وكذلك أمام قبر لعازر: " وبكى يسوع ". لقد كانت هذه بعض الايات الكتابية التي كشفت لنا عن عمق المشاعر الالهية تجاه البشر عند احتياجهم العميق! هو الذي صنعنا لنلمس, لنقدر بدورنا أن نلمس الاخرين, ولكن من المحتمل أن حاجتنا لرؤية متجدّدة لنتحرر من الخمول أمام حاجة البشر الملحّة للرب!. يجب أن نرى الرب في المجد الذي كان له مع أبيه قبل تكوين العالم!. لنراه كما جاء: " الرب من السّماء ", آخذاً صورة بشر, لنراه كما تواضع وأطاع حتى الموت موت الصّليب. لنراه الان ممجّداً عن يمين الاب وهو ملك ومخلّص. لنرى الحقول كما هو رآها : " قد إبيضّت للحصاد ", فلنتحرك بمثل هذه الرؤيا ونمنح أنفسنا بدون تحفّظ كعاملين في " حقول الحصاد ".
لا بد – مع رؤية كهذه وتقديس متجدّد – أن نقتنص الفرص الموهوبة لنا لنعرّف بالرّسالة العجيبة والتي هي قوّة الله في خلاص البشر. كم نود أن نرى رجالاً ونساءاً قد يأسوا من حياتهم ومنحوا قلوبهم بفرح للرب يسوع معترفين به مخلّصاً وربّاً, وفي " جدّه الحياة " يقدّمون برهان واقعيّة إيمانهم !
إذا وعينا الفرصة الموضوعة أمامنا فلا بد وأن نحصد الحصاد كما هو مكتوب: " الذَّاهِبُ ذِهَاباً بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ مَجِيئاً يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ " ( مز 126 : 6 ) .
نعم , إن إنجيل المسيح هو قوّة الله للخلاص لكلّ من يؤمن, وعندما نتجدد ونتقوى, نتقدّم بقلوب مضطرمة لإعلان رسالة خلاص النّفوس !!