كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



أفكار من مزمور 48

مزمور 48 هو الأخير من مجموعة المزامير الثلاث : 46 – 48 , والتي تحضر امامنا قوّة الله العظيمة بخلاص شعبه من أعدائهم : "يُخْضِعُ ٱلشُّعُوبَ تَحْتَنَا وَٱلأُمَمَ تَحْتَ أَقْدَامِنَا" (مز 47 : 3) . يا له من تشجيع كبير لتذكير قلوبنا , أنّ ذاك الذي إفتتح الثلاثيّة بالقول : " ألله لنا ملجئ وقوّة " ( 46 :1 ) قد إختتمها بالقول : "لأَنَّ ٱللهَ هَذَا هُوَ إِلَهُنَا إِلَى ٱلدَّهْرِ وَٱلأَبَدِ. هُوَ يَهْدِينَا حَتَّى إِلَى ٱلْمَوْتِ. " ( 48 : 14 ) .
ينقسم مزمور 48 الى قسمين :
1 – 8 وموضوعه قوّة الله , وينتهي بالعبارة : " الى الأبد " .
9 – 14 وموضوعه فضل الله وينتهي بنفس العبارة : " الى الأبد " .
من الممكن أن ندرس كل مزمور ( تقريباً ) من ثلاثة توجّهات مختلفة :
تفسيريّة – الخلفيّة التاريخيّة
نبويّة – التوقّعات
تطبيقيّة – لحياتنا الروحية.
سنحاول تطبيق هذا المنهج على هذا المزمور :
التفسيرية –
يربط معظم المفسرين هذا المزمور بالخلاص العظيم الذي صنعه الله في 2 مل 19 عندما خلّص الله شعبإسرائيل
بزمن حزقيا من يدي سنحريب الأشوري . إن الله هو الذي دافع عن المدينة بقضائه على أكثر من 185000
جندي في ليلة واحدة : "وَأُحَامِي عَنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ لِأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي .وَكَانَ فِي تِلْكَ
اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحاً إِذَا هُمْ
جَمِيعاً جُثَثٌ مَيِّتَةٌ. فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعاً وَأَقَامَ فِي نِينَوَى " ( 2 مل 19 : 34 – 36 ) .

النبويّة –
يرى البعض خلفية المزمور بمشهد القضاء على أعداء إسرائيل كما تنبّئ حزقيال في إص 38 . يعتبر عدد 2 من هذا المزمور , وخصوصاً التعبير : " أقاصي الشّمال " ذا أهميّة قصوى . إنّ الشّمال في الكتاب هو مكان الظّلام , الغموض والدّسائس , فهو رمز نقيض لله الذي هو : " ... نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ ٱلْبَتَّةَ " ( 1 يو 1 : 5 ) . لذلك , عندما يقوم هذا الخصم الشّمالي : "وَتَأْتِي مِنْ مَوْضِعِكَ مِنْ أَقَاصِي ٱلشِّمَالِ أَنْتَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ, كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ خَيْلاً جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَيْشٌ كَثِيرٌ" ( حز 38 : 15 ) ضد مدينة الله , فإن ألله نفسه سيصنع الخلاص : "وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. وَأُرْجِعُكَ, وَأَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ, وَأُخْرِجُكَ أَنْتَ وَكُلَّ جَيْشِكَ خَيْلاً وَفُرْسَاناً كُلَّهُمْ لاَبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ, جَمَاعَةً عَظِيمَةً مَعَ أَتْرَاسٍ وَمَجَانَّ, كُلَّهُمْ مُمْسِكِينَ ٱلسُّيُوفَ... فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ " ( 3 , 4 , 23 ) .
التطبيقية –
إن تطبيقات هذا المزمور عديدة ومتعدّده – لكن الشرط أن تبرهن هذا التطبيق بحسب باقي الأسفار الموحى بها, عندها فقط , سننال البركة منه . من الممكن تفسير هذا المزمور على الفرد عندما يكون في وسط البحر الهائج , ولكن الفكرة المركزيّة هنا هي " المدينة " – والتي تذكرنا أننا جماعة نعيش سوية – تجمع مؤمنين .
هناك حاجة وضرورة لأعادة صياغة الحقائق الكتابيّة للجماعة وممارساتها لتأسيس المؤمنين الأحداث وتذكير المتقدّمين بالأمور المتيقنة عندنا ( قارن : 1تيم 4 :6 , 2 تيم 2 : 14 , لو 1:1 ) . لنأخذ إذاً المدينة كمثال لكنيسة العهد الجديد حيث نرى الفكرتين الأساسيّتين :
1) لقب المدينة
توصف المدينة هنا بأربعة ألقاب :
أ) "مدينة إلهنا " – الجلال (عد 1 )
يرتبط هذا الوصف بقداسة الله : " جبل قدسه " . نرى في الكتاب أن ألله يسكن مع الإنسان منذ أول الخليقة في جنة عدن حتى آخر سفر الرؤيا إص 21 و 22 , ولكن شركة كهذه تتطلّب القداسة التّامة : "وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِساً وَكَذِباً، إِلَّا ٱلْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ ٱلْحَمَلِ " ( رؤ 21 : 27 ) . أما في التّدبير الحاضر فإن مكان سكنى الله فهو كالتّالي :
1) الكنيسة – التي هي مسكنه : "الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ مَعاً، مَسْكَناً لِلَّهِ فِي ٱلرُّوحِ" ( أف 2 : 22) . لن نستطيع إدراك ذلك بالكامل إلا بعد إختطاف الكنيسة .
2) المؤمن – الفرد "أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلَّذِي فِيكُمُ ٱلَّذِي لَكُمْ مِنَ ٱللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟" ( 1 كو 6 :19 ) . وهذه حقيقة كنابية , ولكن إذا كانت حالة المؤمن لا تتوافق مع هذا الحق , فلا بد أن يمارس قضاء الله على المؤمن .
3) الإجتماع – كشعبه "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللهِ وَرُوحُ ٱللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟" ( 1 كو3 :16 ) , وهو ما نتامل به الآن , وهنا أيضاً إذا لم تتلائم حالة مكان سكنى الله , فقد يؤدي لإنتقال بعض أفرادها : "مِنْ أَجْلِ هَذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ" ( 1 كو 11: 30) , وأخيراً , قد يؤدي الى زحزحة المنارة : "فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَٱعْمَلِ ٱلأَعْمَالَ ٱلأُولَى، وَإِلَّا فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إِنْ لَمْ تَتُبْ" ( رؤ 2 : 5) .
يجب أن تتوفر في جميع تلك المساكن القداسة التامة لنتمتع بمحضر الله . لقد ظهر قضاء الله منذ بداية الكنيسة عندما أدان الله بصورة قاطعة وقاسية خطية الكذب ( أنظر : أع 5 :1 –10 ) . إن محضر الله الساكن وسط شعبه ( في أي إجتماع ) يتطلّب القداسة , الوقار والإحتشام . عندما أدرك يعقوب أنه موجود في " بيت الله " قال : " ما أرهب هذا المكان " ( تك 28 : 17 ) . كل الرجال الذين إستخدمهم الله أدركوا قداسة الله وعدم نفعهم :
موسى – (خر 3 : 1 – 5 ) .
إشعياء – ( أش 6 : 1 – 7 )
حزقيال – ( حز 1 : 28 )
بولس – ( أع 9 : 4- 5)
يوحنا – (رؤ1 : 17) .
إذا تملكنا هذا الفكر , فلا بد أن نتحذر لتصرفاتنا ببيت الله : "هَذَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكَ رَاجِياً أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَنْ قَرِيبٍ. وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ ٱللهِ، ٱلَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ ٱللهِ ٱلْحَيِّ، عَمُودُ ٱلْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ " ( 1تيم3 : 14- 15 ) .
لا نجد مطلقاً في العهد الجديد أي توجه للرب يسوع باسمه الشخصي : " يسوع " . لقد كانت لغتهم دائماً موقرة ومبجلة , بما يتناسب مع ذاك الذي هو " إلهاً قديراً " ( إش 9 : 6) . لقد دعا الرسل يسوع دائماً باللقب : " يا رب " . ( يهوذا فقط بكل الكتاب دعاه يا سيدي . أنظر مت 26 : 49 ) . كم هو مبارك أن نقدر هذا الرب ونعترف به كتوما : " ربي وإلهي " ( يو 20 :28 ) . ننزع هذه الأيام الى الإبتذال في توجهنا الى الله – التعود عليه أكثر من اللازم , حيث نستخدم , كبارا وصغارا , لغة غير كتابية أو مفيدة في صلواتنا . يرتعد المؤمن بأعماقه عند سماعه بعض المؤمنين يتوجّهون للرب يسوع المسيح ( له كل المجد ) " بأخونا البكر " باستنادهم على سفر العبرانيين . صحيح أنه هو يعتبرنا إخوة ولكن بالنسبة لنا هو ربا وإلهاً . لنتأمل بتصرف بطرس الذي كان شبه عار , لما أدرك أنه في محضر يسوع, لبس ثيابه سريعاً : "فَقَالَ ذَلِكَ ٱلتِّلْمِيذُ ٱلَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ ٱلرَّبُّ». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ ٱلرَّبُّ ٱتَّزَرَ بِثَوْبِهِ لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي ٱلْبَحْرِ " ( يو 21 :7 ) . ألا يشير لهذا الرسول الذي يذكرنا بكيفية تصرفنا بالإجتماع : "وَكَذَلِكَ أَنَّ ٱلنِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ ٱلْحِشْمَةِ مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّلٍ، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لَآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ ٱلثَّمَنِ " ( 1تيم2 :9) . لقد ندر اليوم , في معظم الإجتماعات رؤية أخت تلبس لباس الحشمة وشعرها الطويل مغطى " إِذِ ٱلْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ " ( 1 كو11 :6) أو أخ مع شعر قصير وبدون حلقات وأساور " كُلُّ رَجُلٍ يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ يَشِينُ رَأْسَهُ...أَمْ لَيْسَتِ ٱلطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ ٱلرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟"( الاعداد 4 , 14 ) . إن تصرفات كهذه لا يمكن أن تكون من نصيب اولئك المجتمعين بمسكن الله " في مدينة إلهنا " .
ب) " مدينة الملك العظيم " – الملكية ( عد 2)
يتميز حكم الملك بالصرامة وعدم التهاون , وهكذا الإجتماع – مكان للحكم , نظام وترتيب . هلم نتعقب إثر قادة شعب الرب وكيفية قيادتهم , من الكتاب لننال بركة عظيمه :
1) من الرسالة الى العبرانيين إص 13 , حيث يذكر كلمة مرشد ثلاثة مرات ( والتي تعني باليونانية القيادة والتوجيه ) :
أ‌) "اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ ٱلَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ ٱللهِ. ٱنْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ " ( عد 7) – حث لنذكر مرشدينا .
ب‌) "أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَٱخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَاباً، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هَذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ" ( عد 17 ) – الحث أن نخضع ( أي نسمع ونقتنع ) ترجمت هنا خضوع ولكنها نفس الكلمة باليونانية مثلاً :
" ويقنعانهم " - أع 13 :43
" يقنع " – أع 13 : 26
" تقنعني " – أع 26 : 28
" موقن " – 2تيم1 : 5 , 12
"تيقنا " – عب 6 :9
"صدقوها " – عب 11 : 13 .
إن كلمة " الخضوع " لهي في حينها , بعصر التفرد الذي نحيا فيه . لا يكف العالم عن محاولة إختراق الكنيسة وزرع طرقه في الكنيسة : "قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «ٱلْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ. هَذِهِ ٱلشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهَذَا ٱلسَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي ٱلإِيمَانِ" ( تيطس 1: 12 , 13) . يتميز العالم الذي حولنا بتمرده على القانون والأنانية – لننتبه إذاً لتلك البذور التي يحاول العدو زرعها في وسط كنيسة الرب . إن جوهر المسيحية هو الخضوع وإنكار الذت , لذلك فإن عدم الخضوع للأهل , عدم إعنبار الجيل والتوجه " أعمل ما أريد " – كلها أمور يجب أن نتجنبها دون مساومة . يجب أن نتذكر أن الإجتماع هو مكان نظام وسلطة الورع والقداسة .
ج) " سَلِّمُوا عَلَى جَمِيعِ مُرْشِدِيكُمْ وَجَمِيعِ ٱلْقِدِّيسِينَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ إِيطَالِيَا" ( عد 24 ) يجب عدم السماح للكبرياء أو أفكار التشامخ أن تسيطر على أذهاننا , عندما ننظر لإخوتنا الذين يرعون الرعية بالحق . فإن روح الحق يرشدنا حتى : "ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي ٱلرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيراً جِدّاً فِي ٱلْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً " ( 1تس5: 12, 13)
لنلاحظ أن المرشدين ليسوا فوق \ على الإجتماع ( بمفهوم : " هم" و " نحن" ) بل هم " الذين بينكم " ,
وعندما يكون إخوة كهؤلاء , ذوي رغبة في إرشادنا بطرق الرب , حاول أن تقبل ذلك بروح التواضع غير مستاء .
ج) " مدينة رب الجنود " – السلطة ( عد 8 )
يشير هذا الى ممارسة السلطة على عدد غير محدود من أرواح الملائكة , وبالطبع هو الرب المسيطر في الإجتماع . نرى ممارسة هذه السلطة في رسائل الكنيسة السبعة في آسيا ( رؤيا 2 و 3 ) فهو القادر على زحزحة المنارة ( الشهادة ) , وأيضاً هو كلي القدرة الماسك بيده المكافئات للمستحقين . عندما تدخل الخطية للإجنماع وتمارس الدينونة ضدها فإن ذلك يعمل بإسم ربنا يسوع المسيح و " ...إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ " ( 1 كو 5 :4 ) . لا تستبعد الخطية بقسوة أو بروح الحقد بل التوجه هو نحو الإصلاح , متذكرين أننا ننفذ هنا على الأرض ما سبق وتقرر في السماء ( مت 18: 18) . عندما نبحث في ماهية العمل الإنجيلي دعونا نلاحظ أولاً " رب الحصاد " ( لو 10: 2) , الذي يرسل فعلته قدماً . عند الحديث عن الإنجيل , فإن المقدرات البشرية ليست هي المقياس للتحرك بالخدمة , لأن هذه أولاً دعوة من الرب للخروج للعمل .
د) " مدينة إلهنا " – السيادة العليا ( عد 8 )
يشير الجزء الثاني من الآية الى فكر الثبات والديمومة : " الله يثبتها الى الأبد " . ترى سيادة الله بوضوح في فعالية كل إجتماع .إن أهم أمر للخدمة هو الموهبة , وعن طريق ذلك نرى سيادة الله المطلقة بتسديد الإحتياجات. ذكر موضوع المواهب في ثلاثة أمكنه :
أ‌) " ... كما قسم الله ..." – رو 12: 3 . ألله ( الآب ) هو العامل هنا " كما قسم ألله لكل واحد " (عد 1)
ب‌) " ... قاسماً ... كما يشاء .. " – 1كو12: 11 . الروح هو الذي يقود . وفقط بالعهد الجديد نقرأ عن مشيئة الروح " قاسماً لكل واحد (بمفرده) كما يشاء " . وكذلك أيضاً : " ... ومواهب الروح القدس حسب إرادته (إرادة الروح القدس) " ( عب 2 :4) .
ت‌) "... قياس هبة المسيح .. " – أف 4 :7 – 11 .إن المسيح المقام هو الذي يمنح المواهب للبشر , وهكذا نرى أن كل الأقانيم في الثالوث يشتركون في إعطاء المواهب بحكمة سيادية . فإذا كان الأمر كذلك , فلنقتنع بالموهبة المعطاة لنا . لدينا الميل أن نغار من موهبة الآخرين , فنعاني الكثير من رجال قد إحتلوا مراكز لم يدعوهم اليها الرب على الأطلاق . كم هو مبارك عمل الإجتماع عندما يقوم كل أخ أو أخت راض بموهبته وموهبتها بممارستها لمجد الرب وبنيان إخوته المؤمنين . هدف كل موهبة هو سد الإحتياج , حركة لطيفة وتناغم كامل تحت السيطرة الإلهية . حالة كهذه هي كنز عظيم .
2) مشغوليّة أهل المدينة
أ) العبادة
"...عظيم هو الرب حميداً جداً " (عد 1)
"... تسبيحك .." ( عد 10)
إن القديسين الذين أخذت مجامع قلوبهم عظمة الرب يسوع هم القادرين أكثر من غيرهم على التسبيح للرب . وهذا أحد الأسباب لإزدياد عدد الترانيم قبل كسر الخبز . يا ليت يكون هناك أكبر عدد من المصلين ليشكروا بصلواتهم ويحمدوا عظمة الرب . إن أعظم أمر يقوم به المؤمن هو العبادة . يضع البعض اليوم , الخدمة أولاً , ولكن كلمة الله توضح أن نصيب الرب يجب أن يعطى أولاً : "حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ﭐذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُد " ( مت 4: 10) . أول أمر فعله نوح عند خروجه من الفلك هو بناء مذبح ( تك 8 : 20) . إن هذه الأمور هي البناءة , فإذا أدركنا أكثر عظمة إلهنا عندها فإن " ذبائح الحمد " و " ثمر شفاهنا " ستكون أكثر فعالية إذ إجتمعنا إليه .
ب) التأمل – اللهج بكلمة الله
" ... ذكرنا يا ألله ... " (عد9)
نرى في عدد 9 أناس في محضر الله ( الهيكل) , منحصرة أفكارهم برحمة الله . ليس فقط عظمة الله ومجده , بل نعمته أيضاً التي تحتل قلوب شعبه . إن الكلمة المترجمة " ذكرنا " بالعبرية هي : " דמינו " , تحمل معنى الإعتبار والمقارنة والتخيل . كم هو مبارك أن نجلس بهدؤ بمحضر الرب متأملين بعظمته , مستريحة افكارنا بنعمته التي لا تستقصى . إن هذه الممارسة ستصحح بعض جوانب تصرفاتنا خللا إجتماعات كسر الخبز خصوصاً . هناك من يظن أنه ممنوع أن يكون لحظة سكوت في الإجتماع , فيفضل البعض برنامج مليء بالترانيم والقراءة والصلوات حيث لا يترك مجالا للتأمل بمجده ونعمته . لقد عنف بولس الرسول مثل هذه التصرفات إذ قال : " فَمَا هُوَ إِذاً أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ؟ مَتَى ٱجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ لَهُ تَعْلِيمٌ لَهُ لِسَانٌ لَهُ إِعْلاَنٌ لَهُ تَرْجَمَةٌ: فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ" ( 1كو14 :26) قد يفهم البعض أنه مجرد تفضيل ولكن روح الآيات واضح بأنه يعنف الفعالية المفرطة بالإجتماع . إن الفكرة هي بضرورة حضور كل أخ أو أخت الى الإجتماع جاهزاً للعطاء للرب . فإذا قضينا أوقات أكثر خلال الإسبوع متأملين بعظمة الرب ومجده ونعمته سنستطيع عندها أن نفتح سلالنا ونعطي للرب النصيب الذي يستحقه في اليوم الأول من الإسبوع . صورة رائعه للعبادة نراها في سفر أستير : "فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ أَعْطَى ٱلْمَلِكُ أَحْشَوِيرُوشُ لأَسْتِيرَ ٱلْمَلِكَةِ بَيْتَ هَامَانَ عَدُوِّ ٱلْيَهُودِ. وَأَتَى مُرْدَخَايُ إِلَى أَمَامِ ٱلْمَلِكِ لأَنَّ أَسْتِيرَ أَخْبَرَتْهُ بِقَرَابَتِهِ"(أس8 :1 ) . يجب أن نخبر الآب عن ذاك الذي تألم خارج الباب والذي أصبح أعظم من هامان , والذي أكرمه الملك و وأن نضع أمامه ما يعنيه الرب يسوع المسيح لنا .
ج) الترويج – التبشير
" .. تحدثوا بها جيلاً آخر .. " ( عد 13) .
لأجل إستمرارية أي إجتماع يجب أن يكون هناك ترويج – تبشير وإهتماماً " بالجيل الآخر" . هذه هي ممارسة الصالح الذي : " ... يُورِثُ بَنِي ٱلْبَنِينَ وَثَرْوَةُ ٱلْخَاطِئِ تُذْخَرُ لِلصِّدِّيقِ" ( أم 13: 22) وهذا ما فعله بولس مع تيموثاوس : "وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاساً أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضاً" ( 2تيم2 :2 ) . لنحذر عندما نقدم للجماعة أمراً سيسبب الحزن للجيل الآتي . إن الأمور التي يجب أن نورثها للجيل القادم تلك التي إمتحنت ووجدت صحيحة تعليمياً . وهذا ما نقرأه في القسم الأخير من المزمور : الأبراج , المتاريس والقصور . ليست هي بالأمور الجديدة أو العابرة أو المستحدثة , بل هي مبان ثبتت أمام إمتحان الزمن . من المحزن أن نرى اليوم ( أحيانا) طرق جديدة وعالمية , تقدم كطرق للتسلية وممارسات ستقود حتماً الى السقوط ولن تصمد في المستقبل . تعطينا تلك الأمور الثلاثة توجهات مختلفة لإرشاد شعب الرب :
الأبراج
تذكرنا بالأماكن التي ننظر منها الى الخارج – إشارة للتبشير . علينا إرشاد المؤمنين بالطرق والوسائل المثبتة جدواها . إن المؤمن الذي يعمل في حقول التبشير يحزن إذ يرى الوسائل العالمية تستخدم بنية إستقطاب غير المخلصين . ذلك حال إبراهيم وسارة , عند عجزهم التام , بإنتاج حياة بعيداً عن قوة الله , فأنجبا إسماعيل مع مشاكله ( حتى اليوم ) . لا يقدر البعض اليوم أن ينتظروا عمل الله وبغيرتهم ( أمام عجزهم الكامل ) يحاولون إستعجال عمل الله . يجب ألا نخضع للمساومة , لتتأسس أعمالنا على الكلمة المقترنه بإنتظار صبور له . كيف لنا أن نربط بين رسالة الإنجيل الرصينة بأمور أخرى ( كالأفلام والرقص وغيره ) لنجعلها أكثر جاذبية للناس ؟ كيف لنا أن نستبعد التوبيخ الملازم للتبشير على الخطية ؟ لنتمثل بالكتاب بهذا الأمر !!
المتاريس
إنقصال المدينة عن أي شيء آخر ( ولكن ليس الإنعزال عن المجتمع , أنظر 2كو6: 14 – 7 :1 ). يا ليت هذا يعمل بقوة داخل قلب كل مؤمن ! يتجه كل العالم نحو الاتحاد والعالمية, فلنتمسك نحن بحق الإنفصال . كم سيسبب من رجفة لقلب الله عندما يرى أولئك الذين إشتروا بثمن مرتبطين بأمور قد حكم عليها بالدينونة ؟!! أو مع أيد ملطخة بسفك دم إبن الله . يقول خادم المسيح الحقيقي : "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ ٱلْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " (غل 6 :14) .
إن مسيح الصليب هو الذي فصل بين بولس وخطاياه , ولكن صليب المسيح هو الذي فصله عن العالم .
القصور
هو مكان الراحة والتمتع داخل أسوار المدينة . إن أولئك الذين لديهم المحبة للإجتماع هم المستمتعين بمحضر الرب بكل الإجتماعات المعدة لبركة المؤمنين . من واجبنا إقناع المؤمنين بضرورة إخلاصهم للإجتماع ووجوب المثابرة على حضور الصلوات حتى يجدوا الراحة والانتعاش بشركتهم القريبة من الرب والمؤمنين .
كثيراً ما يحدثوننا عن التجديد وأن العالم من حولنا دائم التغير , وألا نكون " دقّة قديمة " . إن الجواب لمثل أولئك في العدد الأخير : " يَفْرَحُ جَبَلُ صِهْيَوْنَ تَبْتَهِجُ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ " ( مز 48 : 11) .
إننا نثق بنعمة الله القادرة أن تشدد " ما بقي " , وأن تستمر شركة شعب الرب مع الله بكل ثبات حتى مجيء الرب.