كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الرجال الذين يدعوهم الله


" وَكَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ فِي الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ أَنْبِيَاءُ وَمُعَلِّمُونَ: بَرْنَابَا وَسِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى نِيجَرَ وَلُوكِيُوسُ الْقَيْرَوَانِيُّ وَمَنَايِنُ الَّذِي تَرَبَّى مَعَ هِيرُودُسَ رَئِيسِ الرُّبْعِ وَشَاوُلُ.وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ».فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا.فَهَذَانِ إِذْ أُرْسِلاَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ... "
يعطينا أعمال الرسل – بصفته مجموعه من الحوادث , المنتقاة روحيّاً – بعض السجلات للايام الاولى لتاريخ الكنيسة وبه فائدة عظيمة لتطوير حياة الكنيسة وامتداد ملكوت الله . لنقرأ أع 13 : 1 – 4 أ , حيث نرى هنا وصفا – ولو بكلمات قليلة – للحق المتعلّق بدعوة الروح للخدمة وهو موضوع مهم جداً في عمل الرب . لم تسجل هذه الحادثة في سياقها التاريخي فقط لتعطينا الخطوات الاولى في حياة خدمة الرسول العظيم , ولكنها تتضمن أيضا مبادئ فعالة يمكن تطبيقها على دعوة خدّام الله بكل الازمنة .

صفات الرجال الذين يدعوهم الله
يمكن درسها منالعدد الاول . لقد كانوا رجالا معترف بمكانتهم وجزء من كنيسة إنطاكية . لم يكونوا أفراداً إستخدموا الكنيسة كمكان مريح , متباهين بكونهم " خدّام – أحرار " لله . لقد ادركوا ـنهم منتمين لكنيسة محليّة عاشوا وعملوا في وسطها , لذا فإن روح الله , عندما يحتاج رجالاً للخدمة , يجد تلك الاواني في الكنيسة ( وايس بكليّات اللاهوت – أنظر دعوة أليشع ) . يا له من درس روحي مهم جدّاً لنا حيث نرى الحق المتعلّق بالكنيسة المحليّة آخذ بالاضمحلال بهذه الايام.
لقد كانوا رجالاموهوبين ( أنبياء ومعلّمين ) معروفين ومعترف بهم من القدّيسين . لا تصنع المواهب الروحيّة بيد إنسان , ولكنها تمنح بواسطة الرب المقام والمنتصر : " وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. لِذَلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْياً وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ. وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ،" ( أف 4 : 7 – 11 ) وتوزّع علىالافراد بالروح القدس حسب مسرّته : " وَلَكِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ قَاسِماً لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ كَمَا يَشَاءُ " ( 1 كو 12 : 11 ) . يجب عدم إقتحام اي عمل مسيحي – بغض النظر عن نوعيّته – لاشباعه رغبات شخصيّة , ولكن إن فعلنا – وهو الدارج اليوم – فلا بد وأن تتأذى شهادتنا !!
كم هو ضروري لنا كمؤمنين شباب التدرّب أمام الرب , بالموهبة أو المواهب الخاصة التي أعطيت لنا , حيث يتميز العمل من ثماره يعرف ! وكم هو ضروري لنا كشيوخ مراقبة برهان المواهب بحذر وعناية وتشجيع ممارستها واستخدامها !
يجب أن تمارس الموهبة وتتطوّر أولا علىالصّعيد المحلّي . لقد أعطى أولئك الاخوة الخمسة أنفسهم بفرح لتعليم الحق الالهي ( بالتّعليم ) وإظهار فكر الله بوضوح وجلاء ( النبوة ) . ‘ن الرجال والنّساء الذين يستثمرون أوقاتهم بالامور الالهيّة – هم أكثر الاشخاص ملائمة حتى يفرزوا
لخدمة الرب .يجب أن نلاحظ الجهد الروحي وتشجيعه وحث الباب على الاهتمام بأمور الله , والامتناع عن توكيلهم بأي عمل أو خدمة لمجرّد " أن حان دورهم للعمل !" . لقد عمل هؤلاء الرجال في كنيسة إنطاكية بتناغم كامل كفريق روحي وهذا الفرق ضمّ :
برنابا – وهو لاوي قبرصي الجنس , كان ذات نرة ميسور الحال , ومعتبر بين الاخرين وأيضاً بكونه قائداً بين الاخوة .
سمعان – والذي يدعى نيجر , لربما يكون من الملوّنين الافارقة .
لوكيوس – من مدينة القيروان .
مناين – والذي تربى مع هيرودس – رئيس الربع , ذا علاقات مثيقة مع البلاط الملكي , ومن طبقة أرستقراطية راقية .
بولس – اليهودي سابقاً , روماني الجنسية , المتجدد حديثاً , ذو باع طويلة في الدوائر الدينية اليهودية .
يا له من تنوع نادر – ولكن كان هناك تناغم مفرح . تعلم كل واحد منهم سر الوحدة بالعمل مع إخوته . يستخدم الله – بشكل قليل جدّا ً – أولئك الذين يلزمون أنفسهم بالقوانين الجافّة , ولكن بالمقابل يبحث عن أولئك العاملين معاً بفرح تحت نفس النّير .
أخيراً , وفي حالة بولس , فإن التواضع هو الصفة التي تشد إنتباهنا . لقد إختار الروح القدس شخصين : واحد من أول القائمة والثاني من آخر\ها ! إن شاؤول , ذلك المتكبر والمتعصّب دينيّاً يحسب هنا الاخير " كالسّقط " . تتبّع الايات اللاحقة ولاحظ الترتيب : " برنابا وشاؤول " ( عد 2 و 7 ) فهو ما زال بالمؤخّرة , ولكن كقول الرب عن الذين يبحثون عن المكان الاخير لا بد وسيكرمه بالمكان الاول . ولكن بعد عدد 43 وما بعده ( باستثناء مرة أو مرّتين ) تغيير الترتيب وأصبح " بولس وبرنانبا " , فأخذ بولس القيادة وأما برنابا فاختفى من المشهد . إن المبدأ الالهي : من ينكر نفسه يجدها " , ينطبق أيضاً في مجال الخدمة . دعنا نحتل بالفعل المكان الاخير ( وبدون تمثيل زائف ) لان عند الله , الاخير سوف يكون أوّلاً . لذا فالصفات التي يجب أن نبحث عنها فهي :
1) الاخلاص لبيت الله .
2) الموهبة الممنوحه من الله والتي تمارس تحي سلطانه .
3) التناغم مع الاخرين بالعمل والشهادة المحليّة .
4) التواضع الشخصي بخدمة الرب .
بالنظر الى أع 13 : 2 نتعلم عن :

سلوك الرجال المدعووين من الله
لقد جاء صوت الروح بينما كانوا يخدمون الرب ويصومون . لقد كانوا مشغولين بالرب في كنيستهم الخاصة , يعملون العمل المطلوب منهم بكل فرح وجديّة . يتوقّع الكثير من الشباب عمل أمور عظيمة لله في حقول بعيدة , وأحياناً يفشلون في ملاحظة أو الاهتمام بالعمل الروحي بالقرب من ابواب بيوتهم – في شوارعهم الخاصة المحيطة بكنائسهم .
إن الله يدعو رجالا لخدمة أوسع مجالا من تحمل عبء الخدمة في كنيسته المحليّة , حيث أعطوا أنفسهم للخدمة في جوارهم القريب , منفذين أي عمل – مهما كان متواضعاً – بصفته خدمة للرب , ويعملونه بتضحية ذاتية ( " الصوم " ) . هؤلاء الاشخاص الذين تحتاجهم الكنيسة , ويحتاجهم الله . هم أكثر الاشخاص الملائمين للدعوة الى عمل أعظم ومسؤوليات أكبر . يا ليت يهتم الشباب المؤمن بإظهار أشواق في عمل وشهادة كنيستهم الخاصّة – إذا أرادوا الفوز باستحسان الله والناس ! لمحة أخرى نراها في عدد 2 و 4 إ عن :

الوضع الروحي لرجال يدعونهم الله
من الواضح جدّاً أن الرجال أنفسهم والكنيسة التابعين لها , يمتلكون آذان مرهفة السمع , قادرة على سماع أنفاس الروح القدس وهمساته , وذوي قلوب طائعة لوصاياه عندما تعرف . لقد عاشوا في علاقة حميمة مع روح القدس وعملوا بوحدة معه . عندما دعى الروح , أدرك الصوت حالاً من قبل الجميع وتأكّدت مشيئته . إن الرجال والنّساء الذين يحتاجهم الله اليوم , وسوف يستخدمهم بكل تأكيد , ليس أولئك الذين لديهم قدرة فائقة على التّنظيم , أو أصحاب الافكار الجديدة , أو الذين يحاولون وضع قوانين ودساتير لعمل الله – ولكن رجالاً مهتمين برهافة الحس للروح القدس ويتحرّكون دائماً وفقط بحسب إيحاء من الروح القدس . لقد قبلت مشيئة الله دون تردد , وفي عدد 4 نرى التجاوب السريع مع تلك الرغبة . يجب أن نلاحظ مثل أولئك الاشخاص : حياتهم تحت سيطرة روح الله .

إعتبار الكنيسة لمثل أولئك الرجال
هذا نراه في عدد 3 . لقد إختار الله إثنين من أولئك الرجال الخمسة العاملين بين القديسين لمهمّة , وفازوا - بدون شك - أيضاً بثقة كل الكنيسة .لقد ظهر هذا بالتجاوب السريع للكنيسة حيث صاموا وصلوا حالا لاجلهم وأظهروا إستعداد ووحدة قلب معهم وذلك بوضع الايدي . إن أكثر الرجال ملائمة وفعّالية لخدمة الله – أكانوا في الكنيسة أو خارجها – هم ذوي أحشاء لشؤون الله وشعبه , السّائرين بسلوك روحي متشبّهين بالمسيح , ففازوا بمكانة حميمة في قلوب القدّيسين . هؤلاء هم الرّجال الواجب تشجيعهم بخدمة الله . كلمة أخيرة , ماذا يجب أن يكون :

توجّه المؤمنين نحو أولئك الرّجال
المفروزين من قبل الله لخدمة أوسع – بصورة أكبر أو أقل – بغض النّظر عن ماهية تلك الخدمة , كانوا ذوي حضور قوي وفقدانهم قد يسبب خسارة للجّماعة ؟
نقرأ في عد 4 أن بعدما صاموا وصلّوا وضعوا عليهما الايدي : " أطلقوهما " . يشير هذا لاعفاء بسلام من القيادة الروحيّة , وموافقة كاملة فيما يتعلّق بذهابهم . لقد صاحب هذا الاطلاق الكثير من عبارات التّشجيع والتمنّيات لعمل الله , عند ذهابهم – لقد كانت قلوبهم معهم , صلواتهم لهم وأحشائهم واهتماماتهم لهم . عندما يدعوا الرب شبابا لخدمة أوسع , يتّهموا أحياناً بعدم الامانة لمسؤوليات الكنيسة المحليّة . ليحذر أولئك الاشخاص كي لا يوجدوا معاندين لله دون معرفتهم .

الخلاصة
لنفحص هل يوجد في وسطنا شاب يظهر موهبة من الله ويستغل كل فرصة لينمّيها ؟ هل نلحظ توجّهات قلبه للكنيسة التي وضعه فيها الله ممارساً موهبته بفرح وتواضع القلب ؟ هل يبدي الاستعداد القلبي للعمل بتناغم مع إخوته , غير طالب الامور المتعالية على حسابهم ؟ وهل يبدو أنّه يملك حسّاسية روحية عميقة , طائعاً توجيهات روح الله ؟
إذاً , دعونا نشجّعه ونلاحظ طرق الله في حياته . يا ليت كل شاب / شابّة مؤمن يجتهد حتّى يحوز على تلك المبادئ السّابقة التي ذكرناها , المبنيّة على الكتاب المقدّس , حتى أن الله – وفي كل الاوقات – يعمل مشيئته بالكامل فيهم
.