كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



معنى الصّليب اليوم

1) بقرب الصّليب
" إنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ" ( يو 1: 26 ) .
" وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ أُمُّهُ وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفاً قَالَ لِأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ هُوَذَا ابْنُكِ»( 19 : 25 و 26 ) .
تشير الشواهد السّابقة أن إتّباع المسيح وتعريف أنفسنا بصليبه يعني أن تضطرم أحشائنا الروحيّة نحوه . إنّ بعض النسوة والتلميذ الذي كان يسوع يحبّه – بوقوفهم عند الصّليب - مثّلوا في ذلك اليوم , جماعة خاصّة - لما هرب الجميع - قادتهم أحشاؤهم الى الصّليب سريعاً . عندما زفّت السّاعة إقترن بها الرّفض , الخزي والعار . كم كانت مباركة هذه الجماعة الصّغيرة بعيني الله عند وقوفهم بجانب صليب ربّهم بتلك المحبّة التي سمت على كراهيّة البشر وبغضهم .
أيّها الحبيب , هل صلتك بصليبه فقط بسياقه التّاريخي , أم إقتحم حياتك بقوة روحيّة ؟ هل يمتلئ قلبك بالحب نحو ذاك المعلّق , بكل ما يتضمّنه من معاني تطبيقية لحياتك , والذي يهيّؤك حاليّاً للوقوف بجانب الصّليب , مطبّقاً في حياتك تعاليم الرّسل المبنيّة على الصّليب ؟ يا ليت نحفظ قلوبنا ليطبع الروح القدس على حياتنا محبة الله الرائعة التي تجلّت بالصّليب .
2) على الصّليب مع المسيح
فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّةِ لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟ أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ.لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضاً بِقِيَامَتِهِ.عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضاً لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضاً مَعَهُ.عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضاً. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ.لأَنَّ الْمَوْتَ الَّذِي مَاتَهُ قَدْ مَاتَهُ لِلْخَطِيَّةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْحَيَاةُ الَّتِي يَحْيَاهَا فَيَحْيَاهَا لِلَّهِ. (رو 6 : 1- 10 )

نقرأ هنا عن وصيّة العمّاد بارتباطها بالصّليب . بينما مشيئة الله لكل مؤمن أن يعتمد إعترافاً بسلطة كلمته المقدّسة , يبدو أكثر بركة إدخال المعنى الحقيقي لهذا الاختبار. تعطينا رسالة رومية الوجهة الإختباريّة لهذا الحق . ماذا يعني هذا ؟ لقد كان الصّليب , أو الصّلب , عقابا شديداً تبنّاه التّشريع الروماني : الصلب يعني حكم الموت , لا أمل أو رجاء للمصلوب , فإنّ نهايته محتومة . لقد جعل الله هذا القصاص القضائي كجزء من الحق الروحي . لقد أصدر حكم الموت على " الانسان القديم " ( هذا يعني طبيعتنا الخاطئة أو مبدأ الشر الذي يعمل في طبيعتنا السّاقطة – " الجسد " ) بالمفهوم العام . لذلك نتعلم في الصّليب أنّه لا يوجد لدى الله أي قصد في إصلاح أو إعادة تشكيل طبيعتنا القديمة , بل أنّه أدانها بالتّمام كشيء لا يستحق الحياة . نتعلم في الصّليب أن الله أحضر طبيعتنا الخاطئة الى الفناء ( من الناحية الاخلاقيّة ) .
إننا نتكلم هنا عن موضوع عملي جدّاً , إن سمحت للخطيّة أن تعمل في حياتي , فأنا أسمح لامر أن يعمل - مات الرب لكي يبعده عني !يا له من تأثير جدّي على معموديتنا لو آمنا بهذا الامر حقّاً ! يا ليت نعيش أبداً على ضوء معموديّتنا , وبهذا , لن نخطء أبداً . إن الدفن هو الذي يعقب الموت وقد ذكر لاول مرّة في الكتاب عندما إشترى إبراهيم مغارة المكفيلة من أبناء عفرون لدفن ميّته من أمامه . هذا هو المكان الذي يريده الله ليكون فيه " الانسان القديم " : يموت ويدفن من أمامه . عند الخروج من ماء المعموديّة نحضر الى ضوء القيامة ونوضع تحت الالتزام الادبي لنعيش لله ونسير في جدّة الحياة .
3) موت الصّليب
فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ. إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ. إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ. إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ، فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْراً وَاحِداً وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئاً وَاحِداً، لاَ شَيْئاً بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضاً. فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً:الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ.لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ.وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. ( في 2 : 1 – 8 )
إن هذا الوجه من الصّليب لا علاقة له بالخطيّة – التي لم تذكر قط بهذه الرّسالة .يجب ألا يرعب هذا الامر المؤمن , بل يجب أن يجعله أكثر نشاطاً ليعرف ويتعلم مشيئة الله لهذه الوجهة الخاصّة من الصّليب . يعلمنا الصليب في الرسالة لاهل فيليبي كيفيّة التّصرف بالاجتماع المحلّي , خصوصاً فيما يتعلّق بالخدمة فيه . لذلك , فإن الوصيّة بالامتناع من عمل أي شيء بخصام وعجب يشير الى وجود عناصر سببت إزعاجاً لخدمة الله . في الحقيقة , عند كتابة الرسالة بدأت تظهر بوادر لازمة قادمة . إن الاشارة الى الاختين في 4 : 2 " أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْراً وَاحِداً فِي الرَّبِّ " أفودية وسنتيخي , يشير الى ضلوعهما بهذا الامر : إشاعة عدم السّلام في الجماعة حتى باتت في خطر محدق . هذا هو الذي دفع الرسول الى كتابة هذه الكلمات في الاصحاح الثاني , والتي لا تجد لها مثيل في أي مكان آخر في الوحي المقدّس . تتفرّد هذه الاقوال بوصف إتّضاع المسيح من مجده الالهي حتى موت الصّليب . ينهي بولس كلماته تلك بطلب خطير : " ليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح " . لقد كان فكر المسيح النزول الى المكان حيث نستطيع أن نراه .
أيها الاحبّاء ! إذا سمحنا للكبرياء أن يعشش في قلوبنا , فلنتعلم معنى الصّليب من جديد . وكيف يكون هذا ؟ لمعظمنا إختبار( في كنائسنا ) حيث واجهنا حالات مستعصية حلّها الوحيد هو التّنازل عن حقوقنا الشخصيّة ( ولكن ليس عن أي مبدأ إلهي ) , والتواضع الكامل بدون شروط وبدون الاحتفاظ بأي نوع من الكرامة . كيف لنا أن نرقى الى هذا المستوى ؟ لنتذكر , يا أبناء الله المحبوبون , أنّه كلما تنازلنا بهذه الطّريق وتواضعنا الى مكان منخفض, فلا بد أن نجد شخصا آخر قد سبقنا الى ذلك المكان! إن طاعة الرب وخدمته قاداه الى الصّليب ! هل يستطيع بعد هذا أن يتواجد الكبرياء في قلوبنا , أو المخاصمة والمجد الزّائل , أم المرارة والتذمّر عندما نتعلّم حقيقة معنى الصّليب ؟ كم هو صحيح بالنّسبة لنا عندما نرنّم قائلين :
في الصّليب في الصليب راحتي بل فخري
يا لهذا الامتحان ( الصّليب ) لنا كما لنموّنا الرّوحي ! إذا فالصليب بحسب فيليبي هدفه كشف فكر المسيح . وعندما نتعلم هذا الدرس نستطيع تتميم الوصية الرسوليّة : " تمموا خلاصكم ( أي : خلاص الجّماعة كشاهدة محليّة ) بخوف رعده , لان الله هو العامل فينا لنريد ونعمل لاجل المسرّة
4) قتل العداوة في الصّليب
" أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَاناً وَاحِداً جَدِيداً، صَانِعاً سَلاَماً، وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي
جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ. ( أف 2 : 15 , 16 )

يساعدنا سياق الفقرة على فهم وجه آخر للصّليب . لقد كُشِفَ السر المكتوم قبل الدّهور , بواسطة الرّسول وهو أنّ اليهود والامم أُحضِروا سويّة لجسد واحد . فإنّ العداوة هي التي فصلت بين الاثنين قبلاً , بسبب النّاموس , والّذي قد توقّف مفعوله الان !
إن النّاموس هو الذي أعطى اليهودي ذلك الامتياز على الاممي والذي حسب نفسه أفضل منه ( بحسب العهد القديم !) وحسبه بين الكلاب !!
لقد جعل منهم هذا الناموس شعباً متكبّراً , ولكن الان وعلى ضوء الاعلان الجديد فقد أزيلت الفوارق بين الامم على الصّليب : فإن ذلك اليهودي المميز والاممي المستبعد إحتاجا للمصالحة مع الله . لقد تهاوى حائط السياج المتوسّط في الصّليب . يعلّمنا هذا الحق , أن في الكنيسة لا مكان للتّمييز العنصري بل جسداً واحداً , جاعلاً الاثنين إنساناً واحداً جديداً ! بينما يجد سياسيّي هذا العالم ( أحياناً ) لب المشكلة في التّمييز العنصري , دعونا نحن , في التّدبير الحاضر , المدعويين بنعمته , نفرح بهذا أننا نشكّل جزءاً من ذلك الجسد المبارك ! هل لهذا المبدأ الاساسي ( ذا التوجّه العام في أفسس ) مكاناً في كنيستنا المحلية ؟ نعم ! إنّ كل أمر يفرّق بين المؤمنين – والتفرقة أمر يحب الانسان فعله والموجودة بهذا العالم بأشكال عديده – قد أزيل في الصّليب . يا ليت تتجاوب قلوبنا بطريقة عمليّة ونجتهد بالتّعبير ( الضروري ) عن محبّتنا لاولئك الّذين من الشعوب الاخرى في جسد المسيح وعن كنائسنا المحليّة . دعونا نرفض المسافات التي يخترعها البشر فيما بينهم , محتضنين الجّميع بمحبّتنا وأحشائنا , بكوننا بجسد المسيح الذي قتل " العداوة به " .
5) عثرة الصّليب
" أَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذاً عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ "
" جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَراً حَسَناً فِي الْجَسَدِ، هَؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَط "
(غل 5 : 11 و 6 : 12 )
لا تعتبر رسالة غلاطية إعلاناً مباشراً بل على العكس , هدفها إرجاع وإحتلال من جديد للارض الضّائعة التي سحبت من تحت أرجل الغلاطيين ! لقد إبتعدوا عن التّعليم الاساسي المختص بالايمان . لقد إتّهموا بالخضوع للمتهوّدين الذين علّموهم بضرورة حفظ الناموس لتبريرهم . إنّ طبيعة النّاموس المدقّقة هدمت طابعهم المسيحي !
في 2 : 16 " إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا " يعلمنا أن الاعمال لا تبرر المؤمن وفي 4 : 19 " يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ " أن النّاموس سيسلب أي علامة للمسيح في شخصياتنا , وفي 5 : 15 " فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً" أن هذا سيدمّر علاقاتنا مع إخوتنا , وهكذا لن يبقى شيء . دعونا نتيقّظ من كل هذه المخاطر . في الايات 5 : 11 " وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذاً عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ " و 6 : 12" جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَراً حَسَناً فِي الْجَسَدِ، هَؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ " يأخذنا مباشرة لطقس الختان والصّليب – المناقض له بصورة عمليّة ! إنّ هذا , كما يبدو , يرمز لموقف المؤمن من الطقوس والاحتفالات . فالختان يترك أثره في جسد الانسان وينتج أمراً يفتخر به . بحسب 1 : 4 " الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ " بذل السيّد نفسه لينقذنا من العالم الحاضر الشرير وفي 6 : 14 " وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " يتكلّم عن نفسه كالمصلوب عن العالم . إن مفهوم كلمة " العالم " التي ذكرت بالفقرات السابقة , هو بحسب ما أعطي بالنّظام اليهودي ( الاخذ بالاضمحلال ) وهو المعنى الاولي المرتبط به في الاصحاح السّادس من غلاطية .
ألا يشبه هذا , الوضع بجهاز النظام الديني العالمي في المسيحيّة الاسميّة ؟ هناك العديد من المؤمنين ونحن نحبّهم لاجل خاطر الرب , ولكن من واجبنا رفض الانظمة غير المقدّسة مع المتورّطين معها . يا ليت عثرة الصّليب بهذا المفهوم لا تتوقف أبداً ! إذا أحسسنا أن إرتباطنا مع شعب الله , المجتمعين الى إسمه , يتميّز بأمور خارجيّة تبدو غير مهمّة , لنجد تعويضنا بهذا , قائلين مع الرّسول : " وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " .
6) كلمة الصّليب
" فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ "
( 1 كو 1 : 18 )
إن الصّليب لليهودي غير المؤمن حجر عثرة , أمّا للمتفلسف اليوناني فهو غباوة . إنّ كلمة الصّليب تعني أنّه لا يوجد أي دور للانسان , أكان متديّناً أم مثقّفاً , وهي تتحدّى الانسان أيّاً كان ! إنّ التّعليم عن الصّليب بفعّاليّة , بحاجة الى قوّة ومحضر الله . إن الصّليب, بكل قوته الفريدة , سيبقى بمعزل دائماً عن الوسائل الرّخيصة الموجودة في طرق الوعظ الحديثه . لا يوجد أحد بمشيئة الله قادر على تمجيد الصّليب أو جعله مقبولاً للانسان الطّبيعي , إذ أن الصليب يضعه في التّراب . قد تعتبر كلمة الصّليب جهالة , أو الواعظ مغفّلاً ولكن للمخلّصين فهو قوّة الله . لذلك ربط الله في كلمته المعصومة بين الصّليب والخلاص .
يا ليت رسالة الصّليب تسكن في قلب كل ممارساتنا الروحيّة بأعمالنا الانجيليّة . صحيح أن هذه الرسالة تفضح الانسان بكل ما فيه بنظر الله , ولكنها تقدم أيضاً خلاصاً تامّاً لاولئك الّذين يؤمنون.